شؤون عربية

هل يفاقم الكتاب الإلكتروني أزمات دور النشر الورقية؟

كيو بوست تستطلع آراء الناشرين

كيو بوست – عبير الصغير

تحديات كثيرة باتت تواجه الكتاب الورقي وصناعة الكتب، أهمها: مشاكل التسويق وقلة القراءة، لا سيما أن الجيل الجديد يفضل الكتاب الإلكتروني، بحسب ما يقول بعض ملاك دور النشر.

وتكاد تكون المعضلة الكبرى لملاك دور النشر تتمثل في انتهاك حقوق الملكية بفعل شيوع نسخ إلكترونية على الشبكة العنكبوتية وبالمجان، في ظل محدودية الثقافة القانونية بحقوق الملكية، وما يترتب على ذلك من خسائر كبيرة لدور النشر بفعل ارتفاع أسعار الورق وتكاليف الشحن، وبالتالي تكاليف صناعة الكتاب الورقي.

رقمنة الكتب، أو الكتاب الإلكتروني بات بمثابة توجه عالمي يتصاعد في ظل موجة الرقمنة الشاملة التي وصلت حد توقف بعض الصحف المطبوعة العريقة عالميًا عن الصدور والاكتفاء بنسخ إلكترونية.

اقرأ أيضًا: ما هي جذور المحاربات الحسناوات في الكتب الهزلية والأفلام السينمائية؟

مصطلح الكتاب الالكتروني (E-book) ليس جديدًا؛ فهو معروف منذ بدايات التسعينيات، حينما كان يستخدم كطريقة لتخزين الوثائق ونشرها بين المجموعات المهتمة، وهو نشر إلكتروني فيه نصوص وصور، يُنتج ويُنشر ويُقرأ على الحواسيب أو الهواتف الذكية أو عبر أجهزة إلكترونية أخرى.

وفي حوارات خاصة لـ”كيو بوست” على هامش منتدى أبو ظبي للنشر، تحدث عدد من المتخصصين والناشرين عن واقع وتحديات كل من النشر الإلكتروني والنشر الورقي في الوطن العربي.

تقنيات جديدة

المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب بالإنابة في دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي عبد الله ماجد آل علي

في سؤال لـ”كيو بوست” عما إذا كانت صناعة الكتاب الإلكتروني العربي بدأت تطغى على الكتاب المطبوع، قال المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب بالإنابة في دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي عبد الله ماجد آل علي إن انتشار الكتاب الإلكتروني في ازدياد ملحوظ، ويحظى بقابلية لدى فئات الشباب المقبلين على التكنولوجيا وما تتيحه لهم من إمكانات الاطلاع السريع والاستكشاف الذكي والتعلُّم والتطوير الذاتي.

وعن التقنيات الجديدة التي يحتمل أن تطرأ في هذا المجال في دولة الإمارات، رأى آل علي أن الذكاء الاصطناعي بدأ يحتل مكانًا في هذه الصناعة التي ستتأثر حكمًا به. وأضاف: “سنرى تقنيات جديدة قريبًا تطور صناعة النشر الإلكتروني الرقمي، ولدائرة الثقافة والسياحة – أبو ظبي إنجازات في هذا المجال، إذ سعت إلى مواكبة التكنولوجيا وأطلقت العديد من المبادرات المتخصصة في هذا المجال. ونشهد اليوم إطلاق مبادرة التحول الرقمي في دائرة الثقافة والسياحة – أبو ظبي التي تتضمن 4 ركائز أساسية من ضمنها الكتاب الإلكتروني والكتاب الصوتي”.

مدير إدارة النشر في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي سعيد حمدان الطنيجي

من جهته، لا يعتقد مدير إدارة النشر في دائرة الثقافة والسياحة بأبو ظبي سعيد حمدان الطنيجي أن صناعة الكتاب الإلكتروني طغت على المطبوع، مؤكدًا أن الكتاب الورقي المطبوع سيبقى له بريقه الخاص به، وهو الأساس بالنسبة للقارئ.

وأوضح حمدان أن دولة الإمارات تولي اهتمامًا عاليًا بإدخال أحدث التقنيات حسب الإستراتيجية المتبعة فيها، وتدعم دور النشر لتشارك في المنتديات التي تناقش آخر ما توصل إليه العالم في هذا المجال والتجارب التي مر بها والاستفادة منها.

أما أهم الإنجازات فهو ما حققته جمعية الناشرين الإماراتيين التي تأسست عام 2009؛ إذ عملت خلال السنوات الماضية على تحسين جودة الكتب من نواحي التصميم والطباعة والإخراج الفني، وتنوع المحتوى لشتى المجالات، وزيادة عدد دور النشر، وتضاعف عدد الإصدارات، وازدياد الإقبال على معارض الكتاب، وانضمامها مؤخرًا لاتحاد الناشرين الدوليين، كما لعبت دورًا هامًا بانضمام 6 بلدان عربية للاتحاد الدولي للناشرين، وتعمل على مساندة دول أخرى للانضمام.

اقرأ أيضًا: أكثر 10 كتب مبيعًا على موقع أمازون لعام 2017

 

حالة تكاملية لا تنافسية

شادي الحسن، مؤسس دار “رفوف” للنشر

قال مؤسس دار النشر “رفوف” في الأردن (أول منصة للكتب الإلكترونية على الهاتف المحمول)، شادي الحسن، إنه على الرغم من أن سوق الكتب الإلكترونية باتت رائجة وتيمثل تجارة رابحة إلى حد ما، إلا أن الكتاب الإلكتروني لم يتفوق بعد على الكتاب المطبوع.

