الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
Pieces of a Woman.. عن تراجيديا الفقد

كيوبوست- عبيد التميمي
“Pieces of a Woman” هو فيلم درامي، من كتابة كاتا ويبر، وإخراج كورنيل موندروسو، وبطولة فينيسا كيربي، وشايا لوبوف، وإيلين بيرستن، ومولي باركر. يتحدث الفيلم عن مارثا “فينيسا كيربي”، والمصاعب النفسية التي تواجهها بعد نهاية ولادتها المنزلية بوفاة ابنتها بشكل مفاجئ. الفيلم يكرس نفسه لدراسة حالة الفقد التي تعانيها البطلة مارثا، وكيفية تعاملها مع الكم الهائل من الحزن الذي يعصف بحياتها ويدمر علاقاتها.
المثير للاهتمام في هذا النوع من الأفلام هو كمية الطرق التي يمكنك فيها معالجة موضوع الحزن والفقد، وكمية التجارب الشخصية والخبرات التي تتراكم لتكوين المنتج النهائي. أفلام مثل: Mystic River، We Need to Talk About Kevin، Manchester by the Sea؛ جميعها أفلام تعاملت مع موضوع الحزن والموت والإحساس بالذنب بشكل مختلف، صحيح أن أول فيلمَين تضمنا طابع جريمة؛ لكن الثيم الرئيسي لها كان دائماً يتضمن كيفية الصراع البشري مع الحزن أياً كانت مسبباته.

لا يمكن الحديث عن هذا الفيلم دون ذكر افتتاحيته العظيمة، إحدى أفضل الافتتاحيات التي شهدتها السينما في السنوات الأخيرة، يستغرق الفيلم نصف الساعة في عرض مشهد الولادة الطبيعي بكل التفاصيل الصغيرة. ورغم معرفتي بأنه سوف ينتهي بموت الطفلة المولودة؛ فإن مقدار القلق والتوتر الذي كنت أشعر به كان لا يوصف، يتبع الفيلم أسلوب الـTracking-Shot وهو يلاحق الزوجَين في أنحاء شقتهما، تزداد نبرة التوتر والقلق مع اقتراب موعد الولادة المشؤوم، وتظهر القيمة الإنتاجية التي تصور المشهد بشكل واقعي للغاية؛ مما يزيد من حدة التوتر والقلق الحادة بالأساس، ولا يمكن إنجاح هذا المجهود الاستثنائي دون أداءات رائعة جداً من الممثلين الثلاثة؛ فينيسا كيربي بدور الأم، وشايا لوبوف بدور الأب، ومولي باركر بدور الداية. مشهد افتتاحي ساحر بواقعيته وحدته الصادمة، ينقل لك كل مشاعر القلق والخوف من المجهول الذي يشعر به الزوجان.
مقابلة مع المخرج والكاتبة وطاقم التمثيل:
قد تكون المشكلة الأساسية التي عاناها الفيلم هي عدم قدرته على تكرار نفس الأجواء التي رافقت مشهده الافتتاحي، وفي الحقيقة أنا لا ألوم صانعي الفيلم على هذا الأمر؛ لأنه من شبه المستحيل تكرار ذلك المشهد بنفس الوتيرة ونفس الحمل الدرامي الذي يرافق وفاة طفلة رضيعة بعد وفاتها. لكن بعد نهاية المشهد الافتتاحي فجأة بدأ يتشتت الفيلم في الإبقاء على هويته، ويتنقل باستمرار بين كونه فيلماً واقعياً يصادم بين شخصياته، ويخلق مواجهاتٍ ضارية بينها باستمرار، وبين فيلم تأملي يركز على رحلة بطلته في تخطي وفاة طفلتها.
اقرأ أيضًا: “”Nomadland.. الاستقرار الأمريكي أو انعدامه
ومن الممكن جداً أن يكون هذا التشتت في هوية الفيلم مقصوداً لإظهار التفاوت بين واقع البطلة وروتين حياتها بعد فاجعة الفقد التي عانتها، وبين مساحتها الشخصية المليئة بالتأمل والتفكير في ما آلت إليه الأمور.
مشهد من الفيلم:
مع ذلك، لم يسبب هذا التشتت بين الحالتَين ضعفاً في أي منهما؛ كان التصوير ينتقل بسلاسة بين الواقعية والمشاهد المصورة بكاميرا محمولة تتبع الشخصيات، وبين التأمل والمشاهد بالعدسات الواسعة التي تظهر شخصية مارثا وحيدة في محيطها. الأهم من ذلك كله أنه في كل مرة يعيدنا الفيلم إلى الثيم الواقعي البحت؛ نشاهد عودة صارخة لأداءات الممثلين، فينيسا كيربي قدمت أداءً مذهلاً، وإيلين بيرستن ظُلمت بعدم ترشحها لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة.
اقرأ أيضًا: A Serious Man.. محاولة إيجاد المعنى
التشتت بين ثيم الواقعية والتأمل كانت نتيجته نهاية بنبرة تفاؤلية للفيلم، أمر لم نعتده من الأفلام التي تبدأ بنفس الدرجة الساحقة من الواقعية كما حصل في هذا الفيلم؛ لكن أداءات الممثلين والمشهد الافتتاحي العظيم هي أمور تستحق المشاهدة بلا شك.
إيميل الكاتب: [email protected]