اسرائيلياتشؤون دولية

يتزوجن في الـ17 وينفقن على أزواجهنّ وأطفالهنّ: هل تخرج الحريدية من قوقعة طائفتها؟

قد تنجب الحريدية 16 ابنًا وابنة خلال حياتها

كيو بوست – أنس أبو عريش

يبدو أن عالم المتدينيين اليهود المتشددين – الحريديم، سيبقى معزولًا عن المحيط الذي يعيش فيه إلى أمد بعيد، إذ بعد أن تحققت بعض التغييرات على هذا العالم نحو الانفتاح، لا يبدو أن المجتمع الحريدي يسير حقًا نحو تغيير أسس وعقائد المتدينيين بشكل كامل باتجاه قبول تطورات العصر.

يعيش الحريديم منذ آلاف السنين في عالم معزول، حيث يمنع فيه استخدام كل ما صنع بأيدي غير اليهود، كما يحرم تناول أي طعام مسه غير اليهود، ولو بشكل عرضي، إضافة إلى تحريم الاستفادة –بأي شكل من الأشكال- من المنتجات التكنولوجية، التي يوفرها تطور العلم الحديث!

من هم الحريديم؟

الحريديم هم اليهود المتشددون دينيًا، الذين يعتقدون بأنهم يسيرون على خطى النبي موسى، الذي تلقى التعليمات والأوامر من الله مباشرة في جبل سيناء. ويعيش الحريديم حياة معقدة من التعليمات الصارمة التي تشمل أصغر تفاصيل حياتهم اليومية. ويكرس الحريدي حياته لتعلم التوراة –الكتاب المقدس لليهود- وتعاليمه وتفسيراته وكل ما يتعلق بنصوص هذا الكتاب وتفاصيل القصص الواردة فيه. لذلك، لا يعمل الحريديم في أي أعمال حياتية، فهم لا يقومون بالعمل في أي مجال من أجل الإنفاق على أسرهم – لا يقومون بأي عمل أو وظيفة من تلك التي نعرفها اليوم، لأنهم يكرسون كل وقتهم من أجل تعلم أصول وتعاليم الديانة اليهودية فقط.

يعيش في إسرائيل اليوم قرابة مليون حريدي في مناطق مختلفة، في معازل متناثرة، يمنع على غير الحريدي الدخول إليها. وقد شهدت السنوات الأخيرة طرد الحريديم لكثير من اليهود غير المتدينيين من داخل أحيائهم، لأنهم “يخالفون تعاليم الكتاب المقدس” حسب وصفهم. ويرى الحريديم بأن من واجب دولة إسرائيل أن تسير على القواعد الواردة في التفاصيل بشكل صارم، دون أي تغيير، حتى لو كان طفيفًا.

ماذا عن المرأة؟

دور المرأة الحريدية يقتصر على أمور المنزل، والعائلة والأطفال، وتحضير الطعام، وغيرها من الواجبات المنزلية. وعادة ما ينجب الحريديم عددًا كبيرًا من الأطفال، يصل أحيانًا إلى 16 ابنًا وابنة. ويصل المعدل العام لعدد أطفال الأسرة الحريدية من 7-8 أطفال لكل عائلة حريدية، لكن يرتفع عدد كبير من هذه العائلات عن هذا المعدل. والمرأة الحريدية ليس لها أي صوت، فهي ليست سيدة نفسها، ولا سيدة بيتها؛ بل من الواجب عليها أن تكون مطيعة لوالديها في بيتها، ومطيعة لزوجها في بيت الزوجية في كل الأمور، وبصرامة كبيرة!

والاحتشام قيمة مقدسة لدى الحريدية؛ إذ ليس لها الحق في أن ترتدي أية ملابس تكشف أجزاء من جسدها، بما في ذلك شعرها، الذي تمتنع عن إظهاره حتى لزوجها!

وليس للزوجة الحق في أن تطلب أية معونة من زوجها، لأنه يكرس وقته لدراسة التوارة، وبالتالي فإن أي طلب منها يعتبر بمثابة تعطيل دراسته الدينية، التي تمتد إلى فترات طويلة من اليوم. ويمنع على المرأة الاختلاط مع الرجال، ويحرم عليها أن تكون بين الجموع، أو أن تشارك في نشاطات عامة.

وحين تبلغ المرأة 17 عامًا، تتزوج، حتى تتمكن من إنجاب أكبر قدر ممكن من الأطفال خلال حياتها.

العمل في الخارج

بما أن الرجال يكرسون كل أوقاتهم للدراسة، يفترض على المرأة الحريدية أن تعمل حتى تتمكن من إعالة زوجها وأطفالها. ورغم أنه مطلوب منها الاحتشام بشكل مبالغ فيه، وعدم الاختلاط بالجموع، وبالرجال، إلا أنه يطلب منها أن تقوم بالعمل بدلًا من زوجها، حتى تتمكن من الإنفاق على العائلة. وهكذا تجد كثير من الحريديات نفسها في موقف صعب، يتطلب منهنّ العمل من أجل المال (ما يعني الدخول في أسواق العمل)، دون الاختلاط بأحد أو إظهار أي ملابس غير محتشمة، أو حتى استخدام التكنولوجيا والمنتجات الحديثة.

في الواقع، لقد كان الخروج من المنزل من أجل العمل، ثورة كبيرة حققتها المرأة اليهودية خلال ستينيات القرن الماضي. وقد اعتبر كثير من غير الحريديم أن تلك الخطوة تشكل انفتاحًا غير مسبوق على العالم الخارجي، بعد آلاف من الأعوام داخل المعازل. ومع ذلك، لا تظهر حتى الآن أية بوادر تشي بتغير عقلية الفكر الحريدي؛ إذ لا تزال النساء تحافظ على إنجاب عدد كبير من الأطفال، وإعالتهم من عملها، دون أن يتدخل الرجل في ذلك، ودون أن تختلط بالمجتمع اليهودي غير المتدين أو بالتكنولوجيا!

كيف تقابل الثورة؟

حتى الآن، يمانع كثير من الحاخامات اليهود عمل المرأة خارج المنزل، أو ملامستها لأي من مظاهر الحياة العصرية الممنوعة. ويعتبر الحاخامات أن عمل المرأة خارج المنزل لعنة كبيرة أصابت الدين اليهودي، بسبب “الانجرار خلف العالم العصري الضال”، الأمر الذي سيؤدي إلى القضاء على الديانة اليهودية بشكل كامل.

“الخمار لنا”

تعتبر النساء الحريديات الشال الأسود الذي يغطي جسد المرأة بالكامل، جزءًا أصيلًا من ثقافة اليهود منذ آلاف الأعوام. كما يعتبر هؤلاء أن الديانات الأخرى “سطت على هذا الشال”، ووظفته في دياناتها. ويعتبر الحريديم أن عدم ارتداء الحجاب الكامل من النساء يؤدي إلى خراب المجتمع اليهودي، وإلى تأجيل الخلاص الذي ينشده اليهودي (عودة المسيح إلى الأرض، وتخليص اليهود من عذاباتهم إلى الأبد).

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة