الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
وسط اتهامات متبادلة.. تصاعد الأزمة داخل جماعة الإخوان المسلمين في مصر
إقالات وتحقيقات.. منير يفصل قيادات بالجماعة رداً على عزله

كيوبوست
تصاعُد الخلافات بين أجنحة التنظيم في لندن وأنقرة، يأتي كدلالة على مستقبل الجماعة التي باتت على شفا انقسام حاد ومتسارع، وتضارب المصالح بين جناحَين؛ يتلقى أحدهما دعماً واضحاً من حزب العدالة والتنمية التركي الذي يتزعمه أردوغان.
ويتزعم إبراهيم منير تيار المطالبين بتخطي الموقوفين من أعضاء الجماعة في السجون بمصر، الذين طالما سعى الحزب الحاكم في تركيا إلى دعمهم وفاوض في وقت سابق لأجل إطلاق سراحهم، بينما يريد منير فصل الجناح المتحكم في مفاصل الجماعة والموجود حالياً في تركيا، وتجريده من الصلاحيات، عبر نزع أية صفة تراتيبية لهم داخل الهيكل التنظيمي، في حين يرفع أعضاء الجماعة الموقوفون في مصر والجناح الموجود في تركيا شعار “تجديد دماء الجماعة”.
اقرأ أيضاً: كيف نجحت مصر في إحباط محاولة إنعاش اقتصادية لتنظيم الإخوان؟

يؤكد الكاتب الإماراتي الدكتور البدر الشاطري، أن ما يحدث داخل الإخوان في الفترة الحالية بمثابة انعكاس لمعاناة تيار الإسلام السياسي من أزمة فكرية وسياسية لم يواجه مثلها في السابق، مشيراً إلى أنه على مدار قرن كامل تقريباً من وجود الأيديولوجية الإسلامية، لم تنجح هذه الأيديولوجية في التعامل بشكل عصري وتقدم حلولاً يمكن أن تتعامل مع الواقع وتناسبه؛ وهو ما ظهر بشكل واضح من إخفاق هذه الجماعات في التعامل الحقيقي مع المشكلات عند الوصول إلى الحكم، فجاء فشلها في مختلف البلدان دليلاً واضحاً على الإخفاق؛ لا سيما مع عمل هذه الجماعات على زيادة المشكلات في الداخل والخارج.
وأوضح الشاطري أن التجارب في الوطن العربي أثبتت أن “هناك حاجة إلى حركة إصلاح سياسية تحتوي على القيم العليا ولا تحتوي على التعاليم الدينية؛ لأن القيم مشتركة بين فئات الناس والالتزام بها طوعي وليس قسرياً”، مشيراً إلى أنه “على الرغم من مواجهة الإسلام السياسي عدة اختبارات؛ فإن الدروس المستفادة لم تطبق، فقد دخلوا في مواجهات عدة مع حكومات وأنظمة عربية، إلا أن التجارب لم تصقلهم وساروا يكررون نفس التجربة”.

وبعد أشهر من الشد والجذب، تصاعدت قبل أيام حدة الخلافات الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، في ظل تراشق قرارات الفصل بين القيادات العليا في الجماعة، بعد إعلان نائب المرشد العام والقائم بأعماله إبراهيم منير، بطلان الإجراءات التي بدأت في اتخاذها بحقه مجموعة من القيادات العليا بالجماعة، وإحالتها إلى التحقيق؛ بسبب ما اعتبره “إقدامهم على قرارات لشق الصف وإحداث بلبلة”.
“الخلافات بين القيادات والشباب ومحاولة كل تيار، سواء مَن يطلقون على أنفسهم التيار الثوري أو مَن يُطلق عليهم تيار الحرس القديم، اعتبار نفسه الممثل الوحيد للجماعة، هي السبب في تطور الأحداث إلى هذه الدرجة”، حسب الكاتب الإماراتي يوسف الحداد.

