
كيو بوست –
بعد 4 سنوات من إطلاق عملية “كرامة ليبيا”، حرر الجيش الوطني الليبي آخر معاقل الإرهاب في شرق البلاد، من سيطرة التنظيمات الإرهابية.
عملية الكرامة أعلن عنها قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، بعد إرهاصات تقسيم ليبيا برعاية التنظيمات الإرهابية، فقد سيطر الجيش الوطني الليبي على بنغازي مع بدء انطلاق العملية في 16 مايو/أيار 2014، ضد جماعة “مجلس شورى ثوار بنغازي الإسلامي” وبعض المساندين للجيش بالمدينة. وكان مجلس شورى ثوار بنغازي، الذي تقوده جماعة “أنصار الشريعة” مصنف على أنه منظمة إرهابية لدى الأمم المتحدة وعدد من الدول.
وبعد إتمام السيطرة على بنغازي، وإقامة حكومة مؤقتة فيها، استكمل الجيش الوطني تحرير باقي المناطق وآبار النفط في شرق ليبيا، وآخرها مدينة “درنة” التي سيطرت عليها التنظيمات المتشددة المدعومة من الإخوان المسلمين على مدار 5 سنوات.
وكانت “درنة” قبل أن يعلن اللواء حفتر عن تحريرها بالكامل، تمثل بؤرة للجماعات المتشددة في مناطق شرق ليبيا، إذ ضمت معسكرات لتدريب الجهاديين لتقوية نشاطهم في ليبيا وخارجها، خصوصًا مصر، فمن درنة انطلق ونفذو متشددون عملية إرهابية استهدفت مواطنين مصريين أقباطًا في محافظة المنيا في أيار/مايو 2017، أسفرت عن مقتل 28 مدنيًا أعزلًا. وكرد على العملية، أغارت في الشهر ذاته طائرات سلاح الجو المصري على معسكرات الإرهابيين في المدينة، في محاولة لوقف تمدد وانطلاق الجماعات الإرهابية منها.
إلّا أن المدينة ظلت طوال السنوات الخمس الماضية الحصن المنيع للإرهاب المدعوم سياسيًا من حكومة طرابلس التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون. إذ وصف قادة من حزب “العدالة والبناء” أكثر من مرّة الإرهابيين الموجودين في المدينة بأنهم “ثوار!”، فيما اتخذت وسائل إعلام إخوانية من تلك التسمية أيقونة للتغطية على عمليات التحرير، فقد وصفت قناة الجزيرة الإخوانية، في تقاريرها، من يدافع عن المدينة بأنهم “ثوار درنة”، بينما أطلقت على عمليات الجيش الوطني الليبي توصيف “ثورة مضادة”!
وتسقط كل تلك التسميات على أرض الواقع، وتبين مدى حرص التيار الإخواني على بقاء سيطرة الإرهاب على المدينة، فقد غطَت “الجزيرة” المحسوبة على التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عملية تحرير المدينة، بتوصيفها كما لو أنها عملية احتلال.
كما أن البيانات الصادرة عن “العدالة والبناء” ذراع الإخوان في ليبيا، حاولت إضفاء شرعية على الإرهابيين في المدينة، ومحاولة حرف أبعادها الوطنية إلى أهداف إنسانية غير موجودة على أرض الواقع، وهو ما صرّح به رئيس الحزب، محمد صوان، للصفحة الرسمية للحزب على “فيسبوك”، حين وصف عملية تحرير المدينة بأنها “قرار متعمد بقتل النساء والشيوخ والأطفال” حسب وصفه!
صوان: العملية العسكرية ضد درنة قرار متعمد بقتل المدنييناعتبر السيد "محمد صوان" رئيس حزب العدالة والبناء، أن مجرد…
Posted by الصفحة الرسمية – حزب العدالة و البناء on Tuesday, May 8, 2018
بينما تجاهل الحزب تأثير الإرهاب على المدينة، ومعاناة السكان من التنظيمات المتشددة وهو ما بدى واضحًا من استقبال أهل المدينة الجيش الليبي بالزغاريد، مرحبين بتحريرهم من قبضة التنظيمات الإرهابية التي اتخذتهم رهائن على مدار 5 سنوات.
5 سنوات من الإرهاب
حتى مع تباكي الإخوان وإعلامهم على المدينة، وظهور الكثير من الأدلة على تحولها لمستنقع للإرهابيين والقاعدة، وظهور عشرات التنظيمات الإرهابية التي صنعت في المدينة، يظل الإعلام الإخواني يذرف الدموع على الإرهابيين مدعيًّا أن القتلى من النساء والأطفال!
وخلال العمليات الأخيرة، أعلن الجيش عن مقتل زعيم القاعدة في المدينة عطية الشاعري، خلال اشتباكات مع المتشددين، مما شكّل ضربة قاضية للتنظيم، وهو ما يتجاهله الإعلام الإخواني الذي يركز جل حديثه عن النساء والأطفال والشيوخ، بحسب محمد الصوان وإخوانه في الحزب.
وتوالدت خلال فترة الـ 5 سنوات، عشرات التنظيمات الإرهابية التي أرسلت مفخخاتها لأرجاء ليبيا كافة، وحاولت استهداف الداخل المصري، لإيقاع فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط، وهو ما خطط له الإخوان طوال فترة الربيع العربي، من أجل إحداث الفوضى وإشاعة الحروب الأهلية كسبيل للوصول للحكم.
وكانت درنة مقرًا لتنظيمات متطرفة شتى، إذ انتشرت فيها معسكرات لتدريب أفراد هذه التنظيمات، وللحصول على المال اللازم لتمويل مشروعهم. إذ أنشأ أفراد من “الجماعة الليبية المقاتلة” كتيبة “بو سليم” المتطرفة، التي لا تعترف بالجيش والانتخابات ومؤسسات الدولة. كما أنشأ “أنصار الشريعة” فرعًا لهم في المدينة، عام 2012، وهو تنظيم دولي منتشر في العديد من الدول التي تضربها الفوضى والإرهاب، مصنف دوليًا على أنه تنظيم إرهابي.
وفي 2014 اندمج التنظيمان، بو سليم وأنصار الشريعة، في تنظيم واحد أسموه “مجلس شورى مجاهدي درنة”. استخدم المجلس الدين وسيلة لبسط نفوذه، بالإضافة لامتهانه القوة والقمع لإرهاب المدنيين وإخضاعهم، كما ومورست عمليات الجلد وقطع الرؤوس على الملأ لإرهاب المدنيين.
وكحالة جميع التنظيمات الإرهابية، فقد انشق عدد من المسلحين عن مجلس شورى المجاهدين، وبايعوا تنظيم داعش، وسيطروا على مناطق واسعة من المدينة، بالتوافق مع باقي التنظيمات، إلى أن اصطدمت الميليشيات المقاتلة فيما بينها في آب/أغسطس 2015، وانتهى القتال بهزيمة داعش، وبسط التنظيمات سيطرتها على المدينة.
وبعد انطلاق عملية “الكرامة” في 2014، وتدحرجها بعد تحرير بنغازي، قام الجيش الليبي بتنفيذ حصار محكم على درنة في 2016، لحصر تمدد الإرهابيين خارج المدينة، وجرت الكثير من المحاولات السلمية لإخراج المسلحين من المدينة، وتسليم سلاحهم للجيش الوطني، لكن جميع المحاولات فشلت، حتى أعلن الجيش الليبي أخيرًا عملية تحرير المدينة، وهو ما أفقد المسلحين أهم معاقلهم في الشرق الليبي.