الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة

House Of The Dragon.. زيارة جديدة إلى عالم ويستروس

كيوبوست- عبيد التميمي

على الرغم من فشل الموسم الأخير من “Game of Thrones“؛ فإن ذلك لم يمنع شبكة “HBO” من تجديد ثقتها في الكاتب والروائي الأمريكي جورج ر.ر. مارتن، فهناك اقتناع وإيمان تام بجودة المادة الأدبية التي ينتجها الكاتب، ولذلك شهدنا صدور مسلسل “House of The Dragon” الذي تم اقتباسه من كتاب “Fire And Blood” لنفس الكاتب. ابتعاد جورج ر.ر مارتن عن مسلسل “غيم أوف ثرونز” في مواسمه الأخيرة حتى في دور المستشار لكتَّاب المسلسل، كان أحد الأسباب المهمة في تردِّي مستوى المسلسل؛ لذلك نشاهده قريباً جداً من عملية صناعة وإنتاج مسلسله الجديد.

“تريلر المسلسل”

يتحدث مسلسل “هاوس أوف ذا دراغون” عن تاريخ عائلة التارغاريان، إحدى أهم وأكثر العوائل تأثيراً في عالم “ويستروس”، وكيف تواجه هذه العائلة تحديات القوة المطلقة التي تمتلكها، وكيف تؤثر هذه القوة في سياسات التحكم بالعرش الحديدي، وما الصراعات التي تتخلل هذه العائلة وتؤثر في سير الحكم. كما عودنا جورج مارتن، فهو لا يجعل من كونه كاتباً خيالياً بحتاً يؤثر على العناصر الواقعية التي تجعل من أسلوب كتابته جذاباً للغاية.

قبل أن يذيع صيت التنانين والوايت ووكرز، ما أنجح “غيم أوف ثرونز” هو الصبغة الواقعية التي اكتسبها المسلسل منذ بدايته؛ فلا يوجد بطل معين بحد ذاته للقصة، ولا توجد حماية للشخصيات المفضلة من مصير مميت لمجرد كونها شخصيات مفضلة للجماهير. والأهم من ذلك كله، هو أنه لا توجد شخصيات خيِّرة أو شريرة بشكل خالص؛ بل هناك دوافع شخصية ودوافع مشتركة وعلاقات معقدة بين أبطال القصة.

“مشهد من المسلسل”

هناك اختلاف واضح في طريقة السرد بين العملَين، ويحرص الكاتبان جورج ر.ر. مارتن وزميله راين كوندال، على سرد العمل بطريقة جدية دون اللجوء إلى النكت والمواقف الهزلية التي اعتاد ديفد بينيوف ودي بي وايس على أن يُشبعا “غيم أوف ثرونز” بها. كما أن هناك قفزات زمنية ضخمة في المسلسل، وقد يعود ذلك إلى اختلاف طريقة الكتابة جذرياً بين سلسلة كتب “غيم أوف ثرونز” (A song of Ice And Fire) وكتاب “فاير آند بلود”.

اقرأ أيضًا: ترجمات: ظاهرة ثقافية يتابعها الملايين حول العالم

يواجه كتَّاب المسلسل تحدياً حقيقياً في تكفير الخطايا التي خلفتها المواسم الأخيرة من “غيم أوف ثرونز”؛ ربما لذلك كان هناك حرص على وجود المخرج ميغيل سيبوتشنيك -الذي كان أحد أفضل المخرجين الذين عملوا في المسلسل السابق- لإخراج الحلقة الأولى وحلقتَين إضافيتَين. كان من المهم للغاية أن يبدد المسلسل أي شكوك في تكرار أخطاء الماضي، وأن تظهر نية صانعي العمل في اقتباس الكتاب على أفضل وجه ممكن دون تجاهل أحداث كبيرة أو لحظات مهمة لتطور الشخصيات. مما لا شك فيه أن الميزانية المرصودة للمسلسل سوف تساعد كثيراً في إظهار أمور لم يستطع العمل السابق إظهارها. على سبيل المثال، كان جورج ر.ر. مارتن مُصراً على دقة تفاصيل وسطوع ألوان شعارات العوائل في عالم ويستروس، كما شدد على الاهتمام بتفاصيل التنانين وكيف أن لكل منها شكلاً ولوناً مختلفاً. الحرص على مثل هذه التفاصيل يعني رغبة جورج في صناعة عالم ينغمر فيه المشاهدون بشكل كامل ومنذ البداية.

“مشهد من المسلسل”

بناء العوالم (أو ما يُعرف بالـWorld Building) من أهم النقاط التي يعتمد عليها أي عمل تقع أحداثه في عالم خيالي للنجاح؛ إنه ما يحدد تفاعل واندماج مشاهديك مع العمل من عدمه، عالم مبني بطريقة مملة وغير جذابة يعني أن البيئة التي صنعتها لشخصياتك هي بيئة غير خصبة، وفي حالة لم تكن لديك شخصيات تجذب المشاهدين، فإن العالم الذي فشلت في بنائه قطعاً لن يساعد على جذبهم.

الاختلاف في طريقة كتابة سلسلة الجليد والنار وكتاب نيران ودماء يشكل تحدياً آخر؛ ففي سلسلته الأصلية، يقوم جورج مارتن بتقسيم الكتاب إلى العديد من الفصول، وكل فصل ينتمي إلى شخصية معينة. بهذه الطريقة، نستطيع كقرَّاء إلقاء نظرة على مكنون الشخصيات وحواراتها الداخلية ومشاعرها تجاه ما تمر به من مواقف؛ مما يسهل وظيفة مَن يقوم باقتباس الكتاب، لأنه سوف يمتلك صورة متكاملة عن الشخصية التي يقوم بكتابتها.

“مشهد من المسلسل”

بينما في “هاوس أوف ذا دراغون” المادة المقتبسة ليست بتلك الدرجة من الشخصية والتفرد؛ بل إن القصة كاملة تتم روايتها بشكل كامل عن طريق شخصيات أخرى عرفت الحدث ولم تعشه شخصياً. بالتالي، هناك تفاصيل كثيرة غير مكتشفة في الشخصيات، وما يدور في داخلها من أفكار ودوافع هو غير معروف للقارئ بالضرورة. وبقدر ما يترك ذلك فراغاً واسعاً في أثناء اقتباس الشخصية إلى الشاشة؛ إلا أنه يعطي حرية مطلقة في تشكيل الشخصية وإضافة تفاصيل جديدة لم توجد مسبقاً في الكتاب. شخصية الملك فيسيريس التي يؤديها بادي كونسيدين بشكل رائع، هي مثال على ذلك؛ جورج مارتن بنفسه يفضل الشخصية التليفزيونية عن تلك التي في الكتاب، بسبب ما تم إضافته إليها في النص وبسبب أداء كونسيدين.

اقرأ أيضًا: صراع العروش .. معركة من أجل الحياة

الميزة الكبرى التي يمتلكها المسلسل والتي لم يمتلكها سابقه، هي كون المادة الأدبية مكتملة؛ هذا شكَّل العقبة الكبرى أمام صناع مسلسل “غيم أوف ثرونز”، فقد استهلكوا جميع كتب السلسلة التي صدرت ولم يستطيعوا توجيه عجلة القيادة دون المصدر الثري الذي تم توفيره لهم في بداية رحلتهم. انتهى مسلسل “غيم أوف ثرونز” وقرَّاء السلسلة ما زالوا بانتظار كتابَين ليختتما قصة الجليد والنار. بينما في “هاوس أوف ذا دراغون” النيران تم إيقادها والدماء تم سفكها ولم يتبقَّ سوى رواية ما حدث.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

عبيد التميمي

كاتب سعودي