يشير الحداد إلى أن “ما يجمع الطرفين هو غياب الرؤية الشاملة لمستقبل الجماعة عنهما، وعدم قدرتهما على التعامل مع الأوضاع التي وصلا إليها؛ لا سيما في ظل الضغوط الأمنية التي تضيق عليهما بشكل متزايد، فلا هما قادران على تحديد وجهة محددة، سواء سلمية أو مسلحة، ولا هما قادران على التعامل مع الأحداث المتصاعدة يوماً بعد الآخر؛ وبالتالي وصلنا إلى هذه المرحلة”.
حدة الخلافات الداخلية العلنية لجماعة “الإخوان المسلمين”، بلغت ذروتها الأربعاء الماضي؛ حيث شهدت تطورات تمثلت في تبادل قرارات الفصل بين القيادات العليا في الجماعة، إذ قرر إبراهيم منير، في بيان داخلي، آنذاك، إيقاف 6 من أعضاء شورى الجماعة (أعلى هيئة رقابية)، وإحالتهم إلى التحقيق؛ وأبرزهم الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين، وأعضاء مجلس الشورى العام: مدحت الحداد، وهمام يوسف، ورجب البنا، ومحمود مبروك، ومسؤول رابطة الإخوان المسلمين المصريين بالخارج محمد عبدالوهاب، وجميعهم خارج مصر.

عضو بمجلس الشورى يدعو إلى عزل نائب المرشد وإعفائه من منصب القائم بالأعمال
وفي ما بدا رداً على قرار منير، تداول ناشطون رسالة منسوبة إلى ممدوح مبروك، يدعو فيها أعضاء مجلس الشورى العام للجماعة، إلى اجتماع عاجل لاتخاذ عدة قرارات؛ من بينها عزل نائب المرشد وإعفاؤه من منصب القائم بالأعمال، وإلغاء الهيئة المشكلة في يناير عام 2021 لإدارة شؤون الجماعة، وبطلان قرار إيقاف 6 من قيادات مجلس الشورى.

منير يصف الإجراءات ضده بأنها تؤدي إلى شق الصف الإخواني وإحداث بلبلة داخل التنظيم
ثم عاد إبراهيم منير وأصدر بياناً جديداً في الساعات الأولى من صباح الأربعاء الماضي، رداً على سعي الموقوفين الستة إلى اتخاذ إجراءات ضده، حيث وصف هذه الإجراءات بأنها تؤدي إلى شق الصف الإخواني وإحداث بلبلة داخل التنظيم.

وبعد ذلك بساعات، نشر موقع الإخوان المسلمين خبراً أكد فيه أن مجلس الشورى قد انعقد بنصاب قانوني، ووافق أغلبية المشاركين على إعفاء إبراهيم منير من مهامه كنائب للمرشد العام للإخوان المسلمين وقائم بعمله، ثم خرج طلعت فهمي المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، بتسجيل مصور يؤكد فيه ذلك.
وسرعان ما خرج إبراهيم منير بتسجيل مصور آخر اتهم فيه عدداً من قيادات الجماعة بـ”محاولة السيطرة عليها، عبر الإعلام، وبغير فهم للوائح الداخلية للجماعة”، مشدداً على أن المرحلة “صعبة”، ومتعهداً لأعضاء الجماعة بـ”التئام الصف والسير نحو الأهداف؛ خصوصاً أن الجميع في محنة والأجدى تفادي الخلافات وتوجيهها إلى عمل يفيد الإسلام والوطن”.
اقرأ أيضاً: فصل الإخوان المسلمين من الوظائف الحكومية.. قرار مصري جديد لتحييد الجماعة
الصراعات وعمق الانشقاقات التي ضربت الجماعة كشفا عن تفاصيل اشتباك بين جبهتَي إسطنبول ولندن
المتابع للمشهد الإخواني يلحظ عمق الانشقاقات التي ضربت الجماعة والصراعات بين جبهتَي محمود حسين في إسطنبول، ومنير في لندن، الذي أكد في تصريحات إعلامية وجود خلافات كبيرة وعميقة مع مجموعة إسطنبول التي رفضت كل مبادرات الصلح.
نائب المرشد العام والقائم بأعماله إبراهيم منير، اعترف أنه مسؤول عن أخطاء الإخوان في الداخل والخارج، إلا أنه اتهم الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين، بعدم تزويده وإبلاغه بالمعلومات الصحيحة لكي “يتخذ بناء عليها قرارات سليمة”.

