الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
استياء في الداخل القطري من الهدر والفساد والإصلاحيون لا منبر لهم

كيوبوست
قبل سنوات دعا أكاديميون قطريون وصفوا أنفسهم بـ”قطريين من أجل الإصلاح” إلى معالجة أوجه الخلل التي تتطلب إصلاحًا جذريًّا؛ وهي مشكلات “لا يتم الاعتراف بها في العادة على المستوى الرسمي، ولا تتناولها الصحافة وأجهزة الإعلام والمؤتمرات والندوات الكثيرة التي تُعقد في قطر، ولا تتطرَّق إليها المراكز ذات الصلة بالسلطة، ولا فضائيات شبكة (الجزيرة) التي تصف نفسها بـ(منبر مَن لا منبر له) دون أن يتسع ذلك المنبر -مع الأسف- لرأي شعب قطر”، كما يقول علي بن خليفة الكواري، نائب رئيس شركة “بترول قطر” الأسبق.
اقرأ أيضًا: قطر تستضيف بطولة العالم لألعاب القوى وسط شبهات قوية بالفساد

وكان ما يقارب 60 قطريًّا من أكاديميين ومثقفين وكتاب ومسؤولين سابقين قد عقدوا في الفترة الماضية مجالس عديدة في العاصمة الدوحة؛ لرفع مطالبهم الإصلاحية في ظل تضييق أمني لمناقشة الأزمات التي تعصف بالداخل القطري وفي ظل مخاوف من مستقبل مظلم وتردٍّ للأوضاع في الداخل؛ ومنهم عبد الله الكبيسي، ومحمد هلال الخليفي، ومحمد بن سعود الدليمي، وأحمد عبد الملك، وعلي بن خليفة الكواري، وأصدروا دراساتهم ضمن كتاب (الشعب يريد الاصلاح في قطر ايضا)، كما أصدر الكواري كتابه (العوسج) شارحاً فيه مايعانيه القطريون من تهميش واقصاء، مما دفع بعضاً منهم للتفكير بالهجرة. وقامت السلطات القطرية بمصادرة كل من الكتابين حسب معلومات نقلت عن كاتب قطري.

وقال الكواري في حوار أجري معه: “تأتي هذه المطالب في وقت تغيب فيه الديمقراطية والمشاركة السياسية الفعالة في تحديد الخيارات واتخاذ القرارات العامة، ويستمر الخلل الأمني والاعتماد على الغير في توفير الأمن”.
وأضاف نائب رئيس شركة “بترول قطر” الأسبق: “تكثر شكاوى القطريين حول معاناتهم في لقاءاتهم الخاصة؛ في المجالس والمقاعد النسائية واللقاءات والأحاديث الثنائية، ونجدها في مقالات القطريات والقطريين التي تُحجب عن النشر في العادة. كما نجد صدًى لها على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر شبكة الإنترنت؛ ولكنها لا تجد مجالًا عامًّا يتيح لها حق التعبير”.
اقرأ أيضًا: “POMED” و “HRW” يعقدان حلقة نقاش حول قطر والتطرف وحقوق الإنسان
واليوم تتعاظم الأزمة في الداخل القطري فحسب تقارير محلية، فإن ثمة مشكلات داخلية مرتبطة بأولويات الإنفاق في ظل التوجه الحكومي إلى التركيز على المشروعات المرتبطة بكأس العالم بدلًا من الاهتمام بالتعليم والإنفاق على الخدمات الداخلية للمواطنين؛ في محاولة لتعويض التأخُّر في الانتهاء من المشروعات وَفق الجدول الزمني المحدد سلفًا، نتيجة تأثُّر الدوحة بمقاطعة الرباعي العربي، بالإضافة إلى إنفاق مبالغ ضخمة لدعم تيارات الإسلام السياسي التي تنتهج العنف بعدة دول.
وكان الكواري قد أشار إلى أن: “الارتفاع النسبي لمستويات المعيشة في قطر لا يعني الازدهار أو الاطمئنان على المستقبل”.

ويشير أكاديميون قطريون إلى أن “ما يُسمى ازدهارًا هو مظهر مادي مخادع، ينبهر به الخارج ويعاني تبعاته المواطنون الذين يفتقدون الاطمئنان على الحاضر والمستقبل في كل وقت يرون دورهم -باعتبارهم التيار الرئيسي- يتراجع ومجتمعاتهم آيلة للنكوص، وثروتهم النفطية تنضب وتبدَّد عائداتها. وهذا كله في ظل حرمانهم من حق المشاركة في تقرير مصيرهم وصيانة مستقبلهم”.
اقرأ أيضًا: ملاعب كأس العالم في قطر تُشيد فوق جماجم البشر
ونشرت وكالة “بلومبيرج” الأمريكية، تقريرًا حول تدهور حال الإنشاءات في قطر، في الوقت نفسه الذي تدهورت فيه عدة قطاعات اقتصادية بسبب تردي الأوضاع هناك، وانكمشت أعمال قطاع التشييد خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 1.2% على أساس سنوي، وبانخفاض نحو 4.9% على أساس ربعي مقارنة بالربع الرابع من 2018، وهبط قطاع التشييد مسجلًا 6.16 مليار دولار بالربع الأول من 2019، و6.24 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام السابق.
اقرأ أيضًا: السجل الإرهابي لعملاء بنك الريان القطري في بريطانيا
وتسبب هبوط قطاع التشييد بجانب عدد من القطاعات في تدهور الاقتصاد القطري على أساس ربعي بنسبة 2.6% إلى 55.6 مليار دولار، مقارنة بنحو 57 مليار دولار بالربع الأخير من العام الماضي، في وقت اعتمدت فيه ميزانية 2018 على إنفاق 45.8% منها على المشروعات الخاصة بكأس العالم 2022.
ويأتي هذا في وقت كانت فيه الحكومة القطرية قد أعلنت أنها تتوقع ترسية عقود بقيمة 48 مليار ريال العام المالي الجاري للمشروعات الجديدة وسط عملية خفض للإنفاق على المشروعات الرئيسية بنسبة 3.6%، والمرتبطة بكأس العالم وَفق ما ذكرته وزارة المالية القطرية في يناير الماضي.
وحسب تقرير نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، فإن الدوحة تنفق أموالًا طائلة من أجل مسائل فرعية؛ رغبة في كسب ود العالم، وكان آخر مظاهر ذلك إعلانها توفير المشروبات الكحولية بأسعار مدعومة؛ من أجل المشجعين الأجانب خلال وجودهم لمؤازرة فرقهم بالبطولة.
اقرأ أيضًا: تاريخ أسود للدوحة في إيواء الإرهابيين
وذكر التقرير أن سعر نصف لتر من البيرة في الدوحة يتكلف 10 جنيهات إسترلينية؛ ما دفع النظام القطري إلى عقد صفقة، تتم الآن حسب التقرير؛ من أجل الحصول على المشروبات الكحولية وتوفيرها بأسعار رخيصة تناسب الجميع.
وحسب وكالة “فيتش للتصنيف الائتماني”، فإن سوق العقارات في قطر شهدت تدهورًا على صعيد الشراء والإيجار، كانعكاس لضخ جميع الجهود والأموال ناحية ملاعب وإنشاءات كأس العالم فقط، وبلغ التراجع نسبة 20%. وأشارت “فيتش” إلى أن الأصول العقارية المتدهورة باتت تشكل خطرًا على الوضع الاقتصادي؛ خصوصًا مع نقص السيولة وخروجها منذ عام، بدأت في 2017 عندما خرجت ودائع لا تقل قيمتها عن 30 مليار دولار من النظام المصرفي القطري.
اقرأ أيضًا: باحث فرنسي: نحتاج إلى صرامة أكبر لمتابعة المال القطري في الغرب
وتزايدت الضغوط على عدد من الإصلاحيين القطريين بعد مقاطعة “الرباعي العربي” من منتصف 2017، وقال الكواري في حوار قديم: “أشعر بالحزن العميق كلما صدفت زيارتي إلى مؤسسة قطر للتعليم ورأيت قاعاتها ومبانيها وإمكانياتها المادية الكبرى بسبب التمويل الحكومي من دون أن يكون لأحد من القطريين وجود يُذكر، هذا في حين لا يجد الداعون إلى الإصلاح في قطر قاعة عامة يمكن أن يعقدوا اجتماعًا عامًّا فيها”.