الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية
وساطة سعودية ناجحة لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا
واشنطن تشكر الرياض على جهودها.. و10 أَسرى يعودون إلى بلادهم بتدخل شخصي لولي العهد السعودي

كيوبوست
حظيت الوساطة السعودية التي كُللت بالنجاح والإفراج عن 10 أسرى من مواطني الولايات المتحدة والمغرب وبريطانيا والسويد وكرواتيا، بتقدير عالمي عبَّر عنه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بشكل مباشر في بيان رسمي وباتصال مع نظيره السعودي في أعقاب وصول الأسرى إلى المملكة؛ ومن بينهم أمريكيان وصلا إلى مقر السفارة الأمريكية في الرياض.
ووَفق مصادر بالخارجية الأمريكية، فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، شارك شخصياً في عملية تبادل أسرى الحرب؛ مما أدى إلى إطلاق سراح الأمريكيَّين، بينما لم تُكشف أي تفاصيل عن عملية التفاوض التي كانت تدور حولها أحاديث منذ عدة أسابيع.
اقرأ أيضًا: الآثار المترتبة للغزو الروسي لأوكرانيا على الصراع في الشرق الأوسط
وكان الأمريكيان اللذان تم استعادتهما في عملية تبادل الأسرى قد اعتقلا خلال قتالهما من أجل أوكرانيا شمال خاركيف، في وقت أكد فيه وزير الخارجية الأمريكي أن مواطني بلاده الذين يسافرون للقتال يواجهون مخاطر كبيرة، ولا تستطيع واشنطن ضمان سلامتهم؛ لكن في الوقت نفسه يشجع المواطنين لتكريس طاقاتهم من أجل استغلال الفرص الأخرى لمساعدة أوكرانيا وشعبها.
والتقى ولي العهد السعودي المستشارَ والمبعوث الخاص للرئيس الأوكراني رستم أومرييف، في الديوان الملكي بقصر السلام بجدة، الثلاثاء الماضي، بينما تسلمت المملكة المواطنين العشرة بروسيا ونقلتهم إلى الرياض في إطار تسهيل إجراءات عودتهم إلى بلدانهم.

ومن بين المفرج عنهم بموجب الصفقة أيضاً الشاب المغربي إبراهيم سعدون، الذي حكم عليه بالإعدام في وقت سابق بعد توقيفه؛ حيث كان يدرس بإحدى الجامعات الأوكرانية قبل أن يصبح مترجماً مع القوات الأوكرانية، حسب ما ذكره والده بعد الإعلان عن توقيفه وصدور حكم ضده بالإعدام من قِبل انفصاليين موالين لروسيا.
انتصار كبير

ما حدث انتصار كبير للدبلوماسية السعودية، حسب الكاتب والمحلل السعودي أحمد آل إبراهيم، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن سياسة الأمير محمد بن سلمان ورؤيته كانتا وراء هذا الإنجاز الذي لا يعتبر مستغرباً على المملكة الساعية باستمرار لتحقيق المصالحات بين الدول ووقف نزيف الحرب، مشيراً إلى أن مبادرة ولي العهد وجهود الإنسانية أتت بثمارها في ظل العلاقات الوثيقة التي تربط بين المملكة وروسيا وأوكرانيا.
وأضاف أن المملكة لم تنتظر شكراً على موقفها الإنساني البحت الذي يعتبر شغلها الشاغل بسياستها الخارجية، لافتاً إلى أن نجاح الوساطة وثقة الطرفَين الروسي والأوكراني في المملكة وضمانها تحقيق ما جرى الاتفاق عليه أمر يجب أن يكون محل تقدير عالمياً.
وأكد أن موسكو وواشنطن وكييف وثقت في سياسة المملكة الواضحة ومصداقيتها في العمل من أجل إنجاح الصفقة بشكل مباشر؛ وهو الأمر الذي دفع وزير الخارجية الأمريكية لتوجيه الشكر إلى ولي العهد السعودي، مشدداً على أن ما حدث جزء من سياسة البعد الإنساني التي تعمل عليها المملكة بشكل واضح وتسعى لتحقيقها على أرض الواقع.
الإنجاز السعودي من جانب ولي العهد يمثل أهمية كبيرة، حسب المحللة الأمريكية المختصة بالشأن القومي إيرينا تسوكرمان، التي تقول لـ”كيوبوست”: إن هذا الأمر يرجع إلى عدة أسباب؛ منها تعدد جنسيات المفرج عنهم، لافتةً إلى أن هذه الصفقة لم تكن لتنجح من دون تدخله، فلم يكن الأمر بمقدور الخارجية الأمريكية أو حتى الرئيس الأمريكي بمفرده.
وأشارت إلى أن هذا النهج يعبر عن رؤية ولي العهد السعودي الداعمة لحق الإنسان في الحياة، ورغبته في تعزيز العلاقات بين الرياض وواشنطن، وقدرته كمفاوض ناجح قادر على تحقيق أهدافه، موضحةً أن كل هذه الجهود بُذلت على الرغم من الانتقادات الأمريكية للحياد السعودي في الحرب الروسية- الأوكرانية، معتبرةً أن هذا الأمر يدفع بالسعودية لتكون وسيطاً دبلوماسياً يمكنه لعب دور أكبر في الفترة المقبلة.

وساطة ناجحة

لعبت المملكة دور الوسيط للمرة الأولى منذ بداية الأزمة، حسب المستشارة بمعهد الدراسات الاستراتيجية بروسيا إيلينا سوبونينا، التي تقول لـ”كيوبوست”: إن نجاح الرياض في هذه الخطوة الإيجابية يمكن أن يسمح لها بلعب دور أكبر في أمور سياسية أخرى تخص هذه المواجهة؛ لا سيما مع الاتجاه نحو التصعيد في أعقاب إعلان الرئيس الروسي حالة التعبئة الجزئية للجيش الروسي، الأمر الذي يقلق الكثيرين.
وأضافت أن الأزمة في الوقت الحالي بحاجة إلى وسطاء محايدين، والمملكة لديها علاقات قوية مع روسيا وأخرى مع الغرب والولايات المتحدة؛ الأمر الذي قد يمكنها من لعب دور أكبر خلال الفترة المقبلة، معتبرةً أن ما تحقق بمثابة خطوة مهمة للدبلوماسية السعودية التي أظهرت التزاماً تجاه الأطراف المختلفة.
اقرأ أيضًا: زيارة بايدن إلى المملكة العربية السعودية في حقيقة الأمر تتعلق بروسيا
تؤكد إيرينا تسوكرمان أن ما حدث في الصفقة سيجعل من الحكمة اعتماد الولايات المتحدة على ولي العهد السعودي في التفاوض في أمور أوسع نطاقاً؛ خصوصاً مع إعطائه الأولوية لمساعدة حلفائه في الأوقات الصعبة، لافتةً إلى أن الرياض لديها نفوذ في روسيا في ظل المصالح المشتركة ورغبة موسكو في تعزيز علاقاتها مع الخليج بصفة عامة والسعودية بشكل خاص.
تختتم إيلينا سوبونينا حديثها بالتأكيد أنه على الرغم من عدم وجود شيء ملموس حول إمكانية التفاوض، سواء بتثبيت الوضع على الجبهات أو رسم خطوط التماس أو حتى في ما يتعلق بالنفط والغاز؛ فإن الرياض قد يكون لها دور أكبر مستقبلاً في مثل هذه القضايا بحكم علاقاتها الجيدة بأطراف الأزمة.
يدعم هذا الرأي أحمد آل إبراهيم، الذي يشير إلى أن الثقة بالدبلوماسية السعودية ستمكنها من لعب دور أكبر في أية وساطات مستقبلية؛ وهو الأمر الذي يجب أن يحظى بدعم عالمي من أجل تحقيق الاستقرار وتهدئة الأوضاع خلال الفترة المقبلة.