الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

وفود مصرية وتركية في طرابلس.. تزامن مقصود أم مصادفة عابرة؟

زار وفد أمني مصري رفيع طرابلس للمرة الأولى منذ 6 سنوات بعد ساعات من زيارة وزير الدفاع التركي.. ما أثار قلقاً واضحاً في الأروقة السياسية التركية

كيوبوست

أسئلة كثيرة حملتها زيارة وفد مصري رفيع إلى مدينة طرابلس للقاء ممثلي حكومة الوفاق الليبية، فهي أول زيارة لوفد مصري منذ 6 سنوات، وتأتي غداة زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وعدد من العسكريين الأتراك، أطلق فيها تهديدات واضحة للمشير خليفة حفتر وقواته الوطنية؛ فهل كان كل هذا الحراك السياسي مرتباً له أم جاء مجرد مصادفة؟ وما أبرز الرسائل التي بعثت بها تلك الزيارة؟

اتصالات مستمرة

فرج زيدان

لا يعتقد الباحث السياسي والاستراتيجي الليبي فرج زيدان، أن الزيارتَين كان مرتباً لهما بهذه الطريقة، حسب تعليقه لـ”كيوبوست”، مؤكداً أنه ربما أراد الأتراك إجراء زيارة تسبق زيارة مرتبة للوفد المصري؛ من أجل تأكيد وجودهم، مشيراً إلى أن مصر لديها قنوات اتصال مع حكومة الوفاق؛ سواء بشكل سري أو معلن منذ فترة طويلة، وسبق أن استقبلت وفوداً وممثلين عنها في شرم الشيخ والغردقة والقاهرة، ومن ثمَّ فإن زيارة الوفد الأمني رفيع المستوى ليست وليدة اللحظة؛ ولكن نتاج تخطيط استراتيجي، وإعداد مسبق بشكل واضح.

يتفق معه في الرأي اللواء محمد إبراهيم الدويري؛ نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الذي يؤكد أن الزيارة تعكس استمرار مصر في بذل مزيد من الجهد من أجل توحيد الدولة الليبية والوصول إلى التسوية السياسية؛ وهو ما يتوافق مع جميع التحركات المصرية السابقة، سواء بمشاركة السيسي في مؤتمر برلين، مروراً بإطلاق إعلان القاهرة والاجتماعات التي استضافتها مصر من أجل دعم جهود التوصل إلى حل سياسي.

اقرأ أيضاً: فرنسا واليونان وتركيا.. سياسة القوة الجديدة في شرق المتوسط

اللواء محمد إبراهيم الدويري

يشير فرج زيدان إلى أنه رغم كون زيارة الوفد المصري هي الأولى منذ 6 سنوات؛ فإن الوفد طرح مختلف القضايا، وتضمنت مناقشاته الشواغل والقلق المصري من عدم إيجاد توافق سياسي، وانسداد العملية السياسية والتحكم التركي لتعقيد المفاوضات الهادفة للوصول إلى حل سياسي؛ بما جعل بعض الأطراف المتفاوضة وكيلاً عن النظام التركي، لافتاً إلى أن مصر تسعى في الوقت الحالي من أجل لعب دور أكبر في إيجاد جسور للتواصل بين شرق ليبيا وغربها؛ خصوصاً في ظل انشغال الولايات المتحدة بمرحلة انتقال السلطة، والانقسام الأوروبي بشأن الأزمة الليبية.

دعم مصري

علي السعيدي

زيارة الوفد المصري هدفها إرسال رسالة واضحة بأن الدولة المصرية تقف إلى جوار ليبيا، وليس بجانب أشخاص، حسب النائب في البرلمان الليبي علي السعيدي، الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن القاهرة تبحث دائماً عن الحلول التي يمكن تنفيذها على أرض الواقع، مشيراً إلى أن الزيارة لها دلالات سياسية واضحة متمثلة في بحث مصر إمكانية فتح سفارتها في طرابلس، بجانب فتح السفارة الليبية في القاهرة؛ خصوصاً أن هناك جالية ليبية في المدن المصرية تحتاج إلى رعاية، ومتابعة الأوراق الخاصة بها.

اقرأ أيضاً: هل تدفع حكومة أنقرة ثمن سياستها الخارجية داخل الشارع التركي؟

فراس رضوان أوغلو

يعتبر المحلل التركي فراس رضوان أوغلو، أن زيارة الوفد المصري في الوقت الحالي تعني قراءة القاهرة للمشهد السياسي في ليبيا بشكل أكثر واقعية، وحتى في ظل الخلاف مع حكومة الوفاق ودعم مصر للجيش في بنغازي، فإن لديها قراءات بضرورة الوجود في طرابلس مع بقاء دعمها للشرق، وفي إطار تحرك سياسي من أجل توحيد جميع الأطراف؛ لكن هذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل جداً.

لكن الباحث الليبي فرج زيدان، يؤكد أن مصر لم تبدِ يوماً عداء تجاه أي تيارات سياسية ليبية؛ ولكنها دانت العنف وكل مَن يمارسه، وتواصلها مع الجيش الليبي والبرلمان مرتبط بنهج السياسة المصرية الواضح والمعلن بدعم كل الجيوش العربية في مواجهة الميليشيات المسلحة والفصائل التي تهدف إلى إسقاط الدول؛ وهو موقف ينطبق على ليبيا وسوريا وغيرهما من البلاد التي تواجه حالة من التفكك في نظامها السياسي والأمني.

 وأكد زيدان أن مصر تولي أهمية كبيرة للمسار الأمني؛ ربما بشكل أكبر من المسار السياسي، خصوصاً في ظل المخاوف من المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وما يمكن أن يشكلوه من تهديد للأمن القومي المصري؛ وهو ما تسعى للعمل عليه مع قيادة الجيش وكل الأطراف، حيث يأتي الانفتاح المصري على مجموعات غرب ليبيا كنوع من محاولة كبح جماح علاقات هذه المجموعات من تركيا، وبما يشجع على مزيد من الحوار بين الأطراف في ظل الثقة الكبيرة التي يتمتع بها المصريون كمفاوضين من الأطراف المختلفة.

واجهت ليبيا عنف مسلح من الإخوان للوصول للسلطة – أرشيف

تضليل إخواني

وجاءت زيارة الوفد المصري إلى طرابلس بعد أيام من زيارة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، إلى بنغازي، في زيارة التقى خلالها المشير حفتر، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، بينما حظي الوفد الأمني لطرابلس بترحيبٍ إخواني متمثل في بيان رسمي صدر عن حزب العدالة والبناء؛ الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، يؤكد فيه تقديره للزيارة ويدعو القاهرة إلى تقديم مزيد من الدعم السياسي لمساعدة ليبيا على الخروج من أزمتها.

اقرأ أيضاً: مستقبل مرتزقة تركيا بعد هدوء الأوضاع في ليبيا يقلق الجزائر

يؤكد النائب علي السعيدي أن جماعة الإخوان المسلمين هي السبب الرئيسي في تعقيد الأمور؛ ليس مع مصر فقط، ولكن في المسار السياسي الذي يفترض أن تسير فيه البلاد، مشيراً إلى أن الجماعة انتهت بالفعل، ولم يتبقَّ في أيدي أعضائها سوى استخدام المال من أجل خدمة أهدافها وتضليل المواطنين.

واعتبر السعيدي أن زيارة الوفد المصري حملت رسالة إلى الأتراك بأن ما قاموا به في سوريا لن يُسمح بتحقيقه في ليبيا باعتبارها دولة جوار مهمة بالنسبة إلى مصر، فضلاً عن الخطوط الحمراء التي تحدث عنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في وقت سابق، والممثلة في محور سرت- الجفرة بشكل رئيسي.

استخدام السلاح شكل عائق أساسي أمام العملية السياسية – وكالات

تدريبات مشتركة

واستبق وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، زيارته إلى طرابلس، ببيان أعلنت فيه تركيا تقديم قواتها تدريبات عسكرية لقوات الوفاق، في إطار اتفاقية التدريب والتعاون الموقعة بين البلدَين؛ حيث شملت التدريبات أعمالاً بالأسلحة الثقيلة والمدفعية وراجمات الصواريخ والمدفعية.

وزير الدفاع التركي خلال زيارته المفاجئة إلى طرابلس

توقيت زيارة الوفد العسكري تبدو منطقية بعد الحصول على إذن البرلمان، من أجل تمديد مهمة عمل القوات التركية في ليبيا، حسب فراس رضوان أوغلو، الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن الزيارة تأتي بهدف تفقد القوات الموجودة على الأراضي الليبية، وتنسيق العمليات والاحتياجات الخاصة المرتبطة بالأمور اللوجستية، في ما يتعلق بالجانب العسكري فيها، أما الجانب السياسي فتُظهر الزيارة دعماً لتقوية حكومة الوفاق التي ترى أنقرة أنها صاحبة مشروعية سياسية.

اقرأ أيضاً: صراع بين نسختين من النظام الإقليمي في ليبيا

وأضاف أوغلو أن جزءاً من الزيارة تضمن أيضاً تنسيقاتٍ استراتيجية كاستباق لأمورٍ أخرى خاصة في ما يتعلق بالصعوبات المتوقعة في مواقف فرنسا واليونان، في ضوء المفاوضات السياسية المستمرة مع مختلف الأطراف الليبية والدعم المصري -اليوناني- الفرنسي للمشير حفتر، مشيراً إلى أن التحركات الراهنة مرتبطة أيضاً بالصراع في شرق المتوسط، والبحث عن قراءة لكيفية تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع الأزمة الليبية.

يشير فرج زيدان إلى أن زيارة الوفد التركي كان هدفها إرسال رسائل إلى مصر واليونان، على وجه الخصوص، بتأكيد قوة علاقة أنقرة مع حكومة الوفاق عسكرياً؛ لا سيما بعدما تحدث وزير الخارجية اليوناني عن عدم قبول أية قواعد عسكرية تركية في ليبيا مؤخراً، وهو ما يتسق مع الموقف المصري بشأن رفض تمركز أية قوات أجنبية في ليبيا.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة