الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة

كم يبلغ وزن الروح؟

كيوبوست- ترجمات

ستيفاني باباس♦

تشكِّل الروح الخالدة مفهوماً مركزياً في العديد من الأديان، وتعطي شعوراً عميقاً بالراحة في مواجهة الموت؛ ولكن على مرّ الأزمنة كانت ماهية الروح موضع تساؤل عند البشر، ولم يكتفِ كثيرون بترك مسألة الروح للإيمان الديني، وتحوَّل البعض إلى العلم لمحاولة إثبات وجودها وفهم أسرارها. ستيفاني باباس كتبت في موقع “لايف ساينس” مقالاً تلقي فيه الضوء على إحدى هذه المحاولات.

تبدأ القصة في مطلع القرن الماضي في أحد أحياء بوسطن، مع طبيب يُدعى دانكن ماكدوغال، الذي فكَّر بأنه ما دام للبشر أرواح، فإن الروح يجب أن تأخذ مساحة، ويجب أن يكون لها وزن. وكانت أمامه طريقة واحدة لمعرفة ذلك؛ كتب ماكدوغال: “بما أن المادة المدروسة في التجربة مرتبطة عضوياً بالجسم حتى الموت، يبدو من المنطقي أن يكون لها شكل من أشكال الوزن، وبالتالي يمكن اكتشافها عند الموت من خلال وزن الجسم”.

تعاون ماكدوغال مع مستشفى خيري لحالات السل المتأخرة التي لم يكن بالإمكان معالجتها في ذلك الوقت، وقام بتجهيز ميزان كبير يتسع لمريض مع سريره. كان مرضى السل خياراً جيداً لأن المحتضر يكون في حالة إرهاق شديد تمنعه من القيام بأية حركة قد تؤثر على الميزان.

الدكتور دانكن ماكدوغال أول مَن حاول قياس وزن الروح- أرشيف

توفي أول مريض في 10 أبريل 1901، وسجَّل الميزان انخفاضاً قدره 21.2 جرام، وفي هذه اللحظة وُلدت الأسطورة؛ ولكن المريض الثاني فقدَ 14 جراماً، أما الثالث فقد أظهر نتيجة لا يمكن تفسيرها عندما فقد 14 جراماً ثم عاد ليفقد 28 جراماً بعد دقيقة من وفاته. استبعد ماكدوغال الحالة الرابعة؛ لأن الميزان لم يكن مُعَايراً بشكل جيد، وسجلت الحالة الخامسة 10.4 جرام ثم تعطَّل الميزان. استبعد ماكدوغال الحالة السادسة؛ لأن المريض مات بينما كان لا يزال يضبط الميزان. ثم كرر ماكدوغال تجاربه على 15 كلباً، ولم يجد أية خسارة في الوزن؛ فاستنتج أن الكلاب لا تذهب إلى الجنة!

ومع أن دراسة ماكدوغال كانت على عينة صغيرة؛ فقد لاقت نتائجها انتشاراً واسعاً، وأثارت الكثير من التساؤلات حول وزن الروح. ولكن ما يُحسب لماكدوغال هو أنه اعترف بأنه لا بد من إجراء المزيد من التجارب لتأكيد أن الروح لها وزن؛ ولكن ذلك لم يحدث على الإطلاق.

اقرأ أيضاً: قراءات في كتب كبار الفلاسفة 9: فينومينولوجيا الروح.. هيجل

في مطلع عام 2000 حاول مزارع من أوريغون تكرار التجربة مع عشرات الأغنام، ووجد أن الحيوان يكتسب عند موته ما يتراوح بين 30 و200 جرام، على الرغم من أن هذه الزيادة استمرت بضع ثوانٍ فقط قبل عودة الأغنام إلى أوزانها الأصلية. وفي الفترة نفسها، طوَّر الدكتور جيري ناحوم، وهو طبيب ومهندس كيميائي في كلية الطب بجامعة ديوك، فرضية مفادها أن الروح أو على الأقل الوعي يجب أن يكون مرتبطاً بالمعلومات، وهو ما يعادل كمية معينة من الطاقة. ووفقاً لنظرية أينشتاين للطاقة التي تقول إن الطاقة تساوي الكتلة مضروبة بمربع سرعة الضوء، يمكن من حيث المبدأ وزن هذه الطاقة بأجهزة كهرومغناطيسية عالية الحساسية؛ ولكن ناحوم لم يتمكن من الحصول على التمويل اللازم لإثبات صحة فرضيته.

وخلاصة القول هي أن العلم لم يتمكن إلى الآن من تحديد وزن الروح أو حتى إثبات ما إذا كانت الروح موجودة أصلاً. لا تزال التساؤلات قائمة، ولا تزال الإجابات متروكة للتفسيرات الدينية.

♦كاتبة مشاركة في موقع “لايف ساينس”، تكتب في شؤون علوم الأرض والآثار والعقل والسلوك البشري.

المصدر: لايف ساينس

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات