الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
هل ينقذ إصلاحيو اليمن الاقتصاد التركي؟

كيوبوست
في لقاء مع قناة “روسيا اليوم” (RT) في عام 2016، قال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، إنه مكَّن حميد الأحمر من إيداع مبلغ 60 مليار دولار في تركيا، ووصفه بأنه “أحد رموز الفساد”، وأنه يُشرف على تلك الأموال في تركيا اليوم. وعلى الرغم من أن مبلغ الـ60 مليار دولار يبدو رقمًا هائلًا بالفعل، إذ إنه أكثر بنحو أربعة مليارات ونصف مليار دولار من ثروة تاسع أغنى رجل في العالم، مايكل بلومبرغ؛ فإن صحيفة “الواشنطن بوسط” الأمريكية قد وصفت حميد الأحمر بالملياردير والقائد البارز في حزب الإصلاح في عام 2013؛ مما يضع الرجل حتمًا -على أقل تقدير- في خانة أولئك الذين لا يقل صافي ثروتهم عن مليار دولار.
حميد الأحمر هو ابن مؤسس حزب الإصلاح في اليمن، الشيخ عبدالله الأحمر، وهو يرأس مجموعة الأحمر التجارية؛ وهي تكتل تجاري عملاق يعمل في مجالات النفط والسياحة والاتصالات والبنوك، كما أن شركة “أتيكو” (ATICO)، إحدى شركات المجموعة، تمثل بعض أشهر الشركات متعددة الجنسيات في العالم في السوق اليمنية؛ مثل “جينيرال إلكتريك” و”فيليبس”. ومن أشهر الشركات الأخرى التابعة للمجموعة في اليمن؛ بنك سبأ الإسلامي و”سبأفون” وشركة الغاز اليمنية.
اقرأ أيضًا: بعد تهميشه من قِبَل التحالف.. “الإصلاح” يتآمر مع الأتراك لدخول اليمن
ملاذ آمن
في عام 2012م دعمت الحكومة التركية الإخوان المسلمين في اليمن، متمثلين في حزب الإصلاح؛ من خلال دعمها حميد الأحمر. وفي المقابل، كافأ الإخوان المسلمون في اليمن تركيا بمنح الشركات التركية امتيازات ووكلاء في اليمن. غادر حميد الأحمر إلى تركيا قُبيل سيطرة الحوثيين على صنعاء، ومن هناك قدَّم المزيد من المكافآت إلى الاقتصاد التركي من أموال الشعب اليمني المنهوبة؛ حيث أسَّس في تركيا شركة “سبأ تُرك”، وهي تعمل في مجال الاستشارات والمبيعات والاستثمارات العقارية للأشخاص والشركات الأجنبية الراغبة في شراء واستثمار العقارات في تركيا. وتقدِّم الشركة، حسب موقعها الإلكتروني، عروض بيع بمختلف الميزانيات والمواصفات؛ حيث تعرض للأشخاص والشركات مئات الأنواع المختلفة من العقارات الجاهزة، مثل المنازل المفروشة والمكاتب، والموزَّعة على 24 مشروعًا عقاريًّا مختلفًا؛ كالأبراج والمجمعات السكنية في أنقرة وإسطنبول ومدينة بورصة، وتتراوح أسعار تلك العقارات بين 64 ألفًا ومليونَي دولار، ويصل سعر بعضها إلى 6 ملايين دولار أمريكي.

