شؤون عربية

3 أسباب بارزة لتراجع السنّة في انتخابات لبنان

الحالة الإقليمية وانعكاسها على ضعف تحصيل "السُنّة" في الانتخابات

 كيو بوست –

ينقسم لبنان سياسيًا إلى طرفين: فريق مسلحٌ وآخر أعزل، فيما يميل صندوق الانتخابات دائمًا للطرف الأقوى بين الجهتين.

وانتهت الانتخابات النيابية اللبنانية، بفارق غير بسيط في عدد المقاعد، بين أشد الكتل الطائفية تنافسًا؛ الكتلة الشيعية الممثلة بحركة أمل وحزب الله، والكتلة السنية الممثلة بأكثر من طرف، أقواها تيار المستقبل بقيادة رئيس الوزراء سعد الحريري.

وعلى الرغم من الانقسام الحاصل في الطائفة السنية -الذي كان من عوامل ضعفها في التحصيل الانتخابي- إلّا أنه يحسب لها تعدد المشارب والاتجاهات فيها، بعكس الكتل المنافسة من الطائفة الشيعية، التي تسير في اتجاه واحد يبدو متنوعًا، بينما هو “مؤدلج” إلى أبعد حد، إذا ما نظرنا إليه من نقطة أقرب.

وبخلاف الانقسام، إلّا أن هناك عوامل عدة أدت إلى ضعف حصة السنة من المقاعد البرلمانية. وكعادة لبنان، الذي يُنظر إليه على أنه ملعب دولي، يتصدر تلك الأسباب دائمًا الشأن الإقليمي، فيما يبتعد تأثير الشأن المحلي، الأقل تأثيرًا في الشأن اللبناني مما يدور حوله أو خارج حدوده.

 

1) فشل الثورة السورية

العلاقات السورية اللبنانية هي الأكثر تشابكًا في المحيط، بسبب الاندماج الحدودي بين البلدين، والتأثير المتبادل على ضفتي الحدود. فقد تغيرت المعادلة داخل لبنان بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، وترؤس تياره “المستقبل” لحملة دولية أدت لإخراج الجيش السوري من لبنان، حاز على إثرها “المستقبل” وحلفاؤه النسبة الأكبر من المقاعد البرلمانية.

ومع ذلك ظل لبنان غير بعيد عن الشأن السوري، خصوصًا مع بدء “الثورة” السورية، حيث ألقت التيارات السياسية في لبنان بكل ثقلها في الداخل السوري؛ فقد قاتلت الأحزاب الشيعية علانية إلى جانب النظام السوري، وكان لها دور مهم في الحفاظ عليه، بينما دفع السنّة بقواهم المحدودة لدعم الثورة، سواء إعلاميًا، أو عبر تهريب السلاح والأموال إلى المعارضة –على الأقل بحسب اتهامات النظام السوري- واستضافتها في بيروت، مما ارتد سلبيًا على التعايش في لبنان، ووضع تقاطع منطقتي درب التبانة (السني) وجبل محسن (الشيعي)، السلم الأهلي في لبنان على المحك.

إلا أن هزيمة المعارضة السورية في النهاية، كان له بالغ الأثر في شعبية حلفائهم من اللبنانيين، كما أدى النصر المحدود للنظام، إلى رفع أسهم حلفائه داخل لبنان أيضًا، الأمر الذي انعكس على المعادلة الانتخابية البرلمانية الأخيرة.

 

2) التفتت الأوسع للسنّة

يبدو لبنان المصغّر انعكاسًا للحالة الإقليمية، بشقيها السني والشيعي، فالطرف السني –الأكبر عددًا- بالعموم، يبدو منقسمًا إقليميًا ودوليًا، إذ تتنازعه محاور عدة تتدرج بين الاعتدال والتطرف والإرهاب، كما يعيش بعض أطرافه، خصوصًا المتشددة منها، حالة تبعية للمحور الشيعي، ويقوم الطرف المتشدد فيه بمعاداة الطرف المعتدل، وهي عداوة تضمر في طياتها صفة التآمر.

بينما يبدو الجناح الشيعي الإقليمي متحدًا، ويتبع قيادة واحدة، تموله وتخطط له وتدعمه من طهران، ما ينعكس بالإيجاب على أتباع ذلك المحور من الشيعة العرب، سواء في العراق أو لبنان.

وحصد تحالف حزب الله وحركة أمل كل المقاعد الشيعية، باستثناء مقعد واحد لنائب شيعي في جبيل، بينما توزّع 10 نواب سنة على باقي الكتل الأخرى. وتبدو الأصوات السنية المشتتة، كانعكاس للحالة السنية الأعم في الإقليم، التي تعيش حالة من الحيرة والانقسام.

 

3) فشل “القوة الناعمة” للسنة

كانت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات أقل مما كانت عليه في انتخابات 2009؛ إذ لم تتجاوز هذا العام 50%، مما يبين فقدان الجمهور للأمل السياسي في لبنان.

وأرجع مراقبون تراجع حصة النواب السنة في الانتخابات، إلى عوامل داخلية أهمها انعدام ثقة الجمهور السني بممثليهم في تيار المستقبل، الذي يحاول بصعوبة أن يحافظ على تمثيله للطائفة، مع تراجع حصته من 33 نائبًا في 2009، إلى 21 نائبًا في 2018.

وأرجع مراقبون سبب انعدام تلك الثقة، إلى خوض تيار المستقبل صراعاته السياسية بالطرق التقليدية، وتوقف إنجازاته عند حد تشكيل محكمة جنائية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري، وما ترتب عليها من إخراج الجيش السوري من داخل لبنان.

واعتمد التيار على وسائل تقليدية قديمة، مثل استخدام المال في الانتخابات، وقوة العائلة، من دون أي تجديد في منهجه، في الوقت الذي يبني فيه التيار المنافس شعبيته على رصيد من القوة العسكرية، التي زادت من ثقة جمهوره به، واعتماده على خطاب داخلي وخارجي، يعتمد قبل كل شيء على القوة، سواء في الخطاب الذي يركز على قوة لبنان أو قوة الطائفة والحزب.

وهو ما استشعره سعد الحريري بعد فشل تياره في الانتخابات، مع ورود تقارير إعلامية تشير إلى أنه يقوم بحملة “تنظيف” للمقربين منه، خصوصًا أولئك الذين تولوا مسؤولية إدارة الحملة الانتخابية من أقاربه، على رأسهم نادر الحريري.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة