الواجهة الرئيسيةترجماتصحة
وباء كورونا.. كيف استطاعت الصين إدارة الأزمة؟
بفضل تدابير الاحتواء الخاصة بها سمحت الصين بإبطاء انتقال الفيروس.. ومنذ 26 فبراير الماضي تجاوز عدد الإصابات خارج الصين يوميًّا عدد الإصابات المسجلة داخلها

كيوبوست – ترجمات
بدا الرئيس الصيني شي جين بينغ، فخورًا خلال زيارته إلى ووهان، يوم الثلاثاء 10 مارس الجاري، لافتًا إلى أن “فيروس كورونا على وشك الانتهاء في بؤرة انتشاره”. رسميًّا، أُصيب أكثر من 80000 شخص في الصين بالفيروس التاجي الجديد، توفِّي منهم 3000، وتم علاج 60000 شخص حتى الآن.
بدأ كل شيء في ديسمبر الماضي في سوق للحيوانات في مقاطعة ووهان. وفي 31 ديسمبر 2019، أبلغت لجنة الصحة البلدية بالمدينة منظمة الصحة العالمية بوصول 27 حالة من حالات الالتهاب الرئوي غير معروفة الأصل، جميعها كانت حول هذه السوق.
اقرأ أيضًا: تفشِّي “كورونا” يرافقه صعود في كراهية الأجانب والعنصرية ضد الآسيويين
ووهان هي المدينة الوحيدة في آسيا المجهزة بمختبر متخصص ومتقدم في أمراض (P4)، كما توضح كارين ميلسينت، الباحثة في مختبر باريس جوردان للعلوم الاقتصادية والمتخصصة في النظام الصحي الصيني: “لقد حققوا في ووهان إنجازًا كبيرًا من خلال تحديد مركز بؤرة الوباء بهذه السرعة!”.

تخبُّط السلطات
في البداية، عمدت السلطات المحلية إلى طمأنة الناس بأنه لا يوجد دليل على انتقال العدوى من شخص إلى آخر، وسرعان ما سُمعت أصوات تتعالى لمحاولة دق جرس الإنذار؛ بما في ذلك إنذار لي ون ليانغ، الطبيب البالغ من العمر 34 عامًا، الذي استدعته الشرطة بتهمة نشر شائعات كاذبة تقوِّض النظام الاجتماعي؛ لكن موت هذا الطبيب الشاب، في 6 فبراير الماضي، بسبب الفيروس، تسبب في اندلاع موجة غضب عارمة؛ لدرجة أن الناس كانوا يتخيلون تداعيات تشبه ما حدث إبان كارثة تشيرنوبيل، سقوط النظام برمته بسبب سوء إدارة كارثة صحية.
تقول الباحثة كارين ميلسينت: “بين هدف السلطات الرامي إلى الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي من خلال السيطرة على تدفق المعلومات وبين ضرورة الحفاظ على الصحة العامة، كانت هناك لحظة غامضة”، مضيفةً: “تمثَّل الخطر الرئيسي في وقت رأس السنة الصينية الجديدة؛ حيث وضعت الدولة المركزية القيود الأولى، وبالتالي فقد تمكَّنت من حصر الوباء في مركزه”!
اقرأ أيضًا: أبعد من أساطيرنا حول “كورونا”.. أوبئة الألفية الأولى غضبٌ من الآلهة!
في 24 يناير الماضي، عندما أصاب الفيروس بالفعل أكثر من 830 شخصًا في جميع أنحاء البلاد، وحصد 25 ضحية، وَفقًا للأرقام الرسمية، اتخذت الحكومة إجراءات مشددة من خلال فرض الحجر الصحي الضخم على ما يقرب من 20 مليون شخص، ثم امتد ذلك إلى أكثر من 50 مليون نسمة من سكان المنطقة، كما أُعلن البناء السريع لمستشفى بسعة 1000 سرير مخصص للمرضى المصابين بالفيروس التاجي الجديد في ووهان.

إجراءات استثنائية
بعد 10 أيام، رحَّب المبنى الجديد بأول المرضى.. سيتم بناء 15 مستشفى آخر في الأسابيع التالية، “حتى بالنسبة إلى دولة استبدادية مثل الصين؛ فإن هذه الإجراءات تبدو استثنائية، حسب نطاقها”، كما تؤكد كارين ميلسينت.
في الواقع، لقد تذكَّرت الصين الدروس المستفادة من وباء سارس في عام 2003؛ حيث كانت حصيلة القتلى الرسمية أقل بكثير من الآن، لكن هذا الوباء كشف عن أوجه القصور في نظام الرعاية الصحية الصيني في تلك الفترة.
اقرأ أيضًا: كراهية الأجانب أم “رهاب الفيروسات”؟
منذ تلك الحقبة، طبَّقت البلاد نظام تأمين صحي لا مركزي يغطِّي السكان على مختلف طبقاتهم الاجتماعية؛ سواء أكانوا حضريين أم قرويين، مستبعدةً نظام الرعاية غير المتكافئ؛ حيث كان بعض اختبارات التحليل الأولية مدفوعة الأجر، وتتابع كارين قائلةً: “يجب أخذ الأرقام التي تنقلها الصين بحذر مزدوج؛ فمن ناحية نحن لا نعرف مدى صدقهم ومن المحتمل أن يكون عدد الأشخاص الذين تم تشخيصهم أقل بكثير من عدد الأشخاص المتضررين”.
لكن التدابير المشددة سمحت للفيروس بالتباطؤ، منذ 26 فبراير الماضي؛ حيث تراجع عدد الإصابات في الداخل يوميًّا بالنسبة إلى العدد المسجل خارج الصين. ومع ذلك، من الصعب اعتبار أن البلد قد خرج من الأزمة بالفعل.
اقرأ أيضًا: اطمئنوا.. ليست هناك علاقة مباشرة بين فيروس كورونا والإيدز
وقالت كارين ميلسينت: “عندما نتابع مستوى التلوث في البلاد، نرى أن النشاط الطبيعي لم يستأنف بعد”؛ خصوصًا أن استراتيجية الاحتواء الصارمة للغاية قد تعرِّض البلاد إلى خطر الارتدادات على مستويات عدة، لكن السؤال الحتمي هو: كيف نتأكد من أن حالات جديدة قادمة من خارج الصين لن تؤدي إلى اندلاع موجة ثانية من الوباء مجددًا؛ خصوصًا عندما يتم رفع جميع أشكال الحجر الصحي؟
المصدر: لوفيغارو