وتابع: “هناك تصحيح في نظرة قطاع النشر إلى فكرة الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني وهي أنهما مكملان لبعضهما البعض، ولا ينافس أحدهما الآخر؛ فعلى سبيل المثال، الشخص الذي يشتري الكتاب الورقي ويحتوي على 150 صفحة، ويكون قد أنهى جزءًا من قراءته ويريد أن يسافر، هنا يستطيع أن يقتني النسخة الإلكترونية ليكمل القراءة من حيث انتهى بالنسخة الورقية، وكذلك بالنسبة للكتاب الصوتي الذي يستطيع أن يسمعه في السيارة أو حتى في النادي الرياضي خلال ممارسته التمارين الرياضية، وهذا ما نعمل عليه في دار النشر رفوف”.

وعن نظرته للكتاب كناشر، يقول شادي الحسن: “أصبحت نظرتنا للكتاب على أنه محتوى أو قصة أكثر مما هو كتاب، فالكتاب بتعريفه هو الورق المطبوع ضمن غلافين، لكن في العالم الورقي يمكن أن يكون كلمة أو صفحة أو 500 صفحة، وهذا المحتوى يمكن للشخص أن يستهلكه بأشكال عدة (ورقي وإلكتروني وصوتي)، وهنا أصبحت العقود بين دور النشر والمؤلفين على حقوق النشر كافة لشكل الكتاب”.

وعن قرصنة الكتب وسرقتها، أضاف الحسن: “نحن بحاجة لتوعية الناس بهذا الخصوص، فالمستهلك يسمح لنفسه أن يدفع مبلغًا من المال مقابل الكتاب الورقي الملموس، لكنه يمتنع عن دفع هذا المبلغ مقابل الكتاب الديجيتال (غير الملموس)؛ لوجود ثقافة أن كل شيء إلكتروني هو مكتسب”.

وأما عن كيفية التعامل مع هذه الحالات فيقترح الحسن: “بدل أن نمنع الناس من أن تلجأ إلى قرصنة الكتب وسرقتها وانتهاك حقوق الملكية الفكرية لها، علينا أن نحاول تطوير تجربة قراءة الكتب الإلكترونية، وبالتالي فالقارئ لا يشتري الكتاب، وإنما يشتري تجربة القراءة الإلكترونية عن غير قصد، مع فارق أنه لن يستطيع الاستفادة من الميزات التي يتمتع بها الكتاب الإلكتروني غير المقرصن مثل وضع علامة عند التوقف على صفحة معينة، مما يضطره لإعادة البحث عن الصفحة التي وصل إليها سابقًا، وكذلك عند التحميل يحتاج إلى إنترنت أكثر وسعة تخزينية أكبر على جهاز الكمبيوتر، وهذا يوفره الكتاب غير المقرصن مدفوع الثمن”.

 

مشكلة السعر

أستاذ المكتبات وتكنولوجيا المعلومات في جامعة القاهرة في مصر د. شريف شاهين

أما أستاذ المكتبات وتكنولوجيا المعلومات في جامعة القاهرة في مصر د. شريف شاهين فيرى أن الإحصاءات تؤكد أن عدد القارئين في ازدياد وهذا يدعو للتفاؤل؛ فعلى سبيل المثال، توضح الإحصائيات عام 2018 أدناه أن مصر والسعودية تأتيان ضمن المراتب العشر الأولى بين دول العالم من ناحية عدد الساعات التي يقضيها أفرادها في القراءة في الأسبوع، بينما تحتل الهند المرتبة الأولى، تليها تايلند ثم الصين، بينما نجد الولايات المتحدة في آخر القائمة.

 

ترتيب أعلى الدول قراءة بعدد الدقائق أسبوعيًا خلال عام 2018

 

ثم أوضح شاهين مفصلًا: “يعد الكتاب الإلكتروني جزءًا من منظومة كاملة هي منظومة المحتوى الإلكتروني، وقد يكون صورة أو صوتًا أو مقطع فيديو. وللكتاب الإلكتروني انتشار واسع على مستوى العالم أكثر من الكتاب الورقي التقليدي، فأي معلومة تحتاج وقتًا أطول حتى تكون جاهزة للقراءة وحتى تكون متاحة للوصول ورقيًا، بينما نجدها متاحة بشكل أسرع عبر الموقع الإلكتروني”.

وتحدث شاهين عن تجربة كوريا الجنوبية الناجحة في مجال النشر، مبينًا أنها وضعت أسعارًا ثابتة لكل من الكتب الورقية أو الإلكترونية، فإحدى مشاكل عدم انتشار الكتب مشكلة السعر، فنجد أن هناك مبالغة رهيبة في الأسعار، وبالتالي يبحث القارئ عن الإلكتروني كبديل للورقي، لكونه البديل الذي يمكن أن يحصل عليه بلا ثمن، مع ما يحمل الأمر من انتهاكات لحقوق الملكية الفكرية التي لا حدود لها.

وعن تجربة مصر في مجال النشر الإلكتروني ومدى مواكبتها له مقارنة بالدول الأخرى، يقول شاهين إن مصر لها تجربة متقدمة جدًا في هذا المجال، أبرز معالمها المشروع القومي الخاص ببنك المعرفة المصري الذي بدأ عام 2016، وهو عبارة عن بوابة إلكترونية تشمل إتاحة قواعد كل البيانات المحلية والعربية والعالمية بنصوص كاملة على الإنترنت، إذ تتاح أحدث المعلومات وبالمجان دون أي مقابل، ويكفي أن تحمل الجنسية المصرية كي تسجل عضويتك في بنك المعرفة.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة