الواجهة الرئيسيةصحةمقالاتيوميات أمريكيةيوميات كورونا
يوميات طالب عربي في أمريكا مع “كورونا” 36
أبوظبي البعيدة

كريم هاشم
28 أبريل 2020
سأكون صريحاً، أشعر بقلق حقيقي الآن. لقد غادر جميع أصدقائي الفلسطينيين السكن الجامعي، وقريباً جداً يغادر أصدقائي المصريون (آمل أن تتم رحلتهم على خير)، وسأكون هنا بمفردي وحيداً بكل معنى الكلمة هذه المرة.
لقد تمكنت، خلال الأيام الماضية، من الهروب من قبضة المصير المحتوم الذي استمر في ملاحقتي ليلقي بي خلف قضبان العزلة. نجحت في الإفلات مرات عديدة بطريقة أجدها مثيرة للدهشة؛ فقد حمل كل يوم من الأيام الماضية حلولاً مختلفةً ساعدتني على الهرب. كانت الأيام الماضية تنتهي غالباً إما بقضاء وقت ما، حتى ولو كان قصيراً جداً، مع بعض الأصدقاء الذين كنت ألتقيهم بالصدفة المحضة، ويشاركونني الموقف ذاته الذي أمر به، وإما بحدوث شيء ما خلال اليوم يكون كافياً لإلهائي عن التفكير في العزلة التي أواجهها. وسأعترف، لقد كتبت في يوميات سابقة عن العزلة والوحدة كما شعرت بهما وقتها، أو كما خيل لي أنني شعرت بهما؛ لكن الحقيقة أنني كنت أسقط مخاوفي المستقبلية على واقعي، آنذاك.
اقرأ أيضاً: ما الأضرار النفسية للعزل الاجتماعي في زمن الكورونا؟
تشرح مدرسة عالم النفس الفرنسي جاك لاكان، للتحليل النفسي، هذا النوع من القلق. كان خوفي من عدم اليقين الذي أشعر به إزاء المستقبل ينعكس على الحاضر، وكانت قوته كافية لإقناعي أنني كنت أعيش بالفعل حالة العزلة والوحدة. ومع ذلك، فأنا الآن أواجه حالياً هذه الحقيقة المؤكدة، وتتزامن معها حقائق أخرى أكثر إثارة للقلق؛ مثل اقتراب الامتحانات النهائية للفصل الدراسي، وضغوط شهر رمضان، وعدم اليقين بشأن إمكانية عودتي بعد نهاية الفصل الدراسي أو بقائي بحكم إغلاق ولاية إلينوي وتوقف الطيران، ومتى يمكنني أن ألتقي والدَي مجدداً. هذا الأمر يقلقني كثيراً.. صحيح أنني لم أذكر الكثير عن والدي ووالدتي في اليوميات السابقة؛ ولكنهما الدافع الأساسي وراء أي شيء أكتبه، فهناك دائماً رغبة قوية في رؤيتهما مرة أخرى، وهو شعور حاضر في كل شيء أفعله. والآن يغلفني شعور بالحاجة إلى رؤيتهما مجدداً، شعور بالقلق الذي يمازجه الخوف.
إلى أبي وأمي ( سلم لي عليه _ فيروز)
في السياق ذاته، أتذكر كل شخص في أبوظبي كان من المفترض أن أراه في مثل هذه الأيام؛ جميع أصدقائي، وأصدقاء العائلة والجيران، ومخبز السلطان، وكارفور الكبير في شارع المطار.. وما إلى ذلك. دعائي في صلاتي خلال هذه الأيام الفضيلة يذهب معظمه إلى أن أعود مجدداً إلى دولة الإمارات مع نهاية هذا الفصل الدراسي الشاق والمرهق، والاستلقاء في غرفتي في منزلنا للراحة، رفقة والدي، ومع طعام والدتي المميز. لحسن الحظ فإنني أتواصل مع والدَي مرات عدة خلال اليوم؛ ما يسهل عليَّ الوضع نوعاً ما. ومع ذلك، سيكون الحل الوحيد هو أن أكون فعلياً إلى جوراهما مع آخرين من أفراد عائلتي المقيمين في الإمارات، وأدعو الله أن يكون ذلك قريباً.
لمطالعة النسخة الإنكليزية: اضغط هنا
(To Read The English Version, Click Here)
لقراءة اليوميات السابقة يُرجى الضغط على هذا الرابط