الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة

“يا نصيب” الدراسة الجامعية

يعاني الكثير من الطلاب الجامعيين، ممن يكملون دراستهم، وطأة الديون أو تدني المردود المادي للدراسة التي اختاروها.

كيوبوست- ترجمات

كثيراً ما تكون المقارنة بين تكاليف الشهادة الجامعية ومردودها المادي محبطة؛ إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الأمريكيين يرون أن الأمر غير مجدٍ، ولكن الأمر مختلف تماماً بالنسبة إلى حملة الشهادات المتوسطة.

 في الدول الغنية يحقق الحاصلون على درجة البكالوريوس دخلاً أعلى ممن لا يحملونها بنسبة 40%، وذلك على الرغم من الزيادة الكبيرة في أعداد حملة الشهادات الجامعية. ويرى نحو 25% من الرجال و15% من النساء في بريطانيا، ممن يحملون شهادات جامعية، أنه كان من الأفضل لهم لو أنهم لم يكملوا دراستهم.

وفي الولايات المتحدة، بلغ إجمالي ديون الطلاب 1.6 تريليون دولار؛ أي أكثر بنحو 60% مما هو مستحق على بطاقات الائتمان. وبالطبع فإن مستوى الدخل المنخفض للخريجين يُسهم في تفسير أسباب تخلف نحو خُمس الخريجين المقترضين عن سداد ما عليهم.

يتعثر الكثير من الطلاب في دراستهم لأسباب عديدة؛ منها تردي مستوى الجامعات التي التحقوا بها، أو عدم استعدادهم الشخصي للدراسة، أو سوء اختيارهم الاختصاص الجامعي، بينما تعاني نسبة كبيرة ممن يكملون دراستهم وطأةَ الديون أو تدني المردود المادي للدراسة التي اختاروها.

الخبر الجيد هو أن الشباب بدؤوا يأخذون خيارات أخرى؛ إذ يجري الآن تحول دراماتيكي في تحول الطلاب إلى توجهات أو اختصاصات أخرى ذات مردود مادي أفضل. فعلى سبيل المثال؛ تضاعف عدد الملتحقين بكليات علوم الكمبيوتر خلال العقد الأخير، بينما انخفض إلى نحو الربع عدد مَن يدرسون اختصاصات مثل اللغة والتاريخ؛ حتى إن بعض الجامعات قررت التوقف عن تدريس مثل هذه الاختصاصات.

اقرأ أيضاً: الدراسة في جامعات إسبانيا: تكاليف تحوّل حلم الطلبة العرب إلى كابوس 

ينبغي للحكومات أن تعمل على تعزيز هذا التوجه في سوق التعليم العالي؛ لكن ما يحدث غالباً هو أن الحكومات تميل إلى معالجة المشكلة بضخ الأموال. وقد طلب الرئيس بايدن من المحكمة العليا، الموافقة على مقترح لشطب جزء كبير من ديون الطلاب في البلاد لمرة واحدة. ويأمل في تعديل شروط السداد بطريقة تجعل نظام القروض الفيدرالي أكثر تسامحاً.

ويمكن لهذه الإجراءات أن تكلف مئات المليارات على مدى السنوات العشر المقبلة، وتهدد بجعل الطلاب أقل حذراً في ما يتعلق بمخاطر الاقتراض، وستدفع الجامعات الباهظة التكاليف لأن ترفع رسوم الدراسة فيها ما لم تكن هنالك آلية رادعة.

القروض الدراسية يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية على صحة الطلاب- “إيفري داي هيلث”

البديل الأفضل أمام الحكومة هو أن تستثمر في تزويد الطلاب بالمعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات صحيحة. وقد قامت الحكومة البريطانية بتجميع بيانات تفصيلية عن مستوى دخل الخريجين من آلاف الدورات الدراسية في مئات المؤسسات التعليمية؛ ولكنها لا تفعل الكثير من أجل توفير هذه البيانات للطلاب المتقدمين للدراسة الجامعية.

وكانت الولايات المتحدة تعمل على شيء مشابه؛ لكن القوانين التي تقيد معالجة البيانات الفيدرالية أعاقت هذا المشروع. إن توفير هذه البيانات لجميع الطلاب، إلى جانب بعض الإنفاق المتواضع على الإرشاد المهني في المدارس الثانوية، سيُسهم كثيراً في تقليص المليارات التي تهدر على شطب قروض الطلاب في المستقبل.

اقرأ أيضاً: البحث عن الطلاب الذين تخلوا عن الالتحاق بالجامعات

وينبغي للحكومات أيضاً أن تكون أكثر تشدداً بشأن الدورات الدراسية التي تستفيد من التمويل الحكومي، وأن تشترط حصر هذه الدورات على دراسات توفر لطلابها مدخولاً أعلى من مدخول حملة الشهادات الثانوية؛ ولكن العديد من الجامعات تقاوم مثل هذا التوجه، وترى أن عدم دعم الاختصاصات متدنية المردود، وتركيز الإقراض الحكومي على الاختصاصات المربحة؛ سوف ينعكس سلباً على السعي لاكتساب المعرفة، وسيحرم الأُسر الفقيرة من خلال الحد من خيارات الدراسة لأبنائها.

المشكلة الحقيقية اليوم هي أن الوضع الراهن يدفع بالكثير من الطلاب إلى دراسة اختصاصات قليلة المردود وباهظة التكاليف. ولا بد لمعالجة هذه المشكلة من أن يكون النظام التعليمي قابلاً للتكيف المستمر مع تفضيلات المجتمع ومتطلبات سوق العمل دائمة التغير، وأن يكون أقل تسامحاً مع الاختصاصات التي يفشل فيها الشباب.

المصدر: ذا إيكونوميست

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات