الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
يجب على العالم إيقاف جرائم الحرب في إثيوبيا
يجدر بالدول المانحة أن تعيد النظر في دعمها إثيوبيا التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات.. وإن لم يفعل أحد شيئاً ستنزلق البلاد إلى أزمة أعمق

كيوبوست- ترجمات
أغلقت قوات الشرطة والميليشيات طرق الخروج من بلدة ماي كادرا الزراعية الصغيرة الواقعة في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا، ثم فتشت المنازل وفحصت هويات مَن فيها، وعزلت كل مَن هم ليسوا من إقليم تيغراي، وخربت شرائح الهواتف المتحركة لمنع الناس من الاتصال طلباً للنجدة. وبعد ذلك، في التاسع من نوفمبر، قام أعضاء مجموعة شبابية تيغرانية بطعن وخنق وحرق المئات من رجال الأمهرة وفقاً للجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان. وعندما وصلت قوات الحكومة الاتحادية إلى المدينة في الصباح التالي كان هنالك 600 شخص على الأقل قد فقدوا حياتهم أيضاً، حسب اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان.
وبسبب قطع الإنترنت والاتصالات الهاتفية والقيود المفروضة على الصحفيين والمنظمات غير الحكومية، أصبح من الصعب التأكد مما يجري؛ ولكن لا شك في أن مجزرة قد وقعت. وقد حصلت منظمة العفو الدولية على مقاطع مصورة لجثث متناثرة في شوارع البلدة. ومن المرجح أن هذه المجزرة قد ارتكبتها قوات متحالفة مع جبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الحاكم في تيغراي. ومما لا شك فيه أيضاً أن قوات الحكومة الاتحادية أو الميليشيات العرقية المتحالفة معها قد ارتكبت أيضاً فظائع في المنطقة نفسها. وقد روى التيغرانيون، الذين فرُّوا عبر الحدود مع السودان، قصصاً عن هجمات على المدنيين شنتها ميليشيات الأمهرة وجنود حكوميون. بينما تقول الحكومة إن عملاء لجبهة تحرير شعب تيغراي يروجون أخباراً ملفقة.
اقرأ أيضاً: الأسباب والسيناريوهات المتوقعة للصراع الداخلي في إثيوبيا

لم يمضِ على الحرب الأهلية في إثيوبيا أكثر من شهر؛ ولكن أهوالها تتضاعف بسرعة. القوات الحكومية تحاصر ميكيلِّي عاصمة إقليم تيغراي. وفي الحادي والعشرين من نوفمبر حذَّر الجيش الإثيوبي سكان المدينة الذين يبلغ تعدادهم نصف مليون نسمة بأنه “لن تكون هنالك رحمة”، وأن عليهم أن “ينقذوا أنفسهم”.
وفي اليوم التالي أعطى رئيس الوزراء آبي أحمد، جبهة تحرير شعب تيغراي مهلة 72 ساعة كي تستسلم. إن التعامل مع المدينة بأسرها، وكل سكانها، على أنها هدف عسكري سوف يكون جريمة حرب. في بلد مثل إثيوبيا تمزقه التوترات العرقية، يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى سفك دماء على نطاق واسع. وقد بدأ فرز التيغرانيين في مناطق أخرى، واعتقل المئات منهم في العاصمة أديس أبابا، وتم سحب سلاح الجنود التيغرانيين الذين يخدمون في الجيش الإثيوبي، كما اعتقل عدد منهم، وطُلب ممن يخدمون في الوظائف العامة أن يتوقفوا عن الحضور إلى عملهم. ويجري منع التيغرانيين من مغادرة البلاد في المطارات. يقول دبلوماسي أجنبي: “هذه رائحة رواندا”.
اقرأ أيضاً: آبي أحمد.. بطل إثيوبيا الجديد
وقد فوّت الطرفان فرصاً لتخفيف التوتر قبل أن تطلق جبهة تحرير شعب تيغراي الطلقات الأولى في الرابع من نوفمبر. والآن يبدو أن كلاً من الطرفين يعتقد أنه صاحب اليد العليا. يبدو أن آبي يحاول الإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي قبل أن يتسلم الرئيس بايدن السلطة في الولايات المتحدة. وقادة جبهة تحرير شعب تيغراي الذين تخرّج كثير منهم في حرب العصابات التي خاضوها ضد الديكتاتورية الماركسية في السبعينيات والثمانينيات، يعتقدون أنهم قادرون على انتزاع تنازلات من خلال القتال في التلال، وسحب المعارك بعيداً عن المدينة. ويتصرف الجانبان كما لو أنهما قادران على الكسب من خلال القتل أكثر من الحوار.
اقرأ أيضاً: هذا ما يكشفه اتفاق الصلح بين إثيوبيا وإريتريا

يجب على أطراف خارجية أن تقنعهم بخلاف ذلك؛ أولاً الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي يجب أن يعلنا بوضوح أن مرتكبي جرائم الحرب سوف يحاسبون، ويجب السماح لمحققين مستقلين بمعرفة ما حدث في ماي كادرا. ويجب عدم التعرض إلى المدنيين وفتح الممرات الإنسانية للسماح بتدفق المساعدات.
وإذا ارتكبت إثيوبيا جرائم حرب خطيرة يجب على الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي فرض حظر على شراء الأسلحة عليها. وهذا بالطبع لن يوقف القتل فوراً؛ فالمنطقة تغص بالبنادق والأسلحة البيضاء، ولكن وقف تدفق قذائف المدفعية والقنابل من شأنه أن يحد كثيراً من الأعمال الحربية وأن يبعث برسالة واضحة إلى الطرفين.
اقرأ أيضاً: قراءة في دفتر أحوال اللاجئين الإثيوبيين الفارين إلى السودان
كما يجدر بالدول المانحة أن تعيد النظر في دعمها إثيوبيا التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات. الاتحاد الأوروبي متردد في اتخاذ أي إجراء؛ خوفاً من اتهامه بالاستعمار الجديد، والاتحاد الإفريقي متردد بسبب سياسته القاضية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأعضائه. لم يفعل أحد شيئاً وستنزلق إثيوبيا إلى أزمة أعمق؛ حتى إنها يمكن أن تتفتت كما حدث في يوغوسلافيا في التسعينيات.
يجب أن يمارس الجيران الجيدون ضغوطاً على الجانبَين؛ لمنع حدوث كارثة مثل هذه.
المصدر: ذا إيكونوميست