الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

واشنطن تتهم طهران باستهداف ناقلتَي البترول في خليج عمان

إيران تعبث بأمن المنطقة واستقرارها

كيوبوست

إيران تشعل المنطقة، وتسعى لجرّ العالم إلى عدم الاستقرار.. هكذا ندَّد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، بالهجوم على ناقلتَي البترول في خليج عُمان، يوم الخميس الماضي، قائلًا إنه “انتهاك للأعراف الدولية”، متهمًا إيران بأنها تقف وراء الهجوم، وأن الحرس الثوري الإيراني مسؤول بشكل “شبه مؤكَّد” عن الهجمات التي تعرَّضت لها ناقلتا البترول في بحر عمان. كما طالب هنت إيران بوقف “كل أشكال الأنشطة المزعزعة للاستقرار”؛ لكن طهران نفت الاتهام بشكل قاطع.

لم تكن لندن وحدها مَن اتهمت إيران؛ إذ سبقتها واشنطن، فحسب ما نقلته وكالة “رويترز”، حمَّلت الولايات المتحدة إيران مسؤولية الهجمات، ونشر الجيش الأمريكي تسجيلًا مصورًا يقول إنه يظهر الحرس الثوري الإيراني وهو يقترب من إحدى الناقلتَين ويزيل لغمًا لم ينفجر من هيكلها.

ويبقى السؤال: لماذا تسعى إيران لتفجير المنطقة؟! هل الحصار الذي تتعرض له دفعها نحو مزيد من التصرفات غير المسؤولة على أمل تخفيف حدة العقوبات؟ أم هي تشعل المنطقة من أجل إشعال أسعار البترول؟ أم هي رسالة تهديد واضحة بأن كل موانئ الخليج مهددة في ظل تعرضها للعقوبات الدولية؟

من المؤكد أن عدم اتهام إيران بشكل صريح ومباشر بعد عملية “الفجيرة” في مايو الماضي، دفعها إلى التمادي في تهديد الملاحة في الخليج العربي، عندما استهدفت أربع سفن تجارية مختلفة المنشأ؛ منها اثنتان سعوديتان، في هجوم بمياه الخليج أمام إمارة الفجيرة الإماراتية.

إن الاتهامات التي وجِّهت إلى إيران باستهداف ناقلة البترول “فرونت ألتير” التي ترفع علم جزر مارشال، وناقلة البترول الثانية “كوكوكا كاريدغس” التي ترفع علم بنما، تمثِّل تصعيدًا قد يدفع نحو حرب بحرية مقبلة. وخطورة هذا الهجوم أنه جاء في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن تجنُّب الحرب قدر الإمكان، مع ضبط للنفس من الدول العربية التي تضررت من العمليات الأخيرة؛ سواء في الفجيرة أو منصات البترول السعودية.

تهديد إيران مستمر للملاحة في الخليج العربي

بات من الواضح أن حركة الملاحة في الخليج العربي مستهدفة؛ نظرًا لعمليات استهداف ناقلات البترول المتعددة في أقل من شهر، وهو أمر لا يمكن للعالم السكوت عنه، وإذا أضفنا التهديدات الايرانية المستمرة بإغلاق مضيق هرمز ومنع الملاحة الدولية فيه؛ فنحن أمام مشكلة عالمية تخلقها إيران بهدف ابتزاز العالم؛ لرفع العقوبات عنها.

فقد سبق أن هدَّد رئیس هیئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء ​محمد باقري​، بأن “القوات المسلحة الإیرانیة تحافظ على أمن مضیق هرمز، لكن إذا أراد أحد ما زعزعة الأمن فيه، فسنتعامل معه بشدّة”، مشددًا على أنه “إذا لم یمر نفطنا عبر مضیق هرمز؛ فلن یمر نفط الدول الأخری أيضًا عبر المضیق”.

وكانت قد أعلنت رابطة ناقلات البترول “إنترتانكو“، أن هناك مخاوف متنامية بشأن سلامة السفن وأطقمها المبحرة عبر مضيق هرمز بعد تعرُّض سفينتان لهجمات في خليج عمان.

ودفع الهجوم الأخير أسعار النفط إلى الصعود أربعة في المئة، بعد شهر من تضرر أربع ناقلات أخرى بسبب ألغام لاصقة في نفس المنطقة.

باولو داميكو

وقال باولو داميكو، رئيس مجلس إدارة “إنترتانكو”، في بيان: “عقب هجومَين على أعضاء سفينتَين، هذا الصباح، يساورني قلق شديد بشأن سلامة أطقمنا عبر مضيق هرمز”.

وأضاف داميكو: “نحتاج إلى أن نتذكَّر أن نحو 30 في المئة من النفط الخام (المنقول بحرًا) في العالم يمر بالمضائق. إذا أصبحت المناطق البحرية غير آمنة؛ فإن الإمدادات للعام الغربي بأكمله قد تتعرَّض للتهديد”.

