شؤون خليجية
وال ستريت جورنال الأمريكية تكشف: قطر تحاول شراء ولاءات 250 مقربًا من ترامب
اللوبي الجديد في الولايات المتحدة بأموال قطرية

كيو بوست –
تفاصيل صادمة أوردتها صحيفة وال ستريت جورنال الأمريكية واسعة الانتشار، حول مساعٍ محمومة تبذلها قطر من أجل تغيير سياسات ترامب تجاه مصالحها، باستخدام الثروات الهائلة التي تمتلكها الإمارة، وذلك من خلال شراء ذمم أشخاص مقربين من ترامب.
وفي تقرير إخباري معمق، ذكرت الصحيفة الكثير من المعلومات حول شخصيات بارزة في البلاد حاولت العمل لصالح قطر، من خلال حشد الدعم السياسي لتوجهات الإمارة الخليجية. ومن بين هؤلاء، كان رجل الأعمال السوري الأصل جوي اللحام، الذي سجل نفسه لدى السلطات كعميل أجنبي لنظام الدوحة، بعد أن تكشفت خطواته المشبوهة في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضًا: كيف تجنّد قطر “أبواقها” الغربية بعنايةٍ فائقة؟
أما أول المهام التي قام بها جوي اللحام فكانت استقطاب المحامي الأمريكي البارز في نيويورك آلان دورشويتز، من خلال تغطية نفقات زيارته إلى الدوحة بالكامل. وجاءت تلك الدعوة بعد انتقاد دورشويتز الدوحة في مقالات عدة، بسبب سياساتها في دعم المجموعات الإرهابية، خصوصًا في الشرق الأوسط. الغريب في الأمر أن مواقفه انقلبت رأسًا على عقب، بعد الزيارة التي دفع تكاليفها أمير قطر شخصيًا؛ إذ كتب مجموعة من المقالات في مجلات وصحف عالمية يروج فيها لسياسات قطر، في محاولة لإبعاد شبهات دعم الإرهاب.
التأثير على المقربين
شريك اللحام في المهمة كان نيكولاس ميوزن، المحامي الكبير الذي كان مساعد السيناتور الأمريكي تيد كروز، والمستشار في حملة ترامب الرئاسية. وتولى ميوزن، رفقة اللحام، مهمة تحديد أسماء 250 شخصًا مقربين من ترامب بهدف تغيير سياسات الإدارة الأمريكية بشكل يحقق مصالح قطر الخارجية.
الصحيفة الأمريكية ذكرت أيضًا أن الدوحة استخدمت أسلوبًا جديدًا في التأثير على صناعة السياسات، من خلال القائمة التي تضم الأسماء، إذ اعتبرتها جزءًا من نمط جديد من أنماط حملات الحشد والتأييد لصالح قطر، خلال الفترة التي تلت مقاطعة الرباعية العربية لقطر، بسبب دعمها لمجموعات متطرفة في المنطقة.
اقرأ أيضًا: مترجم: 7 شركات أمريكية استأجرتها قطر لتحسين صورتها
وحكمت عقلية الدوحة، خلال تلك الفترة، فكرة مفادها أن التأثير على الشخصيات المقربة من ترامب سيؤدي في النهاية إلى إجبار ترامب نفسه على أن يحذو حذوهم، وبالتالي، تستعيد الدوحة علاقاتها مع الولايات المتحدة، بعد أن تأثرت كثيرًا بفعل دعم الإرهاب.
في هذا السياق، قالت الصحيفة في التقرير -الذي ترجمته صحيفة الاتحاد الإماراتية- إن ترامب كان يعتمد في كثير من القرارات على نصائح أصدقائه ومستشاريه، إضافة إلى اتباعه لطرق غير تقليدية في اتخاذ القرارات، الأمر الذي دفع بالدوحة إلى البحث عن طرق جديدة للتأثير على الرئيس ترامب، فتوجهت إلى حشد التأييد الخاص بها من خلال إقامة علاقات مع الأشخاص الذي يتحدث ترامب معهم باستمرار.
23 شركة، 16 مليون دولار
خلال الشهور الأولى لقطع العلاقات الدبلوماسية العربية مع قطر، أنفقت الأخيرة 16.3 مليون دولار على حملة الدعاية تلك، كما وصل عدد شركات العلاقات العامة التي توظفها لهذا الغرض في الولايات المتحدة إلى 23 شركة، بحلول يونيو/حزيران الماضي، بعد أن كانت 7 فقط في 2016.
كما سعت الدوحة إلى التأثير على أعضاء الكونغرس، وممارسة الضغوطات عليهم، وعلى المسؤولين الكبار في الإدارة الأمريكية الحالية، للهدف ذاته.
تقول الصحيفة إن الدوحة استخدمت “أسلوبًا شاذًا”، تمثل في إيلاء الاهتمام بأصدقاء الرئيس والمقربين منه ومعجبيه على الساحة السياسية، لأن ترامب يستمع إلى هؤلاء.
