شؤون دولية
هل يقود التقارب القطري الإيراني إلى تعميق نفوذ إيران الإقليمي؟
هل تتجه الدوحة إلى تعزيز التعاون مع إيران؟

كيو بوست –
منذ الأيام الأولى لبدء الأزمة الخليجية بين الدول العربية الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) من جهة، وقطر من جهة أخرى، بسبب دعم الأخيرة للجماعات الإرهابية، وتقويضها الأمن الإقليمي، حذر مراقبون من أن هذه الأزمة قد تصب في صالح إيران وحدها.
وقد أوضحت مجلة ناشيونال إنترست أن الأزمة الخليجية تسببت بانحراف قطر عن السياسة الخليجية باتجاه تعزيز التعاون مع إيران؛ إذ أقدمت الدوحة على استعادة كامل علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على إثر تلك الأزمة. وقد تجلى ذلك في أوضح صوره، عبر وقوف النظام القطري، وقناة الجزيرة، بتبني وجهة نظر الحكومة الإيرانية ضد أولئك الذين خرجوا ضد نظام الخميني، بشكل أصبحت فيه قناة الجزيرة معرضًا لوجهة نظر النظام الإيراني.
وأوضحت المجلة أيضًا أنه وبعد شهر من قيام اللجنة الرباعية بقطع العلاقات مع قطر، وقع مسؤولون تنفيذيون من شبكة الجزيرة اتفاق تعاون مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ينص على “ضرورة استخدام وسائل الإعلام لخلق جو من السلام والصداقة والتقارب”، في خطوة انتقدت كثيرًا في وسائل الإعلام العربية.
التقلب الإيراني
مع بداية الأزمة الخليجية، فتحت إيران مجالها الجوي أمام عبور الطائرات من وإلى قطر، وجهزت موانئها البحرية –خصوصًا ميناء بوشهر- من أجل استعادة العلاقات التجارية مع قطر إلى وضعها الطبيعي.
وفي السياق ذاته، أوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ميشيغان محمد أيوب، في مقالة له على مجلة إنترست، أن إيران هي المستفيد الأكبر من الأزمة الخليجية، لأنها ساعدت على إحراز نصر دبلوماسي لها من خلال محاولات تطبيع العلاقات مع الدول الخليجية، التي بدأت مع قطر.
وأوضح الكاتب أيضًا أن تقارب إيران مع قطر، يأتي على إثر تحسن العلاقات بين إيران وتركيا؛ فبعد أن توافقت الرؤية الإيرانية مع الرؤية التركية فيما يتعلق بنظام بشار الأسد، تحسنت العلاقة القطرية الإيرانية، بشكل سيؤثر بالضرورة على رؤية قطر للأزمة السورية، بسبب تحالفها الجديد مع إيران.
في الأيام الأولى للأزمة، انتقدت إيران مقاطعة قطر من قبل الدول الأربع، داعية الأخيرة إلى “حل الخلاف عن طريق الحوار”. وقد وصف وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف ذلك بأنه “عجز في الحوار” في المنطقة. ثم بعد ذلك أعلنت “الحياد من الأزمة”، قبل أن تعود إلى الوقوف إلى جانب قطر.
التصدي لنفوذ إيران
قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتياس إن تدهور العلاقات بين الحلفاء العرب في الخليج، يعيق حرب واشنطن على تنظيم الدولة الإسلامية، ويضر بجهودها في مواجهة انتشار “نفوذ إيران الخبيث”.
وبالنسبة للولايات المتحدة، تعتبر منطقة الخليج منطقة إستراتيجية هامة لاحتوائها على قاعدة العديد الجوية العسكرية، التي تستخدمها الولايات المتحدة كمركز لعمليات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق. كما يحتوي الخليج العربي على الأسطول الأمريكي الخامس، الذي يتمركز في البحرين.
وفي رده على رويترز، قال المتحدث باسم القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية في قطر، إن الولايات المتحدة تعتبر كلًا من قطر والإمارات شريكًا إقليميًا مهمًا”، داعيًا إلى إيجاد حلول حقيقية لتقليص التوترات.
ويتوقع أن تلعب قاعدة العديد دورًا محوريًا، إذا دخلت الولايات المتحدة في حرب مع إيران، بسبب اتهامات لها بدعم الإرهاب، واعتبارها تهديدًا للاستقرار وللمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وفي هذه الحالة لن يكون رد قطر معروفًا حين تستخدم الولايات المتحدة القاعدة العسكرية لمهاجمة إيران.
إيران الرابح الأكبر
يقول دبلوماسي غربي إن “التنافس بين السعودية وحلفائها الخليجيين من جهة، وإيران من جهة أخرى، على أشده. الخليجيون شركاء رئيسون للغرب في مجالات كثيرة، وإذا ساد الانقسام بينهم، فإن إيران ستكون هي الرابح الأكبر، وستكون الولايات المتحدة هي الخاسر.
وفي السياق ذاته، أوضح محللون لـ”سي إن إن” أن “الأزمة الخليجية تفتح الباب على مصراعيه أمام إيران على المدى البعيد، إضافة إلى خلق فتحات للمحور الموالي لإيران بين العرب” خصوصًا مع ابتعاد قطر عن الإجماع العربي.
وكان ترامب قد أيد، مقاطعة قطر، خلال أيامها الأولى، متهمًا الإمارة بدعم الإرهاب على أعلى المستويات. لكنه بعد ذلك، في شهر أيلول، اتصل بأمير قطر تميم بن حمد لشكره على “مساعيه في مكافحة الإرهاب”. ورجح مراقبون أن تغيير واشنطن لسياساتها تجاه قطر نابع من “تودد” قطر للولايات المتحدة، واستضافة مقربين من ترامب، إلى جانب إرسال الوفود الدبلوماسية إلى واشنطن.