الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
هل يقبل السوريون عودة “حماس” إلى دمشق؟
سوريا تتعامل بحذر مع عودة "حماس" بعد مشاورات إيرانية مهدت لتلك العودة

كيوبوست
يشغل الحديث عن عودة العلاقات بين حركة حماس وسوريا الشارعَ السوري هذه الأيام؛ فبعد نحو 10 سنوات من الانقطاع بسبب انحياز الحركة الفلسطينية إلى المعارضة السورية التي رفعت السلاح في وجه الدولة، وفتحت الباب أمام المجموعات الإرهابية للتدفق على البلاد من كل أنحاء العالم، يوجد رفض شعبي لوجود الحركة وعناصرها على الأراضي السورية، بعد خيانة سوريا والقضية والانحياز إلى أيديولوجية الإخوان، حسب خبراء ومحللين سوريين تحدثوا إلى “كيوبوست”.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول في حركة حماس قوله: إن العلاقات بين الحركة وسوريا في طريق عودتها بالكامل كما كانت، بعد قطيعة استمرت عشرة أعوام.
اقرأ أيضاً: صراع الأجنحة داخل “حماس”.. خارطة تتقاسمها تركيا وإيران
وأضاف المسؤول للوكالة الفرنسية: سوريا داعم للقضية والشعب الفلسطيني، و”حماس” حريصة على العلاقة مع سوريا وكل الدول العربية.
توجه خاطئ
وقال المحلل العسكري والاستراتيجي السوري، العميد علي مقصود: إن سوريا تقيم علاقاتها مع أي طرف؛ سواء دولة أو فصيل، على أساس تمسكه بالحقوق والدفاع عن القضايا العربية؛ وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني العادلة، وعلاقة دمشق مع حركة حماس كحركة مقاومة وليست مع أشخاص، لافتاً إلى أن هناك خلافاً بين الجناحَين السياسي والعسكري في “حماس”.

وأضاف مقصود، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن سوريا تدرك وتعي جيداً أن الأيديولوجية الإخوانية هي الموجه لقيادات “حماس”؛ ولكن ما دامت رفعت شعار الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، فمن هذا المنطلق احتضنت دمشق فصائل المقاومة ومنها “حماس”، التي شهدت تغيراً عميقاً وعامودياً في الصف الأول لقيادتها التي أثبتت الأحداث توجهها الخاطئ.

واستطرد المحلل العسكري والاستراتيجي السوري: لا شك أن موقف “حماس” الداعم للمسلحين، من خلال انتشار فصائل “حماس” في العديد من المدن السورية، وتدريبهم في معسكرات ومراكز التدريب وتسليحهم وتزويدهم بمعدات لحفر الخنادق والتحصين الهندسي، تم استغلاله لحفر أنفاق في المخيمات في اليرموك بريف دمشق ودرعا، وحتى في حلب، ومع ظهور ما يُسمى أكناف بيت المقدس شكَّل تهديداً أمنياً كبيراً، وتحالفوا مع تنظيمات أخرى تحت لواء جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) المرتبطة بتركيا.
اقرأ أيضاً: زيارة الأسد إلى الإمارات.. خطوة مهمة على طريق عودة سوريا إلى الجامعة العربية
وأشار مقصود إلى أن قرار “حماس” طعن سوريا والغدر بها، ينبع من الانتهازية والنفعية الأيديولوجية التي يتسم بها التيار الإخواني، والعلاقة العضوية مع حزب العدالة والتنمية في تركيا، فضلاً عن كونها جزءاً من مشروع “الربيع العربي” لتغيير النظام الإقليمي وهندسة نظام شرق أوسط جديد، يقوم على تقسيم الدول العربية عبر وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة.

خيانة واضحة
من ناحيته، قال البرلماني السوري السابق شريف شحادة، إن الحديث عن عودة العلاقات بين سوريا وحركة حماس متداول في الأوساط السياسية السورية؛ لكن لا أعتقد أن الحكومة السورية سوف ترضى بعودة قيادات “حماس” إلى أراضيها؛ خصوصاً بعد أن رأت سوريا بأم عينها ما فعلته الحركة بوقوفها إلى جانب المجموعات المسلحة، وتبنيها فكرة الحزب أكثر من فكرة الوطن، وبالتالي سببت ألماً كبيراً للقيادة والشعب السوري.

وأضاف شحادة، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن الحركة قدمت ولاءها الحزبي على الولاء الوطني والعروبي والقومي؛ ما سبَّب جرحاً عميقاً في خاصرة وصدر الشعب السوري، وعندما خرجت القيادات ذهبت إلى عواصم معادية لدمشق؛ وهو أمر لن تنساه القيادة، بغض النظر عما يُقال هذه الأيام؛ فالحركة تريد العودة، وقد تقبل الدولة، لكن الأمور لن تعود لشكلها السابق.
اقرأ أيضاً: لماذا غادر كبار قيادات “حماس” و”الجهاد” قطاع غزة؟!
وتابع البرلماني السوري السابق بأن حركة حماس أسهمت في تدفق الإرهابيين إلى سوريا، وعناصرها الذين تلقوا التدريبات على يد الحكومة نصرةً للمقاومة طعنوا السوريين في الظهر، وكانت الحركة على صلة بكل المجموعات المسلحة رغم الدعم السوري الكبير للقضية الفلسطينية، وتحمل دمشق مسؤولية النضال الفلسطيني.
واستطرد شحادة: مع كل هذا العبء، كان الموقف العدائي والعدواني لحركة حماس بالاتفاق مع الحكومة المصرية في ذلك الوقت، أيام حكم جماعة الإخوان المسلمين، ورفع القيادات الفلسطينية أعلام المجموعات المسلحة في سوريا، ودمشق قد تغض الطرف عن قسم مما فعلته؛ لكن لن تنساه أبداً.

وأشار شحادة إلى أن الحكومة يمكن أن تضع يدها في يد حركة حماس، وترضى بذلك بعد تشاورات إيرانية في هذا الموضوع؛ لأن طهران أسهمت في فتح باب عودة العلاقات.. وفي مجمل الأحوال؛ السوريون دعموا القضية الفلسطينية إلى المدى البعيد، لكن المكافأة كانت ما رأيناه من الحركة من قتل وتنكيل بالسوريين، ومساعدة المجموعات المسلحة، وتغليب مصلحة الإخوان على الوطن العربي والقضية.
ويرى رئيس تحرير مرصد طريق الحرير السوري يعرب خير بك، أن دمشق دائماً لا تنظر إلى الوراء، وهو ما أكده الرئيس السوري بشار الأسد، وسوف يُرى في التعامل مع الدول العربية أيضاً، لافتاً إلى أن قيادات “حماس” لا يمثلون الحركة، وسوريا تعرف أن الحركة ستنقلب على هذه القيادات الإخوانية، مستبعداً أن تعود العلاقات إلى ما كانت عليه سابقاً.

وقال خير بك، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”: إن الدولة كانت توفر لـ”حماس” أهم المعدات والمقرات بتكاليف عالية، وأدوات حفر الأنفاق التي جلبتها سوريا لـ”حماس” استُخدمت ضدنا، وأكثر الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم عندنا جاؤوا عن طريق “حماس”، التي فتحت خطوط الإمداد للإرهابيين بالتنسيق مع الجانب التركي.
وأضاف رئيس تحرير مرصد طريق الحرير السوري، أن سوريا كقيادة سوف تعيد العلاقات بشكل مبدئي؛ لكن دون حميمية، لافتاً إلى أن الشعب السوري لا يستطيع تخيل وجود “حماس” على أراضيه؛ فهناك حيوات أُسر هُدمت بسببهم، ودمار كبير لحق بسوريا، كما أن الحركة تتحمل مسؤولية دماء السوريين التي سالت.
اقرأ أيضاً: كيف يبدو مستقبل حركة حماس بعد عزم أستراليا تصنيفها “منظمة إرهابية”؟
استغلال القضية
ومضى قائلاً: “حماس” تحاول “ركوب” المقاومة الفلسطينية؛ لمسخها وتحويلها إلى ما يُسمى بـ”حماس” فقط، وقرارها ليس بيدها؛ وهي تنظيم لا يختلف عن كل الإخوان الذين أفتوا بالجهاد ضد جمال عبدالناصر وحافظ الأسد، والجيشَين المصري والسوري؛ لكنهم لم يفتوا يوماً بالجهاد ضد إسرائيل، وكانوا دائماً على اتفاق كامل مع المصالح الغربية.

وقال المؤرخ السوري سامي مبيض: إن التنازل الوحيد بالنسبة إلى دمشق هو مجرد قبول طيّ صفحة الماضي مع “حماس”؛ وهذه ليست المرة الأولى التي يطرح بها هذا الموضوع، لكنها المرة الأولى التي تقبل فيها دمشق بالعودة، بوساطة من إيران.

وأضاف مبيض، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أنه في الماضي كانت هناك شروط؛ مثل إبعاد خالد مشعل عن المكتب السياسي، وتقديم اعتذار علني من قِبل قيادة “حماس” الجديدة. أما اليوم فالموضوعات المطروحة للنقاش هي: هل تعود “حماس” بقادتها ومكاتبها، أم مجرد إعادة للعلاقات مع سوريا؟ وما مصير المباني التابعة لـ”حماس” التي تمت مصادرتها قبل عشر سنوات؟ ومَن مِن القيادات الحمساوية سيأتي إلى سوريا لمتابعة بقية الأمور؟