يملك حميد الأحمر أيضًا 70% من أسهم شركة “إنفست تريد” لإدارة المحافظ الاستثمارية، ومقرها في إسطنبول. تقدم الشركة مجموعة من الخدمات بأدوات استثمارية مختلفة في محافظ استثمارية متنوعة، ومن تلك الخدمات -على سبيل المثال- صناديق الاستثمار العقاري؛ وهي نوع من الصناديق التي تتيح للمستثمرين فرصة الاستثمار في مجموعة متنوعة من العقارات، كالعقارات السكنية الكبيرة أو العقارات التجارية، أو حتى الأراضي والمساحات الزراعية؛ وهو ما لا يمكن للمستثمرين القيام به بنفس رأس المال كمشترين فرديين، وذلك بفضل قدرة تلك الصناديق على جمع الأموال من عدة مستثمرين. من أهم مزايا صناديق الاستثمار العقارية أيضًا القدرة على تصفية الأسهم بسهولة، وبالتالي الحصول على الأموال عند الحاجة الماسة إليها.
اقرأ أيضًا: الاقتصاد اليمني بين عجز الحكومة وطغيان المتمردين
وفَّرت تركيا خلال السنوات الأخيرة ملاذًا آمنًا لأعداد كبيرة من اليمنيين الفارين من مناطق الصراع، ومعظمهم بطبيعة الحال من المحافظات الشمالية، معقل مذهب الزيدية وحزب الإصلاح؛ بمَن فيهم رجال أعمال وسياسيون وإعلاميون. وتحوَّلت تركيا بالتالي إلى وجهة استثمارية مفضلة لمنتسبي حزب الإصلاح. فوَفقًا لتقرير لوكالة “الأناضول” التركية، أسَّس اليمنيون 164 شركة في تركيا برأسمال يمني خلال الفترة من 2017 إلى منتصف 2019م فقط.
وفي ختام القمة التركية- العربية الاقتصادية الأولى، ومنتدى الأعمال التركي- اليمني في يناير من عام 2018م، قال مصطفى كوك سو، مسؤول شؤون الخليج العربي في وكالة دعم الاستثمار والترويج التركية (TYDTA)، إنه قد تم توجيه دعوة حضور إلى 162 تاجرًا يمنيًّا من كل أنحاء العالم، وأشار إلى أن القمة الاقتصادية شارك فيها ممثلون من معظم الدول العربية؛ وعلى رأسهم اليمنيون.

استثمارات مليونية
ومع تنامي الدور اليمني في تركيا، احتل اليمنيون المرتبة الـ15 بين أكثر الأجانب شراءً للمنازل في تركيا عام 2017، ثم المرتبة الـ11 عام 2018، والـ9 عام 2019. ويرجع تقدُّم اليمنيين إلى المرتبة التاسعة في العام الماضي إلى ارتفاع عدد المنازل التي اشتروها؛ إذ بلغ الإجمالي 1082 منزلًا في الفترة بين يناير وسبتمبر فحسب، وهو ما يعادل 5.5 ضعف الزيادة في مبيعات تركيا من المنازل للأجانب الآخرين. وفي هذا السياق، يقول رئيس شركة العقارات الأمريكية “كولدويل بانكر” في تركيا، غوكهان طاش: “اللافت للانتباه في مسألة بيع المنازل للأجانب، هو زيادة عدد العقارات التي اشتراها اليمنيون في تركيا.. فللمرة الأولى في التاريخ يدخل اليمن ضمن الـ10 الأوائل في قائمة الدول الأجنبية الأكثر شراءً للعقارات بدولة ما”.
اقرأ أيضًا: كيف يؤثر المغتربون اليمنيون في اقتصاد واستقرار اليمن؟
تشهد تركيا خلال السنوات الأخيرة تباطؤًا في الإصلاحات في عديد من المجالات، إلى جانب عدد من نقاط الضعف الاقتصادية، وهو ما يمكن أن يخاطر، حسب البنك الدولي، بعكس بعض التقدم الذي أحرزته البلاد خلال معظم الفترة منذ عام 2000م. وعلى الرغم من أن مساهمة اليمنيين في الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا لن تعوِّض ضَعف علاقات تركيا مؤخرًا مع الشركاء التجاريين الأساسيين والتوترات التجارية العالمية؛ فإنها ستكون أفضل من لا شيء على الإطلاق، ما لم نأخذ في الاعتبار مساهمة المنافع المتبادلة بين الإصلاحيين وتركيا في تحقيق طموحات تركيا في اليمن.