الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون خليجيةشؤون عربية

وثائقي من إنتاج أرامكو يحكي قصة الماء في  قلب جزيرة العرب

كيوبوست

  قدم الفيلم الوثائقي “قصة المياه”، الذي أنتج في العام 1950، صورة مصغرة عن المجتمع والبيئة في المملكة العربية السعودية؛ فالفيلم الذي يعد وثيقة تاريخية عن رحلة المياه في قلب صحراء المملكة وكيف بدأ البحث عنها واستخدامها عبر حقب التاريخ؛ سجل اهتمامًا كبيرًا من قِبَل الملك عبد العزيز بن سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية،  الذي وافق وتعاون على إنتاج هذا العمل الوثائقي الفذ عن قلب جزيرة العرب وإعاقتها الأساسية التي حالت دونها ودون نشوء حضارة قابلة للاستمرار وتراكم الخبرة والمعرفة البشرية وكيف يجب المحافظة عليها.

      لهذا كان العرب مع فجر حضارتهم في القرن السابع الميلادي مدفوعين دفعاً لامندوحة عنه إلى التطلع إلى الشمال الشرقي والغربي لجزيرة العرب، فاحتضنت الشام والعراق والهلال الخصيب الرسالة وكانت نقطة الفتوحات العظيمة التي سادت قروناً عديدة وأطاحت بأعظم إمبراطوريتين وقتها؛ الفارسية والرومانية البيزنطية.

من أين تأتي مياه الرياض؟

      الفيلم الذي تبلغ مدته 37 دقيقة، وهو من إنتاج شركة” أرامكو” السعودية، سجل جزءًا من حياة السعوديين قبل اكتشاف ماكينات ضخ المياه، والبحث المستمر عنها من أجل بناء المدن والعمران؛ وكانت منطقة الرياض تعد مركزًا حقيقيًّا للتسوُّق، إذ يتوفَّر فيها كثير من أنواع المحاصيل؛ بسبب وفرة المياه هناك، لدرجة جعلت البعض يتساءل من أين تأتي مياه الرياض؟ وكيف تزدهر الحياة فيها؟ الإجابة حسب الوثائقي هي “وداي حنيفة” أحد المعجزات الإلهية الحقيقية؛ حيث أسقط الله المياه في تلك المنطقة الجافة؛ ليصبح الوادي منبع الحياة لمنطقة الرياض لعدة قرون ويوفر كل احتياجات المنطقة المحيطة بها، ويكون أساس ازدهار الحياة فيها.

اقرأ أيضًا: ما وراء المبادرة السعودية الجديدة “كيان البحر الأحمر وخليج عدن”

وبرع مخرج الفيلم ديك بيفورد، الذي قدم ثلاثة أعمال وثائقية عن الجزيرة العربية، في رسم حالة هي الأقرب إلى الواقع ببساطة. قام بالتعليق في هذا الوثائقي الذي مضى عليه سبعون عاماً عيسى خليل الصباغ، وامتاز الفيلم بوضوح الصورة مع استخدام الرسوم المتحركة التي تعد وقتها سبقًا في هذه النوعية من الأفلام. إذ استطاع الفيلم الذي تم إنتاجه عام 1950 رسم الحياة في الرياض وفي كثير من المناطق السعودية التي كانت تعتمد وسائل بدائية في ري الأرض؛ كانت الإبل والحمير والثيران هي وسيلة رفع المياه من الآبار الجوفية التي اختزنت المياه في جوفها لعدة آلاف من السنين. وقدم الفيلم نتيجة التعامل مع الماء بشكل عشوائي، ما أدَّى إلى انخفاض نسبتها في تلك المناطق؛ ما كاد يوشك على تدمير الحياة فيها.

وعندما جاءت لحظة “العصرنة” التي غيَّرت كثيرًا من الحياة في هذه المناطق الصحراوية، بدأ أسلوب الري يختلف تمامًا عما كان في الماضي، ووصلت ماكينات ضخ المياه إلى مناطق كثيرة من أراضي المملكة؛ مثل نجد والحجاز والأحساء، حيث الواحات و الوفرة المائية، وبدأ بناء الخزانات المائية في الدمام والقطيف وصفوى والخبر والفيحاء، وباتت تلك المناطق مكتفية بالماء، حداً من الرفاه جعل منها أماكن للترفيه والسباحة.

محاولات علي بن الحسين

ومن أهم ما قدمه الفيلم، شخصية المواطن علي بن الحسين، الذي كانت له نظرة خاصة في التعامل مع المياه؛ حيث أدرك أهمية عدم الإفراط فيها؛ ليس فقط من أجل مستقبل أهل مدينته، بل من أجل مستقبل أحفادهم أيضًا. دور علي بن الحسين لم يكن الإرشاد فحسب، بل كان فعالًا في عمليات البحث عن أسباب هدر المياه وكيفية معالجتها.

اقرأ أيضًا: ما سبب انقطاع السينما السعودية في فترة الثمانينيات؟

سبق علي بن الحسين الآخرين في توقع انعكاسات الجهل بقيمة المياه على شكل حياتهم. لهذا داوم على قياس منسوب المياه وسعى لتوعية جيرانه وأبنائه بأهمية الحفاظ على كل نقطة ماء؛ ليرسم في النهاية الدور المطلوب من كل مواطن.

     وفي العام 1865 زار المبعوث البريطاني لويس بيلي الأمير فيصل بن تركي بن عبدالله في الرياض، وكان توطين رعاياه من أكثر المسائل إقلاقًا للأمير السعودي، حيث لن يتمكن من إخضاع البدو الرحل بحثاً عن الماء والكلأ إلا بأن يكونوا محاطين بموارد مائية غير موسمية، كالأنهار، وذكر بيلي أن ابن سعود كان يطمح إلى الشمال والشرق بعيداً. كان قلقاً من المستقبل، عاجزاً أمام قانون الطبيعة، ولكن الطبيعة نفسها هي التي مكنت شعوب هذه الجزيرة  من قيام دولة موحدة في العام 1932، وبعد سبعة عقود من وفاة فيصل بن تركي جاء هذا الوثائقي الذي يروي كيف نعمت نجد بالاستقرار والتحضر ومنافسة أكثر المجتمعات تمدناً في العصر الحديث.

رابط الفيلم:  Miyah: The Story of Water (Saudi Arabia) 1950

اتبعنا على تويتر من هنا

 

 

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة