
خاص- كيو بوست-
شاركت دولة قطر منذ بداية حرب التحالف في اليمن، وأرسلت قوات برية تقدر بألف جندي قطري، مسنودة بعشر طائرات شاركت بالضربة الجوية الأولى ضد الحوثيين، ومدعومين بعتاد قطري حربي ثقيل ومتوسط، وصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى. كل ذلك رافقه دعم إعلامي هائل من الإمبراطورية الإعلامية للدوحة، بداية من “عاصفة الحزم” مرورًا بـ حملة “إعادة الأمل”.
إلاّ أن المشاركة العسكرية القطرية، فسرها محللون بأنها جاءت للتغطية على دعم الدوحة للإرهاب في اليمن، وتمويل تنظيمات تحاربها قوات التحالف العربي، مثل داعش والإخوان والقاعدة وميلشيات الانقلاب، وبما يتناقض مع أهداف التحالف، بحسب بيان أصدرته دول التحالف في 5 يونيو 2017.
إذ جاء الدعم القطري للتنظيمات الإرهابية أثناء مشاركتها في عاصفة الحزم، استكمالاً للدور الذي لعبته في سنوات سابقة، عبر دعم مالي مقدّم من شخصيات ومؤسسات ووسطاء وجمعيات خيرية تؤويها الدوحة، مثل مؤسسة “البلاغ الخيرية”، وجمعية “الإحسان الخيرية”، ومؤسسة “الرحمة الخيرية”. والمؤسسات الثلاث مصنفة على لائحة الإرهاب، وتربطها علاقات وثيقة ورعاية مالية مقدمة من مؤسسات قطر الخيرية، فقد اعتقل في وقت سابق مسؤول جمعية “الإحسان الخيرية” عبد الله اليزيدي، من قبل قوات الأمن اليمنية، بتهمة التواصل مع عناصر القاعدة.
فقد تصدّرت قطر دور الوسيط بين الدول الغربية والتنظيمات الإرهابية، للإفراج عن رهائن غربيين كانوا محتجزين لدى تنظيمات متطرفة، مقابل فدية مالية طائلة، كانت الدوحة تقدّمها لتلك التنظيمات، حيث أشارت تقارير أممية رسمية بأن تنظيم القاعدة جمع في السنوات السابقة مبالغ مالية تصل إلى 23 مليون دولار، أغلبها كان من قطر، ساعدت تلك الأموال تنظيم القاعدة على تقوية حضوره في الجنوب اليمني، إلى أن استطاع التنظيم في 2 إبريل 2015 السيطرة على مدينة المكلا، عاصمة حضرموت التي تشكل حوالي 36% من أرض اليمن كما أنها غنية بالموانئ البحرية وحقول النفط، وسيطروا على القصر الجمهوري والمؤسسات الحكومية بما فيها البنك المركزي، ووفقاً لمسؤولين يمنيين استطاع التنظيم نهب 17 مليار يمني من البنك.
كما حمّلت شخصيات سياسية يمنية من المناطق الجنوبية المحررة، قطر مسؤولية عمليات اغتيال تمت بحق شخصيات سياسية وعسكرية، تمت تصفيتهم على يد تنظيمات يحاربها التحالف العربي، ومدعومة من قطر.
حيث لم يشارك “حزب الإصلاح” الإخواني، في المعارك ضد الحوثيين، منذ إخلائه لمحافظات اليمن الشمالية في 2014، وتسليمها جاهزة للحوثيين، بل قامت قطر بإخراج قيادات الإخوان، من اليمن، وتجنيبهم للحرب، وأصبحت أنقرة والدوحة، مقراً دائماً لقيادات التنظيم الإخواني، وعلى رأسهم شيخان الدبعي، والذي يعامل في قطر كسفير يمني من دون حقيبة، ووظيفته القيام بمهام التنسيق بين إخوان الداخل اليمني، والقيادة القطرية، وقد اتهمت الحكومة اليمنية الدبعي بالمسؤولية عن عمليات اغتيال، استهدفت قادة وعسكريين يمنيين.
خروج قطر من التحالف.. ودعمها علانية لمصالح الإرهابيين
بعد البيان الذي أصدره التحالف العربي باستبعاد دولة قطر من بين أعضائه، تحوّلت السياسة التحريرية لوسائل الإعلام القطرية، فصارت تلعب علانية في تشويه الأهداف التي يقاتل التحالف العربي من أجلها، فقد صرّح وزير الدفاع القطري، خالد العطية، لقناة TRT، بأن قطر “أجبرت على الانضمام للتحالف العربي في اليمن”. على الرغم من أن قطر ودّعت جيشها الذاهب للقتال في اليمن، بتشريفات رسمية وشعبية، وأغاني حماسية رافقت مراسم الوداع. كما ناقضت تصريحات العطية، ما حاولت قطر إثباته طوال مشاركتها في عاصمة الحزم، بأنها ذهبت لدعم الشرعية، ولمحاربة الانقلابيين والإرهابيين في آن، ويدلل ما قاله العطية، أن لمشاركة قطر المباشرة ووصول قواتها إلى الأراضي اليمنية، لم يكن لمصلحة أهداف التحالف المعلنة، وإنما كان للحفاظ على مصالحها في اليمن، والمتمثلة في التنظيمات المتشددة التي استثمرت فيها على مدار سنين فاتت، وعلى رأسهم “حزب الإصلاح” الإخواني، الذي أدرجت الولايات المتحدة أهم قياداته في اليمن (حسن أبكر، خالد بن علي العبيدي) على لائحة الإرهاب الدولي، لتسهيلهم الدعم المالي لتنظيم القاعدة في محافظات الجنوب. كما يملك حزب الإصلاح في اليمن، بحسب جريدة الاتحاد، أكثر من 90 وسيلة إعلامية جميعها مدعومة من قطر وتركيا.
ولكن بعد انكشاف الدور القطري، بدأ إعلامها يسلّط الضوء على خفايا الحرب، ويؤنسن على غير عادته الأخبار الآتية من هناك، فبدأت اسطوانة “السجون السرية” تدور شاشة الجزيرة، وخاصة في مدينة “المكلا”، عاصمة حضرموت، حيث نشرت الجزيرة أكثر من تقرير يتحدث عن تعذيب واختطاف يدور بعلم قوات التحالف، لمحاولة تحويل الحرب ضد الإرهاب في اليمن، إلى حرب ضد حقوق الإنسان.
في الوقت الذي تحوّل فيه الخطاب الإعلامي القطري، إلى اللعب على المكشوف، استضافت الجزيرة متحدثين باسم قيادة الحوثى، لتعويض ما خسرته قطر على الأرض، بعد طردها من قوات التحالف العربي، بجانب دعمها وتمويلها لقنوات تهاجم دول التحالف أكثر مما تهاجم الحوثيين، مثل قناة الإخوان “سهيل” التي تبث من تركيا، وقناة “بلقيس” وصاحبتها الإخوانية توكل كرمان، والتي تتكفل قطر علانية بجميع رواتب إعلامييها ونشاطاتهم ومؤتمراتهم، التي تعمل لصالح قطر والإخوان في اليمن.
بعد خروج قطر مرغمة من قوات التحالف العربي في اليمن، وخسارتها للنفوذ الذي كانت تطمح إليه على الساحل الجنوبي، قامت بتركيز دعايتها الإعلامية على تلك المنطقة، لضرب شرعية التحالف، عبر بث الاسطوانة المألوفة عن سجون سرية وتعذيب واختطاف.. واستهدفت بالذات دعايتها، مدينة “المكلا” وغيرها من مدن الجنوب، حيث تنشط القاعدة بمعاونة الإخوان، بعد أن تحررت من أيدي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، فبثت التقارير عن سجون سرية أقامتها دول التحالف في المدينة، محاولة إضفاء شرعية على حرية حركة الإرهابيين، بعد دحرهم من قبل قوات التحالف 24 إبريل 2016، وهو ذات أسلوب التشهير الذي تستخدمه ضد الجيوش الوطنية في أكثر من دولة عربية، عندما تقاتل تلك الجيوش الإرهابيين أو تسجنهم.