اقرأ أيضًا: قطر تستنجد بالكتّاب الأمريكيين لكسب دعم واشنطن
وأثمرت الحملة عن إرسال 24 شخصًا منهم إلى الدوحة، على نفقة الحكومة القطرية.
ومن بين الأسماء البارزة التي زارت الدوحة، بتنسيق من جوي اللحام، مايك هاكابي، المتنافس على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي، إلى جانب مقدم البرامج الإذاعية المشهور جون باتشيلار.
لقاءات مع يهود وصهاينة
كما قام اللحام وميوزن بتنظيم لقاءات داخل الولايات المتحدة، جمعت مسؤولين قطريين ببعض المقربين من ترامب، بما في ذلك زعماء لليهود.
اقرأ أيضًا: هآرتس تكشف: زيارات يهوديةٌ سريةٌ مؤكدة إلى الدوحة
وبحسب تقرير الصحيفة أيضًا، رفض المتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن جاسم آل ثاني الإدلاء بأية معلومات تتعلق بالحملات التضليلية التي تقودها بلاده في الولايات المتحدة.
وحسب ما تكشف السجلات الحكومية الأمريكية، فقد حصل اللحام وميوزن على قرابة 3 ملايين دولار، كمكافأة لتسخير جهودهما في خدمة الدعاية القطرية، في الولايات المتحدة. كما أثمرت جهودهما -بحسب التوقعات- عن إيقاف مشروع في الكونغرس -كان يجري تداوله- يصف قطر بأنها دولة داعمة للإرهاب بعد الأزمة مع دول الخليج الأخرى.
بعد بداية الأزمة الخليجية في يونيو/حزيران 2017، دفعت الانتقادات الحادة نظام تميم إلى البحث عن حلفاء، فسارع إلى إبرام عقود مع شركات استشارات قانونية وإعلامية بهدف الدعاية وحشد التأييد، وهذا ما حصل مع شركة مملوكة لوزير العدل الأمريكي السابق جون أشكروفت مقابل 2.5 مليون دولار.
اقرأ أيضًا: لماذا وجّه أمير قطر دعوة شخصية لمحامٍ أمريكي؟
وبعدها بشهر واحد، سارعت الدوحة إلى التعاقد مع شركة أخرى تنشط في مجال التأثير أيضًا، تحمل اسم “أفينيو ستراتيجيز”، المملوكة لباري بينيت، مستشار حملة ترامب الانتخابية. وبلغت قيمة العقد الموقع 6 ملايين دولار سنويًا. وقال بينيت إن مهمته الرئيسة “كانت تتمثل في تطوير الإستراتيجية التي تتبناها قطر على المدى البعيد في الولايات المتحدة”.
في هذا التوقيت، كان اللحام وميوزن يعدان خطة سريعة التأثير بهدف طرحها على القطريين. وكانت الخطة هي ذاتها التي تضمنت شراء ولاءات 250 مقربًا من ترامب. وافق القطريون على الخطة، وبدأوا بالعمل عبر الهدف الأول لهم المحامي دورشويتز. وبسبب تخوفات الأخير من إيواء الدوحة لمتطرفين، طمأنه اللحام قائلًا إن الدوحة جادة في تغيير سياساتها، الأمر الذي دفع المحامي الشهير -المؤيد لإسرائيل- إلى الموافقة على الزيارة.
الغريب في الأمر أن المحامي غير من مواقفه فورًا بعد الزيارة في يناير/كانون الثاني الماضي، قائلًا إن قطر تتحول بسرعة إلى “إسرائيل الخليج”.
في الشهر ذاته، زار هاكابي، المناصر الدائم للسياسات الإسرائيلية اليمينية المتشددة، بعد محاولات إقناعه من ميوزن. وحصل هاكابي -الذي تشغل ابنته منصب المتحدث باسم البيت الأبيض- قد حصل على 50 ألف دولار مقابل الموافقة على الزيارة.
اقرأ أيضًا: معهد بروكينغز الأمريكي يدير دعايةً قطرية – إيرانية
زيارة أخرى قام بها المذيع الشهير باتشيلار، بعد أن وصلت إلى مسامع اللحام وميوزن، معلومات تفيد بأن ترامب يستمع إلى برنامجه الإذاعي بشكل مستمر، وأن البرنامج يستضيف مسؤولين في الإدارة الأمريكية. أيام قليلة بعد الزيارة صرح فيها المذيع قائلًا إن قطر “تصلح لأن تكون حليفًا لبلاده”.
وسعى العميلان القطريان إلى تجنيد شخص آخر هو كريس رودي صديق ترامب المقرب، الذي يمتلك مجموعة إعلامية ذات توجهات محافظة. وقد سعى القطريون إلى شراء حصة في الشركة، لكن المحادثات فشلت.
وختمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالقول إن معظم المعلومات تكشفت من خلال قرارات قضائية صدرت في الولايات المتحدة، خصوصًا بعد الدعاوى التي رفعها إليوت بريودي رجل الأعمال المقرب من ترامب، متهمًا الدوحة بأنها تقف وراء عمليات قرصنة إلكترونية لأعماله.