ومضيق هرمز له أهمية كبرى في حركة نقل النفط في العالم؛ فهو أحد الشرايين الرئيسية حول العالم في نقل النفط، حيث يمر عبره نحو 80 في المئة من النفط السعودي والعراقي والإماراتي والكويتي، في طريق التصدير إلى دول معروفة باعتمادها العالي على مصادر الطاقة؛ مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وسنغافورة. وحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، فإن مضيق هرمز يعد المضيق الأول حول العالم من حيث كمية النفط التي تمر عبره؛ حيث بلغ معدل مرور النفط اليومي منه في العام 2016 نحو 18.5 مليون برميل؛ ما يشكل نحو 40 في المئة من تجارة النفط عبر البحار.

إيران تعبث

ولأن العبث بالطاقة العالمية ليس بالأمر الهين؛ ندَّدت القوى الدولية بهذا الاعتداء، وعرضت المساعدة في التحقيق؛ لتحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم، مؤكدةً ضرورة الحفاظ على حرية الملاحة البحرية.

وفي بريطانيا، قال الناطق باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي: “إن لندن على علم بتقارير عن استهداف ناقلتَين بهجمات (مريبة) في خليج عمان”، مضيفًا أنها تسعى للوقوف على حقيقة ما حدث على وجه السرعة. وفي وقت لاحق، قال المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية: “إن الهجوم على ناقلتَي النفط في بحر عمان غير مقبول، ومستعدون للمساعدة في أي تحقيق”، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على حرية الملاحة البحرية.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط يتحدثان إلى الصحفيين بعد اجتماع ثنائي في مقر الأمم المتحدة- 14 يونيو 2019

 كما ندَّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأشد العبارات، بالهجمات التي استهدفت ناقلتَي نفط يوم الخميس الماضي في خليج عمان، وأسفرت عن اشتعال النيران في إحداهما، محذرًا من أن العالم لن يستطيع تحمُّل “مواجهة كبرى في منطقة الخليج”، وذلك خلال اجتماع لمجلس الأمن حول التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

فيديريكا موغيريني

ودَعَت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أمس، إلى إبداء “أقصى درجات ضبط النفس” وتفادي “الاستفزازت” في المنطقة بعد تعرُّض ناقلتَي نفط للهجوم قبالة إيران. وقالت المتحدثة باسمها: “لا تحتاج المنطقة إلى أسباب جديدة مزعزعة للاستقرار ومسببة للتوتر، وبالتالي تجدّد الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي دعوتها إلى أقصى درجات ضبط النفس وتفادي أي استفزاز”، مضيفةً: “نجمع معلومات عن هذا الحادث”، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية: “إن على مجلس الأمن الدولي أن يتحرك بشأن الهجوم على ناقلتَين في خليج عمان”، محذرًا من أن بعض الأطراف تريد إشعال النار في المنطقة.

هايكو ماس

وفي برلين، وصف وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الهجمات التي استهدفت ناقلتَي البترول في خليج عمان، بأنها تبعث على القلق الشديد، وقد تؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة.

 وأكد ماس أن مقطع الفيديو الذي نشرته الولايات المتحدة لا يكفي لإثبات أن إيران تقف وراء الهجوم على ناقلتَي نفط في خليج عمان.

ومن ناحية أخرى، قالت البحرية الأمريكية: “إن الأسطول الخامس أرسل قوات بحرية إلى المنطقة لمساعدة السفينتَين”، مضيفةً: “تلقينا رسالتَي استغاثة منفصلتَين من ناقلتَين في خليج عمان”.

وقالت الشركة المالكة لـ”فرونت ألتير”: “إن الناقلة تعرَّضت للاستهداف مرتَين خلال 3 ساعات”.

وعلى جانب آخر، ارتفعت أسعار البترول بسبب التوتر في الخليج العربي، والذي زاد من مخاوف وقوع مواجهة جديدة بين إيران والولايات المتحدة.

ونقلت “رويترز” عن أحد المسؤولين قوله إنه “تم انتشال قبطان وطاقم الناقلة (كوكوكا كاريدغس) في قارب إنقاذ”، مشيرًا إلى أن الناقلة لا تزال في منطقة خليج عمان ولا تواجه الغرق.

كما أعلن إصابة أحد أفراد طاقم الناقلة إصابة طفيفة، وأن الهجوم تسبب في أضرار بالجانب الأيمن من الناقلة.

وأعلن مصدر مطلع في ميناء جاسك عن جنسيات البحارة الذين كانوا على ناقلة “فرونت ألتير”؛ وهم: 11 من الجنسية الروسية، و11 من الجنسية الفلبينية، وواحد من جورجيا، وجميعهم سالمون.

كما نقلت “رويترز” عن المسؤول: “إن (كوكوكا كاريدغس) كانت في طريقها من الجبيل بالسعودية إلى سنغافورة، محملةً بشحنة ميثانول، وأن شحنة الميثانول في الناقلة سليمة”.

فهل سيترك العالم إيران تفجِّر المنطقة أم سيتدخل العقلاء في إيران لكبح جماح الحكومة هناك؟ هذا ما ستسفر عنه الساعات المقبلة.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة