الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفةمجتمع
3 أسباب قد تكون وراء تعاستك، تعرف عليها!
الانفصال عن المحيط سبب في عدم العثور على السعادة

ترجمة كيو بوست –
“إن انفصالنا عن الناس، والقيم، والطبيعة، هو السبب الرئيس في غياب السعادة، وبروز التعاسة على أوجه الناس”، هذا ما ذكره الكاتب إيريك باركر، في مقالته في مجلة ذا ويك الأمريكية.
تشعر في بعض الأحيان وكأن العالم يتآمر ضد سعادتك، إذا كنت كذلك، فأنت لست مصابًا بجنون العظمة. هنالك عدد قياسي في العالم يعيشون على العقاقير المضادة للاكتئاب؛ فعلى سبيل المثال، يتناول واحد من كل أربعة مواطنين أمريكيين هكذا حبوب بشكل منتظم.
اقرأ أيضًا: 5 أمور قد تقودك إلى الرضا والسعادة، فهل تمتلكها؟
لقد تعايشنا خلال العقود القليلة الماضية مع الفكرة القائلة بأن الاكتئاب ناجم عن اختلال التوازن الكيميائي في الرأس، وبرغم أن هذا صحيح لبعض الناس، إلا أن المزيد والمزيد من الأبحاث أظهرت أن عدم الرضى ناجم عن حياة مكسورة، وليس عن دماغ مكسور. لقد تحول العالم بطرق تضر بالاحتياجات النفسية للكائن البشري، وقد يكون الشعور المستمر بعدم الرضى الغامض استجابة طبيعية لظروف غير طبيعية.
ولذلك، أمضى الصحفي جوهان هاري 3 سنوات في إجراء 200 مقابلة مع علماء نفس واجتماع عبر العالم، من أجل اكتشاف ما هو خطأ في الطريقة التي نعيش بها اليوم، التي تسببت بهذا الانفجار من التعاسة. وقد توّج هاري هذا الجهد من الدراسات والمقابلات بكتاب رائع، يحمل عنوان “الاتصال المفقود: الكشف عن الأسباب الحقيقية للإحباط – والحلول غير المتوقعة”.
وفي ظل ارتباط حياتنا وعالمنا بالتكنولوجيا، وجد هاري أن كل مصادر التعاسة تنبع من انفصالنا، وانقطاع اتصالنا عن المجالات الأخرى في الحياة. ولذلك، علينا أن نعرف كيفية إعادة الاتصال، وكيفية عيش حياة أكثر سعادة.
أولًا: الانفصال عن الآخرين
الوحدة في الحياة تعادل لكمة على الوجه، وأنا أعني ذلك حرفيًا؛ فاستجابتك لكل منهما تمثل زيادة في مستوى الكورتيزول في الجسم. يقول هاري في كتابه: “تبين أن الشعور بالوحدة يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول بشكل كبير، يوازي تمامًا تعرضك لهجوم جسدي من قبل شخص غريب، وهذا ما أظهرته تجاربنا العلمية”.
اقرأ أيضًا: هذه أكثر 5 دول عربية سعادةً.. هل تسكن في إحداها؟
الوحدة هي وباء العالم الحديث؛ فقبل بضعة عقود، أبلغ المواطن الأمريكي العادي عن وجود 3 أصدقاء مقربين منه، ولكن منذ عام 2004، كانت الإجابة الأكثر شيوعًا هي: صفر.
يقول هاري في كتابه: “اعتاد علماء الاجتماع على طرح سؤال بسيط منذ سنوات: كم عدد المقربين منك؟ وذلك من أجل معرفة عدد الأشخاص الذين يمكنك اللجوء إليهم في أوقات الأزمات، أو حتى في الأوقات الجيدة. وعندما بدأوا الدراسة قبل عقود عدة، كان متوسط الأصدقاء المقربين ثلاثة. وبحلول عام 2004، كانت الإجابة الأكثر شيوعًا هي لا شيء.
قد يقول أحدهم: “أنا مستاء، ولا أشعر بالرضى، ولكن، كيف تكون الوحدة هي السبب؟! أنا دائمًا بين الناس”. تبين أن هنالك فرقًا بين أن “تكون” وحيدًا وأن “تشعر” بالوحدة. بكلمات أخرى، قد يشعر المرء بالوحدة الشديدة برغم وجود الناس من حوله في مكان عمله، وبرغم وجود زوجة وأطفال في منزله.
يقول هاري في كتابه: “من المثير للدهشة أن الشعور بالوحدة لا يرتبط أبدًا بعدد الأشخاص الذين تتحدث إليهم كل يوم، فقد أظهرت دراستي بأن الكثير ممن يشعرون بالوحدة يتحدثون إلى الناس كل يوم”.
اقرأ أيضًا: 25 نصيحة لتصبح أكثر سعادة وصحة وغنى
إذًا، كيف نمنع الشعور بالوحدة؟ يجب أن نتشارك بشيء ما مع من حولنا -شيء مفيد لك ولهم- مثل اعتقاد أو قضية أو هدف أو نشاط. بعبارة أخرى، يجب أن نكون “معًا” في ذلك الشيء المشترك، وليس مجرد وجود جامد في حشد.
يقول هاري: “جون يشعر بالوحدة، ومن أجل أن يتعافى، هو بحاجة إلى أشخاص آخرين، وأيضًا إلى شيء آخر. قد يكون ذاك الشيء الآخر هدف أو قضية، تفيد كليكما”.
ثانيًا: الانفصال عن القيم
أنت تلاحق “القيم الجوهرية” عندما تفعل شيئًا لأنك تحبه، لكنك تلاحق “القيم الخارجية” عندما تطارد المال أو المنزلة الاجتماعية. بكلمات أخرى، أن تكون جنديًا وطنيًا فهذه “قيمة جوهرية”، وأن تكون “منتفعًا” أو “مرتزقًا” فهذه “قيمة خارجية”.
الدرس المستفاد من هذا البحث واضح تمامًا: “كلما كانت قيمك الخارجية أكبر، كلما كانت دوافعك المالية أكبر، وكلما كان شعورك بالاكتئاب والقلق أكبر”. وقد أشارت 12 دراسة غربية إلى أن ازدياد حب المال يرافقه ارتفاع في مستوى الإحباط والقلق.
قد يقول أحدهم: “أنا لست كذلك”، لكن الحقيقة تقول العكس. جميعنا محاطون بقيم خارجية، لا سيما في ظل وجود التكنولوجيا الحديثة. جميعنا نهتم بما يفكر به الآخرون عنا، وجميعنا نستخدم فيس بوك وتويتر وغيرهما لإظهار مدى “روعة حياتنا”، وكأن الأمر سباق بيننا، ساعين إلى تجميع “الاعجابات” على وسائل التواصل الاجتماعي. وبهذا، نسمح للآخرين بالسيطرة على تقديرنا لذاتنا، وهذا بالطبع يضع سعادتنا الخاصة خارج سيطرتنا تمامًا.
اقرأ أيضًا: وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى الانتحار!
كما تشير الدراسات إلى أن تحقيق الأهداف الخارجية، مثل السيارة الفاخرة، لا تجلب سعادة دائمة مثلما تحققه الأهداف الجوهرية، مثل صقل مهارات الكتابة، التي تشعرنا بسعادة أكبر وقلق أقل. إن مطاردة الأهداف الخارجية تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، لكن السعادة وراءها تختفي فور تحقيقها.
ثالثًا: الانفصال عن الطبيعة
اقترب من الطبيعة أكثر، ستكون أكثر سعادة. وابتعد عنها، ستصبح أكثر اكتئابًا.
يقول هاري: “إن الأشخاص الذين انتقلوا إلى المناطق الخضراء حظوا بانخفاض كبير في مستوى الاكتئاب”. قد يقول البعض إن السبب في ذلك هو أن المناطق الريفية لديها جرائم أقل وتلوث أقل، وهذا التشخيص خاطئ بالطبع.
إذا كنت تعيش في جزء من مدينة كبيرة، مليء بالأشجار، فستصبح أكثر سعادة. وعندما قارن العلماء الأشخاص الذين يركضون على أجهزة الجري في صالة الألعاب الرياضية، مع الأشخاص الذين يركضون في الطبيعة، وجدوا أن كلاهما يرى انخفاضًا في الاكتئاب – لكنه أعلى بالنسبة للأشخاص الذين يمارسون الرياضة في الطبيعة.
المصدر: مجلة “ذا ويك” الأمريكية