شؤون خليجية

لوفر أبو ظبي: إشعاع ثقافي سياحي عابر للأجيال والحضارات

تصميم عصري مستلهم من التقاليد الإماراتية

كيو بوست –

في الأسبوع الأول لافتتاحه في الحادي عشر من نوفمبر، استقبل متحف اللوفر في أبو ظبي 30 ألف زائر وكوكبة من الشخصيات المرموقة من جميع أنحاء العالم، توافدوا لرؤية المجموعات الفنية والتحف الأثرية المعروضة، والاستمتاع بالهندسة المعمارية الاستثنائية التي تم الكشف عنها لأول مرة أمام الجمهور. كما بلغ عدد زوار موقع المتحف الإلكتروني نحو مليون شخص، وشهد تسجيل 1100 عضو في برنامجه “أصدقاء الفن-اللوفر أبو ظبي”.

خلال حفل الافتتاح

وفي خطوة زادت من أهمية الحدث الثقافي، قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بافتتاح متحف اللوفر في أبو ظبي، معلنًا عن احتوائه على 600 عمل فني وقطعة أثرية، من ضمنها 300 قطعة منحتها فرنسا للإمارات بشكل مؤقت.

إن الميزة الأساسية التي ترتبط بافتتاح المتحف هي اعتباره الجسر الذي يربط الشرق بالغرب، والتي وجدت تعبيرًا على لسان ماكرون في كلمته في حفل الافتتاح “إن المتحف يشكل جسرًا بين الحضارات”، موضّحًا أن إقامة المتحف في الإمارات تؤكد على سماحة الإسلام، وعلى كذب من يدّعي أن الإسلام يسعى إلى تدمير الديانات الأخرى.

وتتجلى هذه الميزة مرة أخرى بتنظيم المتحف سلسلة من العروض والفعاليات وصل عددها إلى 25 فعالية، خلال الأسبوع الأول مستضيفة 277 فناناً. وقد تخلّلت عروض الافتتاح العرض الضوئي الذي جرى تنظيمه من قبل “جروب إف” ومجموعة من العروض الموسيقية والغنائية لعدد من الفنانين كالمغني الفرنسي وعازف الروك ماتيو شديد، والفنانة المالية فاتوماتا دياوارا وعازف الجاز اللبناني إبراهيم معلوف، إلى جانب المغنية الكولومبية توتو لامومبوزينا التي تستوحي عروضها من التقاليد والتراث الكاريبي والكولمبي.

 

اللوفر: صرح ثقافي وملتقى حضارات

يبدو أن متحف اللوفر أبو ظبي لن يقتصر على عرض القطع والمخطوطات الفنية والأثرية، لكنه سيسهم أيضًا في جعل دولة الإمارات القبلة الأولى للمثقفين من مختلف التوجهات الفكرية، على اعتبار أنه سيشكل رمزًا للتواصل بين الحضارات الإنسانية، وملتقى العلم والإبداع والتسامح. ويأتي إقامة أول متحف لوفر خارج فرنسا في الإمارات بعد تبني الأخيرة لفكرة التحالف بين الحضارات المختلفة، وعدم الإكتفاء بالحوار والتواصل فيما بين الثقافات المختلفة.

متحف لوفر ابو ظبي اثناء عمليات البناء

إن إقامة هذا المتحف في أبو ظبي تحديدًا يعدّ “هدية تقدّمها دولة الإمارات إلى العالم”، كما وصفها الشيخ محمد بن راشد، بالاستفادة من البيئة المتفردة التي تعيش فيها الإمارات والتي تستقي دعائمها من الأفكار الإسلامية السمحة، والقيم الإماراتية الأصيلة.

كما أن افتتاح هذا المتحف في هذا العام كان له جذور تمتد إلى أكثر من عشر سنوات، إذ تولدت الفكرة لدى قادة الإمارات عام 2000 بضرورة التوجه إلى المستقبل، وتغيير نمط استثماراتها نحو السياحة الدولية، الأمر الذي تمخّض عنه توقيع اتفاقية بين فرنسا والإمارات عام 2007 تقضي بالتبادل الثقافي الذي يهدف إلى ربط الشرق بالغرب عبر بناء منظومة فنية وثقافية عالمية داخل الإمارات، تقوم برحلة داخل التاريخ الإنساني.

ومن هنا، يشكل هذا المتحف أول متحف عالمي في العالم العربي يعمل على تجسيد أفكار مستمدة من التراث العربي الأصيل، ومدموجًا بعراقة الماضي، بالاستفادة من تقنيات العصر الحديث.

قطع فنية معروضة داخل متحف اللوفر ابو ظبي

إن من شأن مثل هذا المتحف أن يؤكد على دور الإمارات الريادي في خلق ثقافة عالمية قائمة على قيم الاحترام والتبادل المعرفي والثقافي، عبر تقدير العلاقات الإنسانية ورفعها إلى مرتبة تقدير الفنون وقيم الجمال التي دأب الإنساني إلى تذوقها منذ قدم التاريخ.

ومن هنا يمكن للزائر أن يتذوق القيم التي تتخفّى خلف القطع الفنية المعروضة والتي تمتد إلى سنوات طويلة عبر التاريخ، وإلى أماكن جغرافية متباعدة. إن من شأن هذا أن يحول المتحف إلى أداة لإنتاج المعرفة الإنسانية توفر للزائر قطعًا فنية ذات قيمة كبيرة لقاء مبلغ رمزي. وبالتالي تتحول الزيارة ذات العشر دقائق إلى المتحف إلى رحلة معرفية تقرأ سطور التاريخ عبر الحجارة المنحوتة بدقة ورصانة عالية، بما يقدّم معانٍ جديدة للثقافة العالمية تقوم على عرضها ضمن إطار معاصر يجذب عين الزائر بروعة تصميمه وعمق تعبيراته التي تكشف عنها الكنوز المدفونة خلف أسرار الأعمال الفنية.

قطعة فنية في المتحف

نبذة عن المتحف

صمم المتحف ليحتضن مختلف التعبيرات الفنية من كافة الحضارات والثقافات التي نشأت منذ فجر التاريخ وحتى الآن. ومن المقرر أن يقوم المتحف بعرض أعمال فنية ومخطوطات قديمة تعود إلى مئات السنوات، إضافة إلى موضوعات تتميز بأهميتها التاريخية والثقافية والاجتماعية. إن الهدف من ذلك هو أن يجري تسليط الضوء على الموضوعات العالمية المشتركة التي تهدف إلى إبراز الأوجه التي تتلاقى فيها التجارب الإنسانية التي تتجاوز حدود الجغرافيا والأعراق والتاريخ، بحسب ما ذكرته دائرة الثقافة والسياحة لإدارة أبو ظبي.

وتستند قيم وهوية اللوفر الإماراتي إلى الاكتشاف والتلاقي بين القضايا الإنسانية، بما يهدف إلى إتاحة الفرصة أمام الزوار ليكتشفوا بإنفسهم مسيرة تطور الفن في مختلف الثقافات والحضارات حول العالم.

 

التصميم المعماري

يقع مقر “مدينة المتحف” ضمن مبنى صممه المعماري الفرنسي جان نوفيل الحائز على جائزة “بريتزكر” المعمارية. واستلهم نوفيل تصميم الجداول المائية التي تجري عبر المتحف من نظام الأفلاج التقليدي، الذي ينتشر في مناطق واسعة داخل الجزيرة العربية، خاصة في مناطق عُمان والإمارات.

وصمم المصمم الفرنسي قبة اللوفر المزينة بمخرمات وأشكال هندسية مختلفة باستلهامه فكرة سعف النخيل المتداخلة، التي كانت تستخدم قديمًا في تغطية الأسقف للسماح للضوء ولأشعة الشمس بالمرور منها وتكوين أشكال بصرية رائعة. أما نمط السقف المعقد فيقوم على تكرار الأشكال الهندسية بأحجام وزوايا مختلفة، تعطي لكافة العناصر المكونة لها أشكالاً فنيةً إبداعية.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة