الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
ولي الفقيه في سوريا: كيف ينظر الشعب الإيراني إلى التدخلات في الدول العربية؟
"لا ينبغي التقليل من أهمية دور الشعب الإيراني في صياغة حسابات إيران الخارجية"

ترجمة كيو بوست –
يشوب القلق معظم النقاشات الإيرانية الدائرة حول الأزمة السورية. ويجري حاليًا الحديث –بين معسكرات المتشددين والمعتدلين- عن مخاوف أساسية، تتمثل في أن إيران ربحت الحرب في سوريا، لكنها معرضة لخسارتها في مرحلة ما بعد الحرب.
ولطالما كانت هذه التخوفات موجودة في إيران، لكنها أصبحت بارزةً أكثر فأكثر، بعد أن وضعت القوى الأجنبية العظمى، التي دخلت إلى سوريا، مؤشرات تظهر أن نهاية الحرب السورية ستكون بعيدةً.
تخوف دائم
بينما ينشغل العالم بهزائم داعش، وبالصراعات الداخلية والإقليمية، أعلن الإيرانيون انتصارهم في سوريا، بعد أن وضعوا ثقلهم الكامل لدعم نظام بشار الأسد. كان الإيرانيون يريدون أن يعلنوا أنفسهم كفائزين في سوريا، لأن خسارة الأخيرة، لصالح المعارضة المدعومة خليجيًا، كانت تمثل كابوسًا بالنسبة لطهران.
إذًا، لماذا لا تزال إيران في تخوف دائم حول سوريا، حتى بعد أن أعلنت انتصارها؟
الإجابة هي أن الحرب السورية تقترب من تسويتها، في الوقت الذي تتواجد فيه إيران على مفترق طرق. في آخر موجة احتجاجات عارمة في إيران، أي تلك التي اندلعت في 28 ديسمبر/كانون أول 2017، صرخ المحتجون الغاضبون ضد سياسة بلادهم الخارجية المكلّفة والمدفوعة أيدولوجيًا؛ على سبيل المثال حملت بعض شعارات المظاهرات عبارة: “أنا أعيش في إيران، لا في غزة ولا في لبنان“.
لم تكن تدخلات إيران الخارجية يومًا محل نزاع شعبي داخل إيران كما هو الحال عليه اليوم. وبالنظر إلى هذا الاندفاع الشعبي الداخلي، هل يمكن للقيادة الإيرانية أن تستجيب لتلك المطالب؟ هذه إحدى أكبر القضايا الخلافية في إيران!
اختيارية
في الواقع، لطالما كان التدخل الإيراني في سوريا “حربًا اختيارية”، فيما كانت المزاعم بأن ظهور داعش في سوريا خطرًا يهدد أمن طهران الداخلي رواية سهلة ومريحة. عندما ظهر تنظيم طالبان المعادي لإيران وللشيعة، المشابه لداعش، في جارة إيران – أفغانستان، عام 1994، لم يتحرك الإيرانيون ولم يتدخلوا عسكريًا، فلماذا يكون داعش في سوريا البعيدة أمرًا يهدد أمن إيران، وذا أهمية قصوى؟!
منتصف عام 2011، أجرت طهران “دراسة جدوى”، وقررت أن لديها الفرصة للقتال إلى جانب حليفها بشار الأسد، من أجل إبقائه في السلطة. ومن خلال قيامها بذلك، يمكن لها أن تحمي حليفها حزب الله، صديقها اللبناني الشيعي المقرب، من خطر الربيع العربي.
اليوم وبعد 7 سنوات من هذا التواجد، هل يمكن للجمهورية الإيرانية أن تبرّر لشعبها، الذي يعاني من اضطرابات اقتصادية واجتماعية، التزامها بتواجد غير معروف النهاية في سوريا؟ هناك شيء واحد مؤكد: أن تكلفة شن الحرب في سوريا ستكون ضئيلة مقارنة بتكلفة إعادة إعمارها!
جبهة داخلية حساسة
بدون شك، مشاريع القوى الكبرى في سوريا هي نقطة ضعف النظام الإيراني، لكن الحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار السياسي على الجبهة الداخلية تطغى على كل الأولويات الأخرى، بما في ذلك الحفاظ على الأسد وعلى سوريا.
ويعلم قادة إيران كافة أنه على مستوى الشارع، يُنظر إلى المغامرة السورية –كغيرها من المغامرات الأخرى في البلدان العربية- على أنها مجرد عملية استنزاف لقدرات إيران.
إن نوع الوعي القومي للشارع الإيراني حاليًا يمس بشكل مباشر بأيدولوجية نظام ولي الفقيه. يعلم الإيرانيون حاليًا أن تواجد نظامهم في سوريا يُسوّق على أنه عمل ضروري للحفاظ على “محور المقاومة” ضد إسرائيل، وبدأوا يعون الثمن الذي عليهم أن يدفعوه بسبب ترويج نظامهم لمثل تلك الأفكار.
وستشكل المناورات الجيوسياسية التي يقوم بها الحلفاء والمتنافسون على سوريا، مثل روسيا وتركيا، حسابات إيران المتعلقة بسوريا في المدى القريب، لكن ما لا يمكن التغاضي عنه هو الغضب الشعبي المتزايد داخل المجتمع الإيراني، الذي بات يتحدى سياسات بلاده الخارجية، بشكل لم تشهد له البلاد مثيلًا من قبل.
وبينما تستمر إيران في سوريا، لا ينبغي التقليل من أهمية دور الشعب الإيراني في صياغة حسابات إيران الخارجية.
المصدر: معهد “دراسات الشرق الأوسط” الأمريكي