الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
4 سيناريوهات لأزمة فنزويلا السياسية المتنامية
هل يتشبث مادورو بالسلطة؟

ترجمة كيو بوست عن مجلة “ذي غلوب بوست” الأمريكية
لقد اشتدت الأزمة السياسية في فنزويلا منذ أن أعلن رئيس “الجمعية الوطنية” خوان غوايدو نفسه رئيسًا للبلاد يوم الأربعاء المنصرم، لكن ما سيحدث في المراحل المقبلة يعتمد بشكل رئيس على الولايات المتحدة والجيش الفنزويلي.
وقد جاء إعلان غوايدو بشأن “توليه المسؤولية عن السلطات التنفيذية الوطنية”، من أجل إنهاء “اغتصاب السلطة” على يد نيكولاس مادورو، في ظل انهيار اقتصادي مزر، ونسبة تضخم قد تتجاوز 10 مليون بالمئة هذا العام. وبدوره، اتهم مادورو واشنطن بالوقوف وراء محاولات انقلاب، ما دفعه إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.
اقرأ أيضًا: ملايين هجروا فنزويلا منذ 2014: ما الذي يحدث فيها؟
ويمكن القول إن هنالك 4 سيناريوهات لتطورات هذه الأزمة، هي ما يلي:
أولًا: التحوّل – فترة انتقالية
هذا هو الحل المفضل بالنسبة لغوايدو: تشكيل “حكومة انتقالية”، ثم عقد انتخابات وطنية. وعند الحديث عن هذا السيناريو، علينا أن نتذكر أن غوايدو حث أفراد الجيش، أقوى داعمي مادورو، على قطع علاقاتهم مع “الدكتاتور”، مقابل منحهم العفو. لكن الجيش لا يزال حتى هذه اللحظة مواليًا لرئيس الدولة، صاحب السلطة منذ عام 2013.
ولكن إن بقي الجيش مخلصًا لمادورو، فستعتمد احتمالات التغيير على قدرة المعارضة على التوحد، وهذا يتطلب منها تخفيض سقف توقعاتها والقبول بـ”فترة انتقالية طويلة المدى”، وهذا ما يراه الرئيس الفخري لمركز أبحاث الحوار بين الأمريكيتين في واشنطن، بيتر حكيم.
وبالطبع، قد تسير الأمور بشكل أسرع بكثير إن بدّل الجيش ولاءه وانتماءاته، لكن هذا يتطلب منح العفو لأفراد الجيش ولبعض المسؤولين الفنزويليين الكبار، المتهمين من طرف واشنطن بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان والاتجار بالمخدرات.
يرى مايكل شيفتر، من مركز أبحاث الحوار بين الأمريكيتين، أن “من غير المرجح أن ينقلب الجيش على مادورو حتى لو سعت المعارضة إلى ذلك”. ووفقًا له، “أكد قادة الجيش مؤخرًا على استمرار دعمهم لرئيس البلاد الحالي”. بينما يعتقد “حكيم” أن “الجيش سيواصل دعم الحكومة إن فشلت المعارضة في التوحد، وهذا يعني استمرار الحكم التشافيزي، وبقاء مادورو في السلطة”.
من الجدير ذكره أن زعيم البلاد الاشتراكي أعيد انتخابه في مايو/أيار المنصرم لفترة رئاسية تنتهي في عام 2025، في اقتراع قاطعته المعارضة الفنزويلية، وطعن به الاتحاد الأوروبي والعديد من بلدان أمريكا اللاتينية.
قد يستطيع مادورو الصمود عبر الاعتماد على دعم مالي من حلفاء مثل الصين وروسيا وإيران، وهي دول “اتحدت بفعل ارتيابها من مصالح الولايات المتحدة أكثر من تعاطفها مع الرئيس الفنزويلي نفسه”، وهذا ما يراه الخبير بول هير من جامعة بوسطن الأمريكية.
اقرأ أيضًا: القضاء على الاحتجاج في البداية أو السقوط: هكذا تصمد الأنظمة الاستبدادية!
تصدر فنزويلا 300,000 برميل من النفط يوميًا إلى الصين، في سداد جزئي للديون البالغة 20 مليار دولار. كما أنها مدينة لروسيا بمبلغ 10,5 مليار دولار، حسب العديد من الشركات الاقتصادية الاستشارية.
يقول هير: “قد تحاول بكين وموسكو إنقاذ النظام، ربما من خلال المطالبة ببعض الإصلاحات الاقتصادية الجادة، وإعادة هيكلة قطاع النفط”. لكن هذا سيف ذو حدين: فقد تطالب روسيا والصين برحيل مادورو، وإحلال مكانه “زعيم أقل سمية سياسيًا”.
ثالثًا: الجيش يتولى المسؤولية
إن سحب الجيش دعمه لمادورو، وبقيت المعارضة منقسمة، فقد يتخذ الجيش زمام المبادرة ويتولى المسؤولية على البلاد، وهذا ما يؤكد عليه “حكيم” في تنبؤاته حول مستقبل البلاد المنظور.
وبحسب شيفتر، قد يخلّف هذا السيناريو “مزيدًا من القمع، وربما يندلع صراع أهلي على نطاق واسع”، وربما “نرى حكومتين متوازيتين تنافسان بعضهما، ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة جدًا”. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الرئيس ترامب قال “إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة”، وهي عبارة تفهم ضمنيًا أن “الخيارات تشمل التدخل العسكري”.
رابعًا: المفاوضات
أعلن مادورو استعداده للقاء منافسه، لكن غوايدو رفض أي “حوار زائف”. بعض الأطراف من المجتمع الدولي تفضل هذا الحل: “الاتحاد الأوروبي يرى رئاسة مادورو غير شرعية لكنه لم يعترف بغوايدو رئيسًا للبلاد، ودعا إلى إنشاء “مجموعة اتصال” بين المعسكرين. هنالك دول أخرى تفضل هذا الحل تمامًا، من بينها المكسيك وأوروغواي.
اقرأ أيضًا: مترجم: السياسيون الصادقون لن يصلحوا الفساد
يرى شيفتر أن أفضل نتيجة هي “مفاوضات مطولة بين الحكومة والمعارضة”، شريطة أن تكون المعارضة موحدة أكثر من شكلها الحالي. وبهذه الحالة، ستكون المفاوضات المقبلة، إن حصلت، هي المحاولة الخامسة للوصول إلى حل بين الحكومة والمعارضة منذ عام 2014. لكن المحاولة الجديدة ستؤدي –إن حالفها الحظ– إلى انتخابات جديدة.
وبعيدًا عن السيناريوهات الأربعة المذكورة أعلاه، رأى المحلل البارز خوسيه إغناسيو هيرنانديز في مقالة سابقة أن “إنهاء حالة الفوضى واستعادة سيادة القانون في البلاد لن يكونا كافيين لعكس انهيار فنزويلا”، وهذا يعني أن البلاد ستمر في السيناريوهات الأربعة ولا مفر من ذلك بعد أن فات الأوان. واستند هيرنانديز في رأيه إلى “إخفاقات” مني بها النظام الحاكم، أهمها: “الإجراءات الشعبوية السلطوية، وتفشي الفساد والجريمة المنظمة، وتغيير آليات السوق الحقيقية إلى سياسات نفعية، وتجيير النفط لصالح شخوص النظام”. ووفقًا له، فإن تعيين حكومة شرعية جديدة قادرة على استعادة سيادة القانون هو الحل الوحيد لانتهاء هذه الأزمة.
المصدر: مجلة “ذي غلوب بوست” الأمريكية