الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
هل يمكن استبعاد مضيق هرمز من أهداف إيران؟

كيوبوست
واصلت أسعار النفط صعودها بداية هذا الأسبوع مع تأجُّج التوترات في الشرق الأوسط عقب الضربة الجوية الأمريكية في العراق، والتي أودت بحياة القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني؛ ففي يوم الجمعة ارتفعت الأسعار بأكثر من ثلاثة في المئة؛ لتواصل صعودها، يوم الإثنين، اثنين في المئة، ليصل سعر برنت لأكثر من 70 دولارًا للبرميل؛ إلا أن الأسعار شهدت تراجعًا بنسبة 1.5% يوم الثلاثاء مع إعادة المستثمرين النظر في احتمالات تعطُّل إمدادات الشرق الأوسط.
يُعد مضيق هرمز الذي يفصل إيران عن شبه الجزيرة العربية، أحد أهم المنافذ البحرية في العالم؛ حيث يمر من خلاله نحو خُمس شحنات النفط العالمية، كما مرّ من خلاله أكثر من ربع تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية في 2018. ويتجه معظم تلك الصادرات إلى الأسواق الآسيوية؛ إذ تُقدِّر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن 76٪ من النفط الخام الذي انتقل عبر مضيق هرمز في عام 2018 ذهب إلى أسواق مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة. وكأية منطقة مرور مهمة في العالم، فإن تعطيل مضيق هرمز، ولو بشكل مؤقت، يمكن أن يؤدي إلى تأخير كبير في الإمدادات العالمية، وارتفاع تكاليف الشحن؛ مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
اقرأ أيضًا: اغتيال قاسم سليماني يمثل تحولًا دراماتيكيًّا في السياسة الأمريكية تجاه إيران
هناك قدر كبير من عدم اليقين في ما يخص الطريقة التي يمكن أن ترد بها إيران على الولايات المتحدة.. يخمِّن بعض المحليين قيام الإيرانيين بتعطيل تدفقات النفط عبر مضيق هرمز، أو قيامهم بالهجوم على البنية التحتية للطاقة لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. آخرون يرجحون ضرب المصالح والقواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في المنطقة، وليس أهداف الطاقة. تشبه هذه السيناريوهات انتهاج إيران مبدأ “عليَّ وعلى أعدائي”؛ حيث سيؤدي تصرُّف من هذا النوع إلى الإضرار ببعض شركاء إيران الأساسيين، كالصين، وعواقب وخيمة أخرى تطول إيران في المقام الأول.

تُعد الصين الوجهة الكبرى لصادرات نفط الخليج، والمشتري الأكبر للنفط الإيراني؛ وهي في أشد الحاجة إلى فرض الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط تلبيةً لمشروعها التاريخي العملاق، مبادرة الحزام والطريق، المشروع المرجَّح تصنيفه كأكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية. كما أن إيران في حاجة مُلحَّة إلى إيرادات العملة الصعبة من استمرار صادرات النفط.
اقرأ أيضًا: ترجمات: لماذا يظل مضيق هرمز بلا بدائل؟
لدى الصين، أسباب معقولة لتجنيب منطقة الشرق الأوسط الحرب، وعلى الرغم من توتراتها مع الولايات المتحدة؛ فإنها لا تزال قادرة على الحديث والتأثير مع الفرقاء والحلفاء، بما في ذلك السعودية والولايات المتحدة من جانب، وإيران وروسيا من جانب آخر. بناءً على ذلك، قد يجتهد الصينيون في حثّ الجميع على ضبط النفس، وربما يضغطون لثني إيران عن أي تهوّر مُحتمل ذي تأثير واسع النطاق؛ مما قد يدفع الإيرانيين إلى نقل معركتهم ضد الوجود الأمريكي إلى خارج المسرح الخليجي، وذلك من خلال التفكير في ردود فعل محدودة أو -على الأقل- ذات تأثير ضئيل على حركة صادرات النفط والغاز عبر مضيق هرمز. قد يعني ذلك قيام إيران بضربة خاطفة -ولو بعد حين- على القاعدة البحرية الأمريكية في جيبوتي، ربما عبر وكلائها في اليمن. أو استهداف المصالح والقواعد الجوية الأمريكية في العراق والأردن عبر وكلائها في لبنان. قد تكون إسرائيل أيضًا هدفًا مُحتملًا مثيرًا لحماسة الإيرانيين، إلا أنه ذو عواقب وخيمة؛ ما يُرجِّح وضعه في ذيل القائمة كما تعتقد إسرائيل نفسها، وَفقًا لبعض التقارير.
اقرأ أيضًا: كيف يمكن أن تكون الحرب الأمريكية- الإيرانية؟
أيًّا كانت الخطوة التي يمكن أن تتخذها إيران، فإنها، بالذات إن كانت عسكرية، ستؤثر على حركة نقل النفط والغاز العالمية عبر مضيق هرمز بمستويات مختلفة. هناك فُرص محدودة جدًّا لتجنُّب المرور عبر هذا المضيق، وحدها السعودية والإمارات لديهما القدرة على ضخ النفط بواسطة أنابيب لا تمر عمليًّا عبر المضيق، وذلك عبر ميناء الفجيرة المُطِل على خليج عمان بالنسبة إلى الإمارات، وعبر ميناء ينبع، على البحر الأحمر، بالنسبة إلى السعودية.
وَفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، بلغ إجمالي طاقة تلك الأنابيب المتاحة لكلا البلدَين 6.5 مليون برميل/ اليوم في نهاية عام 2018، مع العلم أن القدرة الإنتاجية للسعودية تتخطى 12 مليون برميل يوميًّا، بينما تتخطى الإمارات حاجز ثلاثة ملايين برميل يوميًّا. أما بالنسبة إلى العراق والكويت والبحرين وقطر، فإن المضيق هو المنفذ البحري الوحيد لصادراتها النفطية؛ وبذلك يصبح مضيق هرمز أهم نقطة للنفط في العالم، حيث تمر عبره صادرات خمس دول من بين أكبر عشرة منتجين للنفط في العالم؛ وهي السعودية والعراق والإمارات والكويت، بالإضافة إلى إيران ذاتها التي يحتاج اقتصادها المتدهور إلى كل سنت من العملة الأجنبية من استمرار صادرات النفط.