الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
هل ينتفض الجزائريون ضد الرئيس أم ضد الحاشية؟
مطالبات واسعة بمنع ترشح عبد العزيز بوتفليقة لانتخابات الجزائر الرئاسية

كيو بوست –
ربما يكون يوم 22 فبراير/شباط يومًا تاريخيًا للجزائر، بعدما استطاع الشارع الجزائري إيصال صوته الحضاري إلى العالم، وبذلك بدد الصورة النمطية المبنية على الفوضى والاقتتال و”العشرية السوداء” التي لطالما استخدمتها السلطة الحالية لتجديد ولاية الرئيس.
ولم يحصل المتظاهرون الجزائريون -الذين يتظاهرون منذ يوم الجمعة- على رخصة، لكنهم ذابوا مع رجال الأمن، في مشهد سلمي لم يعهده الوطن العربي منذ 2011، وبددوا جميع المخاوف المشروعة من العنف.
اقرأ أيضًا: الرئاسيات الجزائرية: الولاية الخامسة والجيش والإخوان على المحك
ولذلك كانت الجزائر استثناءً لـ”الربيع العربي” سيء الصيت، بما شهده من تدخلات خارجية، وحروب أهلية وطائفية. وعلى عكس “الربيع” الذي أصاب معظم الدول العربية، اقترب الشعب الجزائري من السلطة، متحديًا ضبابية المشهد، وتناقض التأويلات، وتشابك الأجندات.
ولم يكن تجاوز المرحلة الصعبة في 2011 المرة الوحيدة التي يتمسك فيها الشعب الجزائري بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ توليه الحكم عام 1999؛ إنما كان هناك اختبارات أصعب، امتدت منذ التعديلات الدستورية في 2008 التي أتاحت له تمديد ولايته لمرحلتين قادمتين، وثالثة على الطريق.
كما التزم الشارع الجزائري الصمت، قبلها بأربع سنوات (في 2004)، عندما حاول جناح من داخل الجيش إنهاء ولاية بوتفليقة على رأس السلطة، مما خلق تعاطفًا شعبيًا مع الرئيس امتد حتى إصابته بسكتة دماغية في أبريل/نيسان 2013، وتكرار سفره للعلاج في الخارج.
القطيعة
يدين الشعب الجزائري لبوتفليقة بسبب ماضيه المقاوم للاستعمار، ودخوله التاريخ الحديث للجزائر بعدما أنهى إرهاب “العشرية السوداء”، وعقد “قانون الوئام المدني” عام 2000، و”ميثاق السلم والمصالحة” عام 2005، الذي جرى بموجبه منح عفو لكل من يسلم سلاحه من “الجبهة الإسلامية”، وكذلك منح حصانة للجيش من المحاسبة.
ونال الرئيس على إثر ذلك الاحترام من الشعب الجزائري، إلى جانب لقبه القديم من أيام الثورة “المجاهد”.
ولكن الثقة بدأت تتزعزع بين الرئيس وشعبه منذ مرضه في 2013، حتى وصل الأمر إلى قطيعة تامة، بعدما غابت صورة الرئيس عن الشعب؛ إذ لم يعد ينزل إلى الشارع، وسط شكوك بمقدرته على تمثيل البلاد خارجيًا، وصولًا إلى إرساله رسالة مكتوبة خاطب فيها المطالبين بتنحيته، لم يقرأها هو، إنما قرأها عنه وزير الداخلية.
اقرأ أيضًا: هل يسعى إخوان الجزائر إلى زج الجيش في الصراعات السياسية؟
تجددت المظاهرات، بعدما زادت الهوة بينه وبين الشعب، ولم يعد الشعب الجزائري يشعر بأنه يتعامل مع رئيس يمسك بزمام الأمور. وتتجه معظم الآراء إلى أن الرئيس ميت إكلينيكيًا، وأنه وقع رهينة في يد الجنرالات الذين يتحكمون بمصيره وقراراته.
الثورة على الحاشية وحالة الإنكار
تبدو حالة الرئيس بوتفليقة -بالرغم من الاحترام الشعبي له- مشابهة لمعظم حالات الأنظمة العربية الجمهورية، فطوال فترة رئاسته لم يُعيّن نائبًا له، مما أفقد الشعب الجزائري الثقة بالمستقبل في حال وفاته فجائيًا، مع عدم استبعاد وقوع نزاعات بين المحيطين به على السلطة، قد تؤدي بالبلاد إلى مصير مجهول، خصوصًا مع الدور السياسي الاقتصادي الذي يلعبه جنرالات الجيش، وسيطرتهم على كل مقدرات الدولة، من الغاز حتى العقارات.
الجزائر : مواطن يوجه رسالة محترمة الى السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري – لا للعهدة الخامسة ؟!
الجزائر : مواطن يوجه رسالة محترمة الى السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري – لا للعهدة الخامسة ؟!
Posted by Zgoum Video on Friday, 15 February 2019
كما أن انعدام الثقة بالمحيطين بالرئيس، خوّف الشعب الجزائري من آلية حكمهم للبلاد التي تنعدم فيها الشفافية، في ظل توارد أنباء عن طموح شقيق الرئيس، سعيد بوتفليقة، بوراثة أخيه.
بينما يعتقد مراقبون بأن مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، جعل من شقيقه سعيد الحاكم الفعلي للبلاد، وسط ما يثار عنه من توسع في ثرواته وأعماله التجارية والاستثمارية.
ويضاف إلى حالة عدم الاستقرار، تدهور في الحالتين الاقتصادية والاجتماعية، وانتشار للبطالة، وتزايد حالات الهجرة والبحث عن مستقبل آمن.
اقرأ أيضًا: رئاسيات الجزائر 2019: الإخوان المسلمون يبحثون عن منفذ
تناسى رجال السلطة كل تلك السلبيات، بعد عودة النبض إلى الشارع الجزائري الذي تجاوز مخاوف الفوضى، فاتجهت مؤسسات الدولة للاعتراف -لأول مرة- بالمظاهرات، في محاولة لتوجيه الأحداث نحو إصلاحات شكلية، تمتص غضب الشارع، متباهين في الوقت ذاته بأن المظاهرات الأخيرة كانت من بواعث الديمقراطية التي تنتهجها الجزائر، متناسين أن المظاهرات من بدايتها لم تكن مرخصة، إنما كانت هبّة شعبية شكلها الوعي.
#الأنمالم ولن تراه في وسائل الإعلاممن أمام القاعة التي بداخلها الوفدالشعب رافض للوفد الوزاري وللعهدة الخامسة
Posted by هنا أدرار – Ici adrar on Sunday, 24 February 2019
وتأكدت حالة الإنكار التي يعيشها رجال السلطة بالتهديدات الصريحة والمبطنة للجزائريين بشكل عام، وهو ما تمثل بالتساؤلات التي أطلقها الأمين العام لنقابة السلطة (الاتحاد العام للعمال الجزائريين)، عبد المجيد سيدي السعيد، الذي خاطب الجزائريين متسائلًا: “هل تريدون الرجوع إلى سنوات حرق المنازل والمصانع وسنوات الدم والدموع؟!”. كما تأكدت حالة الإنكار عبر تحدي الشارع، الذي ظهر على لسان عبد المالك سلال، مدير حملة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي أكد أن مشروع الولاية الخامسة “ما يزال قائمًا”!