الواجهة الرئيسيةرفوف المكتبةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية
25 يوماً إلى عدن.. القصة المجهولة لقوات النخبة العربية في الحرب

كيوبوست

شكَّلت دول الخليج العربية في عام 2015 تحالفاً عسكرياً ضم عشر دول؛ بهدف منع الحوثيين، وكلاء إيران، من إكمال سيطرتهم على اليمن، وذلك بعد انقلابهم على الحكومة اليمنية الشرعية، بدعم من إيران، والتي سعت إلى اكتساب موقع نفوذ في الطرف الغربي من شبه الجزيرة العربية، وذلك على الرغم من إحجام واشنطن عن دعم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن؛ خوفاً من أن يؤثر ذلك سلباً على مفاوضات واشنطن مع طهران لإحياء الاتفاق النووي.
وفي هذا الإطار، ألَّف الكاتب والباحث الأمريكي، مايكل نايتس، الخبير العسكري في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قصصاً عن تحرير مدينة عدن اليمنية ومنع سقوطها في قبضة ميليشيات الحوثي على أيدي القوات السعودية والإماراتية واليمنية. ويكتسب هذا الكتاب أهمية كبيرة بالنظر إلى عدة عوامل؛ أبرزها أن معركة تحرير عدن كانت معركة مصيرية، إذ إن أي تباطؤ في تحريرها كان سيؤدي إلى سقوط اليمن تحت سيطرة إيران، كما أن تحرير المدينة منع تحولها إلى أحد أهم منافذ الدعم والتمويل الإيراني للحوثيين بحراً، بالإضافة إلى إبعادهم عن تهديد خطوط الملاحة البحرية بالقرب من مضيق باب المندب. وتحقق هذا الإنجاز بفضل التدخل العسكري لدولة الإمارات العربية المتحدة.

ويؤكد نايتس أن العملية العسكرية الإماراتية كانت دراسة حالة ناجحة بكل المعايير العسكرية؛ وذلك لأنها نجحت في تحقيق الهدف الاستراتيجي، وذلك دون التورط في عمليات عسكرية تمثل استنزافاً لها؛ وهو هدف من العسير إتقانه بالنسبة إلى أقوى الجيوش العسكرية، بدليل أن الولايات المتحدة سعت مراراً للقيام بذلك دون نجاح يُذكر، على نحو ما تكشف عنه تدخلاتها العسكرية في أفغانستان والعراق؛ خصوصاً الحالة الأولى، والتي أخفقت فيها واشنطن في تحقيق الهدف الاستراتيجي، أو حتى تجنب الانخراط العسكري الممتد.
شاهد: فيديوغراف: “25 يوماً إلى عدن”.. عن البسالة الإماراتية في اليمن
ويؤكد نايتس أن الإمارات برعت في ذلك؛ نظراً لنجاحها في الجمع بين القرار العسكري الحصيف، وتوفير عمليات الإغاثة للمدنيين، إلى جانب إدارة العمليات العسكرية من خلال نشر قوات إماراتية عملت بالشراكة مع المقاومة المحلية. وبالتالي يمثل هذا الكتاب أول رصد عسكري رصين لدور دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الجانب المحوري من الحرب؛ وذلك بالاعتماد على شهادات موثقة من جنود دولة الإمارات، بالإضافة إلى روايات المقاومة اليمنية، التي عملت جنباً إلى جنب مع القوات الإماراتية في بعض المعارك.

حرب ضرورة لا اختيار
أشار نايتس، في البداية، إلى اليمن باعتباره بلداً خطيراً يعاني فقراً مدقعاً، وعصياً على الفهم؛ إذ ينتشر السلاح بصورة تفوق عدد البشر، كما أن أولئك الذين يتابعون الأحداث الدولية سوف يتذكرونه بهجوم “القاعدة” على المدمرة الأمريكية “يو إس إس كول” في عدن سنة 2000، والذي راح ضحيته 17 بحاراً أمريكياً. ويستدرك نايتس مؤكداً أن اليمن لم يكن دوماً على هذا الوضع؛ فقد كان معروفاً بحضارة سبأ الزاهرة في العصور القديمة، كما أن الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، امتدح أهلها، قائلاً: “أرقُّ أفئدةً وألينُ قلوباً، الإيمانُ يَمانٌ والحكمةُ يمانيةٌ”.
وانتقل مؤلف الكتاب بعد ذلك إلى التأكيد أن التاريخ الحديث لليمن يملأه الحرب والصراع؛ فلم يعرف الاستقرار في تاريخه الحديث، إذ إن شمال اليمن وجنوبه لم يكدا يتحدان في مايو 1990، حتى شهدا حرباً أهلية في عام 1994، سعى خلالها الجنوب للانفصال عن الشمال؛ وهي الحرب التي أبقت اليمن موحداً، غير أن ذلك لم يمهد الطريق إلى الاستقرار؛ بل شهد شمال اليمن ست حروب أهلية أخرى بين قوات الحكومة اليمنية والقبائل الحوثية في الشمال، والتي امتدت خلال الفترة من 2004 إلى 2010؛ وذلك غير الحرب التي قام بها الحوثيون في عام 2014، والتي انقلبوا فيها على الحكومة الشرعية في صنعاء، واستولوا على السلطة بقوة السلاح، وذلك بعد فترة من الإضرابات التي شهدتها الحكومة اليمنية؛ بسبب أحداث الربيع العربي.

ومثَّل أحد العوامل التي مكَّنت الحوثيين من السيطرة على صنعاء؛ الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي تنحى عن السلطة في فبراير 2012، إثر الاحتجاجات الداخلية، غير أنه لجأ إلى إقامة تحالف مصلحي مع الحوثيين؛ لضمان العودة إلى السلطة، خصوصاً بعدما سعت الحكومة اليمنية المؤقتة، المعترف بها من الأمم المتحدة، لإضعاف نفوذ صالح، عبر محاولة إزالة الموالين له من الجيش اليمني؛ إذ أوعز صالح إلى أنصار في الحرس الجمهوري للاحتفاظ بالسلاح الثقيل، وتحالف مع الحوثيين، والذين استغلوا ذلك، وسيطروا على شمال اليمن، وبدؤوا تدريجياً في السيطرة على العاصمة صنعاء، ومنها إلى كامل الأراضي اليمنية، عبر محاولة الاستيلاء على جنوب اليمن؛ خصوصاً مدينة عدن.
وفي عام 2014، تمكَّنت وحداتهم العسكرية من التسلل إلى صنعاء، ووضع الرئيس هادي ووزير دفاعه اللواء محمود الصبيحي، قيد الإقامة الجبرية، وإخضاع الجيش اليمني للجنة مركزية جديدة من الحوثيين ورجال صالح. وتمكن الحوثيون، بمساعدة القوات الموالية للأخيرة، من السيطرة على الأسلحة الاستراتيجية الأكثر تقدماً في البلاد؛ مثل 18 صاروخاً باليستياً من طراز “سكود بي” سوفييتية الصنع، ونحو 45 صاروخاً كورياً شمالياً، بجانب 24 صاروخاً باليستياً قصير المدى، سوفييتية الصنع، فضلاً عن السيطرة على العديد من صواريخ أرض- جو والصواريخ المضادة للسفن، والألغام البحرية، وبالتالي بات تحالف الحوثيين- صالح قادراً على تهديد معظم دول الخليج العربية بالصواريخ الباليستية، فضلاً عن تهديد حركة الملاحة في البحر الأحمر.

وتمكن الحوثيون في مارس 2015، من السيطرة على مطار عدن الدولي ومناطق واسعة من المدينة الساحلية الاستراتيجية، غير أن تدخل القوات الخليجية أوقف هذه المخططات؛ خصوصاً بعدما تمكَّن الرئيس هادي من الهروب من الإقامة الجبرية، وسحب خطاب استقالته، الذي أُجبر على توقيعه، في سبتمبر 2014. وأعلن مدينة عدن كعاصمة مؤقتة لليمن، ثم توجه بطلب عاجل إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجامعة العربية؛ للتدخل.
ولم يكن قرار الحرب بالنسبة إلى الإمارات سهلاً؛ بل جاء بعد استنزاف كل الخيارات الأخرى، إذ جاء كملاذ أخير بعد ستة أشهر من فشل الأمم المتحدة والولايات المتحدة في وقف تقدم الحوثيين العسكري للاستيلاء على مزيد من الأراضي اليمنية، وعبَّر عن ذلك الموقف أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، في ذلك الوقت، والذي أكد “نحن لا نريد الذهاب للحرب؛ لقد حاولنا القيام بكل ما يمكن القيام به لتجنب ذلك، غير أن جميع الجهود السياسية باءت بالفشل، ولذلك قررنا في النهاية التدخل عسكرياً لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها من الأمم المتحدة”.

ونظرت دولة الإمارات إلى ارتباط الحوثيين بالحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” اللبناني؛ باعتباره تهديداً ماساً بأمن دولة الإمارات؛ نظراً لاحتلال إيران ثلاث جزر إماراتية، هي: طنب الصغرى، وطنب الكبرى، وأبو موسى، فضلاً عن تهديد إيران أمن الممرات الملاحية للدولة خلال الحرب الإيرانية- العراقية 1980- 1988.

ومن جهة أخرى، فإن مساعي الحوثيين للسيطرة على عدن سرَّعت الجهود الرامية للتدخل العسكري في الأزمة؛ نظراً لأن الحوثيين كانوا سيستطيعون عبر السيطرة على المدينة الوصول إلى مضيق باب المندب، والذي تمر به نحو 20% من حركة النفط العالمية؛ وهو ما سيمكنهم من تهديد الأمن البحري هناك بتوجيه من طهران.
وفي هذه الظروف، تشكَّل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن لإنقاذ البلاد، ومنع ميليشيات الحوثيين الموالية لإيران من السيطرة على جنوب الجزيرة العربية وتهديد الممرات الملاحية الرئيسية التي تربط بين آسيا وأوروبا عبر البحر الأحمر وقناة السويس.

وفي هذا الإطار، انطلقت المعارك العسكرية لتحرير عدن في يوليو 2015، بمشاركة من القوات المسلحة الإماراتية والمقاومة الجنوبية، في معركة حاسمة تعد الأهم في تاريخ الصراع اليمني الحديث. وفي حين جنَّد الحوثيون الكثير من الأطفال، وقدموا لهم المخدرات التي حصلوا عليها من إيران و”حزب الله” اللبناني، كان المدافعون عن عدن مدفوعين بعوامل أخرى، يتقدمها الدين والرغبة في الاستقلال باليمن الجنوبي. وعليه، شهدت مدينة عدن مقاومة شعبية ضد الحوثيين، وسعت محطات التليفزيون في عدن ومساجد المدينة لتعبئة الأفراد على حمل السلاح وقتال الحوثيين.
تحرك عربي مستقل
أخفقت الدول الغربية في إدراك أن الإمارات والسعودية وأعضاء التحالف العربي يمكن أن يشنوا حملة جوية واسعة النطاق ومكثفة بشكل مستقل عن الجيش الأمريكي؛ وهو ما حدث مع بدء عملية عاصفة الحزم في الساعات الأولى من صباح 26 مارس 2015، إذ تم تنفيذ ضربات جوية مكثفة على مدار ثلاثة أيام. وكانت الولايات المتحدة تتفاوض مع إيران على إبرام اتفاق نووي لضمان سلمية برنامجها النووي، ولذلك أحجمت عن تقديم الدعم العسكري لشركائها الخليجيين، وهو ما مثَّل بداية لتراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وحول العالم.

تخطيط عسكري مخضرم
كشف التخطيط للتدخل العسكري في اليمن عما تتمتع به قيادة دولة الإمارات من خبرة عسكرية حصيفة؛ فقد أدرك نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وولي عهد أبوظبي، وقتها، سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن القوة الجوية وحدها لن تكون كافية لتحرير عدن من الاحتلال الحوثي، وأهمية وجود قوات برية للدفاع عن المدينة؛ إذ إن القوة الجوية تحتاج إلى قوات خاصة تستطيع تحديد الأهداف المراد استهدافها لتوجيه ضربات المقاتلات، وتقليل مخاطر وقوع إصابات بين المدنيين. كما أن وجود القوات البرية سوف يرفع من الروح المعنوية للسكان المحليين وقوات المقاومة المحلية.
ولذلك أصدر سمو الشيخ محمد بن زايد أوامر لقادته بإدخال قوات خاصة إلى عدن؛ لمساندة الميليشيات القبلية المحلية والوحدات العسكرية الموالية لهادي. وكشف هذا التدخل، وفقاً للكاتب، عن احتفاظ دولة الإمارات بجيش قوي، يتمتع بخبرات عسكرية واسعة؛ مثل إقامة جسر جوي، فضلاً عن أسطول طائرات للتزود بالوقود جواً؛ وهو الأمر الذي منحها قدرة على تنفيذ عمليات عسكرية بشكل مستقل.

ولم يكن لهذا التخطيط الرفيع أن يتم دون الخبرة العسكرية العميقة لسمو الشيخ محمد بن زايد نفسه، الذي تخرج في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة، بجانب خدمته كطيار ضابط في القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي.
وأظهرت القوات الإماراتية أروع البطولات على الأراضي اليمنية؛ وهي تمنع ميليشيات الحوثي من السيطرة على عدن، مما تسبب في انتكاسة كبيرة لخططهم، ولتتحول معركة عدن إلى قصة كفاح مشتركة بين اليمنيين والإماراتيين في صد هجوم الحوثيين، في المرحلة الأولى، وذلك قبل أن يتحولوا من الدفاع إلى الهجوم عبر شن هجوم مفاجئ لطرد الحوثيين بعيداً من عدن لمئات الكيلومترات في كل الاتجاهات.

وعندما قررت دولة الإمارات التدخل لمساندة اليمنيين في عدن؛ كان الحوثيون في قمة قوتهم، بينما كانت المقاومة اليمنية في أضعف حالاتها. وتمكنت أبوظبي من تغيير ذلك الوضع، عبر تصميم حملة منسقة من الضربات الجوية والبحرية، والتي استهدفت مقاتلي الحوثيين ومركباتهم وأسلحتهم الثقيلة. كذلك نشرت قيادة الإمارات قوات خاصة بشكل سري إلى عدن؛ لتوجيه المقاتلات الإماراتية لاستهدف مواقع الحوثيين. وتمكنت القوات الإماراتية من تحرير مدينتَي “التواهي” و”عمران”، كما قدمت الدعم لمقاتلي المقاومة اليمنية للدفاع عن ميناء عدن. وعملت القوات البحرية والجوية وقوات الدفاع الجوي التابعة للإمارات العربية المتحدة بجد لإبقاء خطوط الإمداد مفتوحة، ومواصلة القصف الدقيق والمكثف على مواقع الحوثيين.

وتمكنت المقاتلات الإماراتية، في الأيام الأولى من التدخل، من تدمير مواقع عدة للحوثيين؛ حيث دمرت المقاتلات الإماراتية منظومات الدفاع الجوي في صنعاء وصعدة والحديدة، إضافة إلى مراكز للقيادة والسيطرة، وكذلك مخازن الصواريخ الباليستية. وبفضل الدعم الإماراتي للمقاومة اليمنية بالمدرعات، تمكنت من اقتحام محيط مطار عدن الدولي، ونجحت في السيطرة عليه، نظراً لأن دولة الإمارات جهزتها بعناية للمعركة. وتدخلت الإمارات لدعم المقاومة الشعبية لتحرير مدينة التواهي، كما أنها أوصلت المواد الغذائية إلى السكان، وقامت بإجلاء مقاتلي المقاومة الجرحى والمدنيين للعلاج.
ولم يقتصر دور دولة الإمارات على تحرير الجنوب من الحوثيين؛ بل إنها اتجهت إلى محاربة الإرهاب كذلك، فقد لعبت القوات الإماراتية دوراً مشهوداً في تحجيم تنظيم القاعدة وطرده من معاقله الرئيسية، في المكلا عاصمة محافظة حضرموت، ومدن زنجبار وجعار وشبوة؛ وذلك عبر تأسيس الجيش الإماراتي قوات أمنية من عناصر المقاومة الجنوبية بعد دمجها بقوات الجيش والأمن، وهي القوات التي عُرفت باسم قوات الحزام الأمني، والتي حاربت التنظيم في عدن ولحج وأبين؛ مما أدى الى تحسن الوضع الأمني في المحافظات المحررة. وبحلول مطلع 2016 تمكنت قوات الحزام الأمني من مداهمة مواقع الإرهابيين في محافظة عدن، واعتقال عدد كبير منهم؛ وهو ما أسهم في تراجع وتيرة العمليات الإرهابية بشكل كبير.
اقرأ أيضاً: هل يعيد تنظيم القاعدة بناء نفسه في اليمن؟
دور إنساني فاعل
أسهمت دولة الإمارات في استقرار عدن بعد تحريرها، وذلك عبر القيام بعدد من الخطوات التي هدفت إلى استعادة الحياة الطبيعية في المدينة، وذلك من خلال تعزيز الوضع الأمني، عبر تأهيل قوات شرطية في مدينة عدن، وذلك بعد إخضاعها للتأهيل من خلال شرطة أبوظبي، كما أنها قامت بتأهيل أربعة ألوية من اللجان الشعبية كقوة أمنية دائمة لتوفير الحماية لحكومة اليمن.
ووجهت الدولة كذلك جهودها إلى إعادة إعمار عدن وبنيتها التحتية الحيوية التي تعرضت إلى التدمير خلال الحرب مع الحوثيين، فقامت دولة الإمارات بإعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء لإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء في عدن، وتكفلت كذلك بدفع النفقات التشغيلية لتوليد الطاقة الكهربائية.

وقدمت الدولة كذلك مساعدات طبية إلى المدنيين من خلال الهلال الأحمر الإماراتي، وغذائية عبر مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، فضلاً عن قيام أبوظبي بتأهيل مستشفيات عدن بتكلفة بلغت نحو 35 مليون درهم. وبالتوازي مع هذه الجهود، قامت دولة الإمارات بصيانة نحو 123 مدرسة في محافظة عدن بعد تأهيلها، وقدمت كذلك مستلزمات دراسية للطلاب لمساعدتهم على استئناف تعليمهم، والذي توقف وقت الحرب. وأخيراً، قامت الإمارات بتأهيل مطار عدن وتشغيله، ودربت موظفي المطار والموانئ في عدن؛ لمساعدتهم على إدارة هذه الموانئ، وهو ما أسهم في تحريك عجلة التنمية وعودة الحياة إلى طبيعتها في مدينة عدن.

قصة ألهمت التحرير
ذكر الكاتب أحد النماذج الملهمة عن إحدى المعارك في جنوب اليمن؛ فقد أشار إلى أنه في إحدى الحالات، خصوصاً الأيام الأولى للمعارك، ومع بدء الحوثيين تحقيق تقدم عبر استخدام الدبابات، وعندما وصل الجنود الأوائل من الإمارات إلى عدن، أبلغهم اليمنيون بصعوبة وقف هذه الدبابات الحوثية، وطلبوا منهم المغادرة، غير أن الإماراتيين صمدوا وأكدوا قدرتهم على التعامل مع الوضع. وكانت هناك مجموعة من القوات الخاصة الإماراتية ميدانياً مع طائرات إماراتية- سعودية، وبهذا التضافر بين الجانبَين، تم تدمير أكثر من 20 دبابة في بضع ساعات، وبعد ذلك بدأ الأمل يعم في صفوف المقاومة اليمنية.
ونقل عن اليمنيين في عدن قولهم، بعد ذلك، إنه إذا كان هناك عدد قليل فقط من القوات العربية أوقفوا الحوثيين من التقدم؛ فإن هناك فرصة لنصمد ونتقدم أكثر، وهذا ما حدث؛ فقد صمدوا لأشهر حتى أصبحوا أكثر قوة لمهاجمة الحوثيين وإجبارهم على الانحسار والتراجع كيلومترات من المكان الذي كانوا يوجدون فيه.
وفي الختام، قدم الكتاب رواية محايدة للدور الإماراتي الفاعل في تحرير مدينة عدن من الحوثيين؛ وهي الجهود التي لم تقتصر على الشق العسكري، ولكن تجاوزته لتشمل كذلك إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، وتأهيل المرافق الحيوية، كالمستشفيات والمدارس، فضلاً عن تأسيس قوات أمنية وعسكرية للحفاظ على الاستقرار الأمني، وذلك بعد دحر الحوثيين و”القاعدة”، على حد سواء.
اسم الكتاب: 25 يوماً إلى عدن.. القصة المجهولة لقوات النخبة العربية في الحرب
المطبعة: آي بي إس بروفايل بوك
عدد الصفحات: 256 صفحة
سنة النشر: 2023