إبراهيم منير وصف القرارات التي اتخذها مجلس شورى الجماعة، والتي تضمنت عزله وإلغاء هيئة كان يترأسها، كبديل عن مكتب الإرشاد (أعلى هيئة تنفيذية بالجماعة) المعطل منذ نهاية العام الماضي، وصفها بـ”الباطلة”؛ لـ”مخالفتها اللائحة وخروجها من غير ذي صفة”، معتبراً أن مَن أسهم فيها “أخرج نفسه من الجماعة”.
وكان الموقع الإلكتروني الرسمي للجماعة قد نشر بياناً، الأربعاء الماضي، بتوقيع “الإخوان”، تضمن موافقة 84% من أعضاء مجلس الشورى العام، على عزل منير، بينما وافق 78% من الأعضاء على إلغاء هيئة كان يترأسها، كبديل عن مكتب الإرشاد (أعلى هيئة تنفيذية بالجماعة) المعطل منذ نهاية العام الماضي.
اقرأ أيضاً: خلافات جماعة الإخوان الداخلية هل تنذر باقتراب النهاية؟
وأفاد الموقع الرسمي للجماعة “إخوان أون لاين”، أن القرارات جاءت خلال عقد مجلس الشورى اجتماعاً هذا الشهر، بانعقاد صحيح وبنصاب قانوني، داعياً إلى الالتزام بها، ومعتبراً أنها “معبرة عن الجماعة”.
الأزمة الداخلية بهرم الجماعة بدأت منذ منتصف سبتمبر الماضي حول انتخابات داخلية لم تحظَ نتائجها على توافق الأعضاء بمجلس الشورى
الأزمة الداخلية بهرم الجماعة، تحركت سريعاً منذ منتصف سبتمبر الماضي، حول انتخابات داخلية أُجريت ولم تعترف بها تلك القيادات الموقوفة بدعوى وجود “مخالفات” تبطلها، غير أن منير ولجنة الانتخابات دفعا بصحة وسلامة موقفها، وشرعية نتائج الانتخابات، التي أسفرت عن خسارة شخصيات محسوبة على المجموعة الموقوفة.
وتطور الموقف بعدم تسليم بعض تلك القيادات الموقوفة ملفات بحوزتها إلى إدارة شؤون الجماعة، وسط تأكيدات من الطرفَين بأنهما يحافظان على الجماعة ويحاولان إنقاذها، قبل أن يعلن منير، الأحد الماضي، قرار إيقاف القيادات الستة، تزامناً مع إعداد تلك القيادات مذكرة لإعادة مكتب الإرشاد، وعزل منير، أعلى رأس بالجماعة في الوقت الحالي.
وعلى مدار سنوات الأزمة منذ منتصف 2013، شهدت الجماعة تباينات وخلافات، لم تسفر إلا عن إيقافات وتحقيقات داخلية لعدد من رموز الجماعة.
الخلافات بين جبهتَي الصراع تتمحور حول ملف انتخابات المكتب في تركيا وتزايد غضب الشباب من سوء أوضاعهم وتقييد فضائيات الجماعة في إسطنبول
اقرأ أيضاً: هل انتهى شهر العسل الطويل لـ”الإخوان” في ألمانيا؟
وكانت الخلافات قد احتدمت بين جبهتَي الصراع؛ بسبب ملفَّين رئيسيَّين باتا يشكلان عمق الأزمة في الجماعة؛ هما انتخابات المكتب في تركيا، والتي جرت مؤخراً وشهدت طعوناً كثيرة في نتائجها وإجراءاتها، وعدم اعتراف “مجموعة حسين”، التي تضم مدحت الحداد، وصابر أبو الفتوح، وممدوح مبروك، وعبدالرحمن فتحي، بتلك الانتخابات.
أما الملف الثاني فيكمن في تزايد غضب الشباب من سوء أوضاعهم المعيشية في تركيا، وتقييد فضائيات الجماعة في إسطنبول، ومنعها من انتقاد مصر والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورموز النظام الحاكم، وما تلاها من وقف عدد من مذيعي الإخوان أنشطتهم على مواقع التواصل وتهديدهم بالترحيل؛ وهو ما دفع محمود الإبياري، المسؤول البارز في التنظيم الدولي، لطمأنة الشباب وتعهده بحل مشكلاتهم واحتوائها.
كما لم تتوقف الأمور عند هذا الحد؛ بل بدأت اللجان الإلكترونية التابعة لجبهتَي الصراع شن حملات متبادلة تشمل انتقادات لكلا الطرفين، واتهمت الجبهتَين بتكريس التحزب والشخصنة، وطالبت بتوحيد الصف بعد ما وصلت إليه الجماعة من ضعف وتراخٍ أدَّيَا، حسب تأكيدهم، إلى انضمام بعض شبابها إلى صفوف “داعش”. وفي حين قرر إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، والقائم بأعماله، إيقاف عدد من القيادات، رد أحدهم بمطالبة مجلس شورى الجماعة بإعفاء منير، وهو ما ذكر موقع الجماعة أنه قد تم بالفعل.