الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةملفات مميزة
“يوم عقاب المسلمين”: حملات تدعو إلى قتل وتعذيب مسلمي بريطانيا
هل يقوم اليمين المتطرف بتنفيذ تهديداته حقًا؟

كيو بوست – أنس أبو عريش
يتداول مسلمو بريطانيا، هذه الأيام، أخبارًا تتعلق بدعوات مجموعات يمينية متطرفة لحملة كراهية ضد المسلمين المقيمين في بريطانيا. ويبدو أن الفزع بين المسلمين نتيجة هذه الدعوات بلغ حد عدم خروج الكثيرين خارج المنزل، خوفًا من تعرضهم للقتل على يد تلك المجموعات.
ويدور الحديث حاليًا عن حملة تُسمى “يوم عقاب المسلمين”، التي يقوم فيها أعضاء من جماعات يمينية متطرفة مجهولة، بتحريض البريطانيين على ارتكاب جرائم بحق المسلمين، بما فيها القتل والتعذيب وحرق المساجد.
مجهولة المصدر
وبحسب منظمة تيلماما -المتخصصة في شؤون الهجمات ضد المسلمين- فإن حملة مجهولة المصدر بدأت في 9 آذار/مارس، تدعو إلى قتل المسلمين وتعذيبهم والإضرار بهم بأي شكل كان. وقام منظمو الحملة بتوزيع رسائل تحريضية تهدد المسلمين، بعنوان “يوم عقاب المسلمين”. وتوقعت المنظمة أن تكون تلك الحملة جزءًا من حملة تحريضية أوسع من حملات الكراهية ضد المسلمين.
وكانت المنظمة ذاتها قد رصدت، العام الماضي (تموز/يوليو 2017)، حملة تدعى “قاتل المسلمين”، تستهدف المساجد في بعض مناطق لندن، وداخل الولايات المتحدة الأمريكية، قامت بتوزيع ظروف للمسلمين مع مساحيق “بيضاء غير سامة”.
وتبدو مغلفات الرسائل التحريضية من الخارج كرسائل عادية، لكن ما تبين لاحقًا أن الأختام الموجودة عليها مستخدمة من قبل، الأمر الذي اعتبرته المنظمة تضليلًا للقارئ حول مصدر الرسالة. لكن المنظمة عثرت على الأحرف الأولى من اسم المنظمة “قاتل المسلمين”، على الغلاف، الأمر الذي اعتبرته دليلًا على الرابط بين حملة “قاتل المسلمين” وحملة يوم عقاب المسلمين.
الرسائل الجديدة، التي بدأ توزيعها في آذار/مارس الماضي تحمل دعوات للعنف ضد المسلمين، في الثالث من أبريل/نيسان من هذا العام.
وتبتدئ الرسالة بالقول: “لقد آذوك، لقد جعلوا أحباءك يعانون، لقد تسببوا لك بالآلام، فماذا ستفعل؟ هل ستكون “خروفًا” كالأغلبية العظمى من الناس؟ الخراف تسير وراء الأوامر وتطيعها بشكل أعمى… لا يريد المسلمون لنا سوى الأذى وتحويل ديمقراطياتنا إلى دول تحكمها الشريعة الإسلامية وإلى دول بوليسية، لكن بإمكانك أن تمنع حدوث ذلك، ولديك القوة لتفعل ذلك، لا تكن خروفًا!”.
وتقدم الرسالة مجموعة من “النقاط التشجيعية” لكل عملية عنف يجري ارتكابها ضد المسلمين، بما في ذلك العنف اللفظي (10 نقاط)، وخلع حجاب امرأة (25 نقطة)، ورمي مسحوق الأسيد الحارق في وجه مسلم (50 نقطة)، وضرب مسلم (100 نقطة)، وتعذيب مسلم عبر الكهرباء أو غيره (250 نقطة)، وذبح مسلم باستخدام سلاح أو سكين أو دهسه (500 نقطة)، وحرق مسجد أو تفجيره (1000 نقطة)، وقصف مكة بالسلاح النووي (2500 نقطة).
وتختتم الرسالة بصورة سيف، في إشارة إلى الرغبة بقتل المسلمين.
وذكرت المنظمة أن بعض الرسائل وصلت إلى بعض المناطق مغلفة بمظاريف تدعو للاحتفال بيوم الأم، في محاولة أخرى لتضليل حاملي الرسائل. كما وصلت إحدى الرسائل إلى عضو البرلمان البريطاني محمد ياسين، وبعد أن فتح معاونوه الرسالة نقلوا إلى المشفى احترازيًا، بعد العثور على مسحوق أبيض داخل الرسالة.
وأوردت صحيفة ذا ناشيونال في تقرير لها أن الرسائل تأتي –على الأغلب- كرد فعل على هجمات تنظيم داعش الأربع التي نفذها في المملكة المتحدة عام 2017.
إدانة حكومية واستنفار أمني
من جهتها، أعلنت الحكومة البريطانية إدانتها للدعوات التحريضية التي تصدر عن حملة “يوم عقاب المسلمين”، خلال جلسة استجواب من البرلمان حول تلك الرسائل. وقالت وزيرة الداخلية، فيكتوريا أتكينز: “إن الرسائل لا تزال قيد التحقيق لدى الشرطة، لمعرفة المتورطين في إشاعتها، وفي التحريض ضد المسلمين. على أية حال، تدين الحكومة مضمون الرسائل وتعتبره عملًا بغيضًا ليس له مكان في مجتمعنا”. وأضافت أتكينز أن الحكومة تأخذ هذه الرسائل والإسلاموفوبيا على محمل الجد. وجاءت هذه التصريحات في جلسة استجواب بطبلب من النائبة عن حزب العمال البريطاني ياسمين قريشي.
وقالت الوزيرة أتكينز في ردها على قريشي: “إن الحكومة ملتزمة بأمن المسلمين في أنحاء المملكة المتحدة، وتؤكد دعمها الكامل لهم”.
1. تود سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة طمئنة المواطنين وإفادتهم بأنها على اتصال مع السلطات البريطانية بشأن محتويات المنشورات المسيئة التي يتم تداولها.
— Saudi Embassy UK (@SaudiEmbassyUK) March 29, 2018
وتقوم شرطة مكافحة الإرهاب حاليًا بمتابعة التحقيقات في القضية، على أمل منع حدوث أية توترات أو أعمال عنف ضد المسلمين في الثالث من أبريل/نيسان. وقال رئيس هيئة التحقيق، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في شمال شرق المملكة، مارك سنودن، إن الشرطة تأخذ على محمل الجد دعوات الكراهية التي تطلقها جماعات متطرفة، وتجري تحقيقات مكثفة حاليًا حول الموضوع.
وفي 27 آذار/مارس، نقلت الشرطة أن اعتداءات ضد المسلمين وقعت في عدد من المناطق، الأمر الذي اعتبرته الشرطة جزءًا من الحملة، خصوصًا أن أحد الحوادث وقع مع طالبة مدرسة طُلب منها تمزيق حجابها من أشخاص عدة، وتصويرها من أجل الحصول على النقاط. وقال النائب في البرلمان البريطاني أنس صروار إن العشرة أيام السابقة لهذا الحدث شهدت 5 اعتداءات كراهية ضد مسلمين، تنوعت بين الاعتداء اللفظي والجسدي.
ولاحقًا، أصدرت رابطة رؤساء الشرطة الوطنية بيانًا في 29 آذار/مارس، أكدت فيه أن التهديدات تُؤخذ على محمل الجد، وأن التدابير جارية لحماية الضحايا المحتملين من الأذى، ولتقديم أي مجرم للعدالة. وامتنعت الرابطة عن الإعلان عن أي تفاصيل حول ذلك حتى لا يتعرض سير التحقيق للفشل.
لكن 28 مؤسسة إسلامية بريطانية حذرت المسلمين من الخروج من المنزل، يوم الثالث من أبريل/نيسان، خوفًا من قيام بعض المتطرفين، بتنفيذ أعمال عدائية ضدهم، ضمن هذه الحملة. وأرسلت بعض المدارس تحذيرات إلى أولياء أمور الطلبة المسلمين، تطالبهم فيها باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن أبنائهم، حتى لو تطلب ذلك عدم السماح لهم بالخروج إلى المدارس في هذا اليوم.
ليست المرة الأولى
وليست تلك المرة الأولى التي تحدث فيها عمليات تحريض واسعة ضد المسلمين؛ إذ عادة ما تشهد دولًا أوروبية حملات مشابهة، خصوصًا من الجماعات اليمينية المتطرفة. وتظهر تلك الحملات على شكل حملات مماثلة، أو عبر مسؤولين حكوميين، أو حتى أعضاء في البرلمانات الأوروبية.
وبحسب منظمات دولية، فقد تصاعدت وتيرة أحداث أعمال العنف والكراهية ضد المسلمين في أوروبا بنسبة 40% العام الماضي، عن العام السابق، فيما يتوقع مراقبون ازدياد الوتيرة أكثر فأكثر، بسبب تزايد نفوذ الحركات اليمينية المتطرفة في أوروبا.
وكانت محكمة بريطانية قد حكمت بالسجن 20 عامًا، الأسبوع الماضي، على رجل حاول قتل امرأة مسلمة وطفلتها (12 عامًا)، للثأر من “العمليات الإرهابية التي ينفذها مسلمون في بريطانيا”.
وفي شباط/فبراير الماضي، حُكم على رجل أربعيني بالسجن مدى الحياة، بعد أن دهس مجموعة من المسلمين الخارجين من الصلاة في أحد مساجد لندن، متسببًا بقتل مسلم وإصابة 12 آخرين.
المصادر: تيلماما: ظهور رسائل غريبة + تيلماما: الحكومة تدين + بي بي سي + سنوبس + إندبندنت + ذا ناشيونال