الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
وثائقي What Is A Woman… مات والش يطرح الأسئلة الصحيحة بالطريقة الخاطئة!

كيوبوست- عبيد التميمي
فيلم What Is A Woman هو فيلم وثائقي من صناعة دايلي واير، وهو موقع أخبار أمريكي محافظ. الفيلم من إخراج جستن فوك. يتتبع الفيلم الصحفي والإعلامي مات والش وهو يتنقل بين عدة ولايات ودول محاولاً إيجاد جوابٍ لسؤاله البسيط للغاية “ما هو تعريف المرأة؟” يقابل مات والش عدة أطباء وأخصاء نفسيين، ومتحولين جنسياً، بهدف إيجاد الجواب، ومن خلال الإجابة يصل الوثائقي لرسالته الرئيسية، وهي أن النساء المتحولات جنسياً لسْنَ نساءً.
لا يخفى على أحد السطوة التي يمتلكها اليسار الغربي في المنصات الإعلامية والترفيهية، وخصوصاً في أمريكا، النقاشات عن حقوق المتحولين جنسياً، وكيفية معاملتهم بعد التحول تحصل على مدار الساعة، وكما هناك منصات يسارية ضخمة تدعم حقوقهم، هناك منصات يمينية محافظة تواجهها بنفس الشراسة، ومنصة “دايلي واير” هي إحدى هذه المنصات.
مما لا شك فيه حساسية وخطر موضوع التحول الجنسي على المجتمع، فهي ظاهرة جديدة ولكنها تجتاح الغرب بسرعة مخيفة، وبدأت بالتسرب إلى داخل مجتمعنا. لذلك وجود وثائقي يدرس الموضوع عن كثب، ويتمحص الأجوبة بدقة بدون غشاء متعاطف أو مضاد للموضوع مهم جداً. لكن للأسف، يضيع الفيلم جزءاً معتبراً من وقته وهو يتتبع مات والش في مقابلاتٍ عشوائية مع الناس في الشارع، يغلب على هذه المقابلات الطابع الفكاهي، وإظهار الناس الذين تمت مقابلتهم بمظهر الجاهلين، وغير القادرين على الإجابة عن هذا السؤال البسيط. وهذا أمرٌ متوقع لأن من تتم مقابلتهم لم يستعدوا للمقابلة، ولأنهم من غير أهل الاختصاص.
اقرأ أيضًا: فيلم The Last Duel.. المبارزة الأخيرة
من الأولى أن يتوجه الفيلم إلى أهل الاختصاص أو المهتمين بهذا المجال حتى يناقشهم بشكلٍ موضوعي وجدي، فحتى لو كانت هذه الفكرة دخيلة على مجتمعنا، والأغلب يستنكرها ويسخر منها، فلا بد من وضعها تحت المجهر بشكلٍ حقيقي حتى لا تكتسب أدنى تعاطف.

بين المقابلات العشوائية في شوارع نيويورك وسان فرانسيسكو، يقابل مات والش عدة “متخصصين” في موضوع التحول الجنسي. ما بين أستاذ جامعي، أطباء، وأخصائيين نفسيين. لكن مات والش كان انتقائياً جداً في تعامله وطريقة حواره، فحينما يقابل من هم ضد التحول الجنسي، فهو يعطيهم الفرصة للاسترسال بدون مقاطعتهم أو تجاهل كلامهم. ولكن يختلف الأسلوب والتعامل حينما يقابل ممن يدعمون التحول الجنسي، فهو يحاول استفزازهم ومقاطعتهم، بل يتحكم بكيفية ظهورهم بالتعديل على المقابلة النهائية.
وهنا تكمن مشكلة حقيقية في النزاهة الصحفية التي يمتلكها مات والش، وفريق الإنتاج الكامل، أعتقد أنه من المهم للصحفي أن يؤدي كل مقابلة بهدف اكتساب المعرفة، وكشف الحقائق، وليس لاستفزاز الضيوف. الاستهزاء بقضايا سابقة وعدم أخذها على محمل الجد أدى فيها بالنهاية إلى التسرب إلى المجتمعات المحافظة تحديداً مهما كانت درجة محافظتها.
اقرأ أيضًا: فيلم Don’t Look Up.. وعظية آدم مكاي المستهلكة
تنتهج الأفلام الوثائقية نفس المبدأ، قد يغير صانع الفيلم من طريقة سير فيلمه بشكل مغاير، لأن هناك حقائق جديدة ظهرت على السطح، لعل أبرز هذه الوثائقيات كان Icarus.
الهدف من هذا النوع من الوثائقيات هو طرح أسئلة جدية، والاستماع للإجابات من أهل الاختصاص، ومناقشتها بشكلٍ جدي. لكن مات والش أجرى مقابلاته، وهو غير مستعد للاستماع أو المناقشة، لأنه يمتلك إجابته مسبقاً.

لحسن الحظ اكتسب الفيلم طابع الجدية في الثلث الأخير، وتم إجراء مقابلات مهمة للغاية. إحدى هذه المقابلات مع طبيبة نفسية متخصصة بالمراهقين والبالغين، والأخرى مع رجل متحول جنسياً. تحدث كلا الطرفين عن الأضرار الدائمة لعمليات التحويل الجنسي، وعدم جرأة الإعلام عن الحديث عن هذه الأضرار، تم الحديث كذلك عن الأعراض الجانبية التي قد تكون دائمة لأخذ الهرمونات التي تساعد على التحول الجنسي.
هذه المقابلات هي في قمة الأهمية لأنها تتكلم عن أضرار فعلية وخطيرة يرفض الإعلام اليساري الحديث عنها، ويخشى بعض أهل الاختصاص مناقشتها خوفاً من خسارة مهنهم. كان من الممكن أن يكتسب الوثائقي أبعاداً ومنحنياتٍ أخرى مثيرة للاهتمام لو تم التركيز على هذا النوع من المقابلات، عوضاً عن مقابلة متحولين جنسياً في الشارع، بدون أي فائدة تذكر.