الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

وصم “حزب الله وإيران” يلاحق مذيعة من أصول لبنانية.. فهل سيتقبل الألمان اعتذارها؟

إلهام الطالبي/ برلين

هل كانت نعمة الحسن، المذيعة والطبيبة الألمانية من أصول لبنانية، مخطئة عندما لم تعترف بماضيها والعمل على تجاوزه كما فعل عدد من الكتاب والمفكرين في العالم؟ وكيف أسهمت البيئة التي تربَّت فيها الحسن في جعلها تخشى مواجهة ماضيها؟ وكيف سيستغل اليمين المتطرف في ألمانيا ما حدث للحسن لشن هجوم ضد أبناء المهاجرين العرب المسلمين الذين يسعون للحصول على فرص في مجال الإعلام؟

تتعرض الحسن إلى موجة انتقادات من خبراء وسياسيين ألمان؛ بسبب مشاركتها في مسيرة 2014، التي يزعم أنها كانت تحرض على الكراهية وقتل اليهود، وأيضاً نشرها فيديو “جهادي”.

اقرأ أيضًا: إيران تهدد الأمن القومي لألمانيا عبر حملات لنشر التشيع

تعليق العمل مع الحسن

وصفت الصحفية نعمة الحسن، مشاركتها في مسيرة القدس 2014 بالخطأ، وأنها لم تردد شعارات معادية لليهود أو تدعو إلى الهجوم عليهم. وحسب صحيفة “بيلد” الألمانية، خلال المسيرة كانت هناك شعارات تنكر حادث الهولوكوست.

وتفاعلاً مع موجة الانتقادات، ردت قناة “WDR”، في بيان، قائلةً “إنه سيتم تعليق العمل مع نعمة الحسن في البرنامج العلمي (Quarks)”، مضيفةً أن “الادعاءات الموجهة ضدها ثقيلة؛ لكن من الصعب أيضاً أن نحرم صحفية شابة من تحقيق التطور المهني، لهذا السبب يعد التحقيق الدقيق مطلوباً”، على حد تعبير القناة.

وأعربت قناة “WDR” عن رفضها أي شكل من أشكال معاداة السامية، وإدانتها مسيرة القدس. وحسب صحيفة “بيلد”، لم ترد القناة على الاتهامات الأخرى الموجهة إلى حسن؛ بسبب نشرها فيديو عام 2015، تتحدث فيه عن “جهادي”، وتدين مَن ينتقدون الإسلام.

هنا تشارك الحسن في يوم القدس الإسلامي في برلين.. كما زارت مسجداً راديكالياً خاضعاً لمراقبة مكتب حماية الدستور ويدعمه النظام الإيراني- الصورة: “بيلد”

وكانت الحسن قد شاركت في عدة مظاهرات مناهضة لإسرائيل، أدت إلى أعمال شغب، كما نشرت بانتظام محتوًى مناهضاً لإسرائيل على “تويتر”، وأشادت بنظام الملالي الإيراني، حسب صحيفة “بيلد”.

وبعد مقال “بيلد” مباشرةً، حذفت إدارة حساب الحسن على “تويتر”، مساء الأحد، عشرات التغريدات؛ من بينها مشاركتها في مسيرة ضد إسرائيل شهدت ترديد شعارات وخطابات تحرض على الكراهية.

مخاوف كبيرة بسبب تصريحاتها

كما أنحى جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، باللائمة على قناة “WDR”، مشيراً إلى ضرورة “عدم عرض أي شخص على الشاشة يمكن أن ينشر كراهية ضد إسرائيل ومعاداة السامية”. لدى شوستر “مخاوف كبيرة بسبب تصريحاتها”.

اقرأ أيضًا: انتقادات أمريكية لاذعة لتجاوزات أنقرة ضد السامية والأقليات الدينية

طالب الخبير في شؤون الإسلام سيران أتيس، في صحيفة “بيلد”، بضرورة التعامل مع “الأيديولوجيات اليمينية للمسلمين”، بنفس طريقة التي يتم التعامل فيها مع التوجهات اليمينية المتطرفة في الشرطة والقوات المسلحة، مشيراً إلى أن “المرأة التي تحدثت عن الجهاد في الماضي وشاركت في أحداث معادية للسامية، ينظر إليها من (WDR) باعتبارها ليست مشكلة على الإطلاق، وهذا أمر خطير”.

وعن اتهامها بمعاداة السامية، ترد نعمة الحسن، في حوارها مع صحيفة “شبيغل”: “من أين يجب أن أبدأ؟ في الأساس، يمكنني القول إنه كان من الخطأ الذهاب إلى هذه المسيرة دون أن أتزود بالمعلومات الكافية؛ مثل ما الهدف من هذا الحدث؟ لم أكن أدرك أن النظام الإيراني هو مَن يقف وراء هذه المسيرات”.

اقرأ أيضًا: ألمانيا: “ملاذ آمن” لحزب الله

“أشعر بالخجل من تلك الفترة”

تضيف الحسن: “لم أشارك في أية مسيرة احتجاجية عن القدس منذ عام 2014، أنا لا أكره إسرائيل، أنا أتمنى حلاً سلمياً في المنطقة، أنا لست خبيرة في السياسة”.

وفي سؤال صحيفة “شبيغل” لها حول ما الهدف من المشاركة في مسيرة يوجد فيها عَلَم “حزب الله”، والمشاركون كانوا يرددون شعارات الكراهية، تشير الحسن إلى أن مشاركتها في المظاهرة كانت بهدف أن تعرب عن تضامنها مع غزة، مشددةً على أنها لم تشارك بدافع معاداة السامية، وتقول في هذا الصدد: “لم أكن مدركة حينها”.

أعلن المجلس الإسلامي المركزي السويسري انتقاده قرار نعمة الحسن خلع الحجاب- “صورة شخصية”

وعن عدم ملاحظتها الشعارات المعادية لليهود أو الجو المعادي للسامية؛ تجيب الحسن بأنه من المؤلم جداً بالنسبة إليها أن تفكر في الشخص الذي كانت عليه حينها، مضيفةً: “كنت أؤمن لفترة طويلة بأنني صرخت فقط بشعارات مثل (حرروا غزة).

 الآن عندما أفكر في هذه الفترة من حياتي، لا يمكنني استبعاد أنني قُلت عبارات معادية للسامية وضد إسرائيل، أنا آسفة جداً لكل هذا، (أشعر بالخجل من تلك الفترة)”.

توضح الحسن أسباب نشاطها السياسي المبكر، قائلةً: “بسبب خلفيتي كطفلة لاجئة”، ويشار إلى أن والدَيها ينحدران من لبنان، وفي عام 1991 انتقلا إلى ألمانيا؛ لأجل اللجوء.

اقرأ أيضًا: المد الشيعي يكتسح شبابًا مغاربة في أوروبا

“أنأى بنفسي عن النظام الإيراني”

وعن زيارتها إلى المسجد الأزرق؛ أي المركز الإسلامي الشيعي في هامبورغ، الذي كان يخضع للمراقبة من قِبل مكتب حماية الدستور، تقول الحسن إنها لم تكن تعلم بذلك.. وتمضي قائلةً: “لكنني كنت في الخامسة عشرة من عمري عندما ذهبت، لم أقرأ تقريراً لمكتب حماية الدستور؛ صحيح أني كنت في السنوات التالية هناك عدة مرات، لكن ليس بشكل منتظم”.

نعمة الحسن: “أنأى بنفسي عن النظام الإيراني و(حزب الله)”- صورة شخصية

وتتابع الحسن: “أنا أنأى بنفسي عن النظام الإيراني و(حزب الله).. على العكس من ذلك، أنا أُدين انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وأنا بالتأكيد لا أؤيد اضطهاد النساء والأقليات الدينية والمثليين جنسياً”.

ردود فعل عنيفة

وعن إعلان المجلس الإسلامي المركزي السويسري انتقاده قرارها خلع الحجاب، وطبيعة الردود التي تلقتها، ترد الحسن: “كان هناك الكثير من الكراهية؛ عاصفة قذرة أردت فقط تجاوزها بطريقة ما، كانت من دوائر محافظة ومتطرفة.. لقد تلقيت ردود فعل عنيفة، لقد كان ذلك مرهقاً للغاية”.

قضية نعمة الحسن فتحت النقاش أيضاً حول التربية التي يتلقاها أبناء المهاجرين المسلمين، وكيف تسهم بعض العائلات العربية على تنشئة أطفالها على خطاب الكراهية، وعدم التعايش بين الأديان، وتكريس خطاب معاداة السامية وكراهية اليهود.

وأيضاً أثارت الجدل حول الاعتراف بالخطأ في المجال المهني، وتجاوزه من خلال التعلم منه، وكيف يمكن أن يتعلم عدد من الصحفيين والكتاب ضرورة مواجهة ماضيهم، والاعتراف بأخطائهم، ومن بعدها الانطلاق في مجالهم المهني.

المصادر:

صحيفة “بيلد”

صحيفة “شبيغل”

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

إلهام الطالبي

كاتبة صحفية مغربية

مقالات ذات صلة