الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
هل يستطيع الكاظمي إنهاء هيمنة الميليشيات على المنافذ الحدودية؟
مصدر حكومي خاص لـ"كيوبوست" يشدد على أهمية السيطرة على المنافذ الحدودية.. ومراقبون يشيرون إلى عدم جدية الخطوة

كيوبوست- أحمد الدليمي
في خطوةٍ وصفت بالتصعيدية ضد الميليشيات الخارجة عن سلطة القانون، والتي تبسط نفوذها على 22 منفذاً برياً وبحرياً حدودياً مع الدول المحيطة بالعراق، وتقوم بجباية إيراداتها شهرياً لتذهب إلى جيوب “الفاسدين” الذين يدعمون تلك الميليشيات؛ أمر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قوات جهاز الرد السريع، أحد تشكيلات وزارة الداخلية العراقية، ببسط السيطرة على معبرَي “مندلي” و”المنذرية” الحدوديَّين بين العراق وإيران في محافظة ديالى، وفرض هيبة النظام بشكل كامل ومنع سطوة الميليشيات والحركات المسلحة الولائية، وخوَّل الكاظمي قوة التدخل السريع بإطلاق النار على المتجاوزين، كما توعد بملاحقة أصحاب الفساد الجمركي من المتنفذين.
ملفات فساد
ويعد ملف المنافذ الحدودية من أبرز وأخطر الملفات فساداً؛ إذ عانى العراق ولا يزال منها بعد الاحتلال عام 2003، نتيجة هيمنة الميليشيات والمتنفذين من الأحزاب السياسية الشيعية عليها، المرتبطة بإيران؛ وهو ما أدى إلى إضعاف الدولة مالياً وإدارياً واقتصادياً.
اقرأ أيضًا: هيئة المنافذ الحدودية العراقية لـ”كيوبوست”: أغلقنا الحدود مع إيران ومنعنا دخول الإيرانيين
مصدر أمني في هيئة المنافذ الحدودية علق لـ”كيوبوست”، قائلاً: “إن الكاظمي أرسل سَريتَين من التدخل السريع، ومهمة القوتَين خارج المنفذ، واجبهما تقديم الدعم اللوجيستي لموظفي ومنتسبي شرطة الجمارك؛ لحمايتهم من العصابات الميليشياوية وكذلك النفوذ العشائري”.
وأضاف المصدر، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، أن “أهم تلك الجهات التي كانت تسيطر على منفذي مندلي والمنذرية، هو كتائب حزب الله، وميليشيات النجباء، وعصائب أهل الحق، وتقوم بجبابة إيرادات المنفذَين شهرياً بما يقدر بنحو 3 مليارات، تذهب إلى قادة تلك الحركات الخارجة عن سلطة الدولة”.

وأشار المصدر، في حديثه، إلى أن هذه الميليشيات باتت محاصرة الآن بسلاح القانون، إلا أنها ستضطر إلى اللجوء إلى تأسيس شركات كواجهة لها تعمل بصفة شرعية، هذا في الظاهر؛ لكن عملها الحقيقي بالداخل سيبقى “فرض إتاوات والسيطرة على المنافذ للاستفادة من الواردات الضخمة التي تؤمنها شهرياً دون علم الجهات الحكومية وشرطة الجمارك”.
هذا يعني أن تلك العصابات خرجت من الباب وعادت من الشباك؛ للاستحواذ على المنافذ. وأكد المصدر أن “كتائب حزب الله الآن تسيطر على أغلب المنافذ الحدودية بين العراق والأردن وسوريا”، وبشكل خاص منفذ القائم أقصى غرب العراق، بعد خطف مديره وتعيين مدير تابع لتلك الفصائل، دون أن تحرك الحكومة العراقية ساكناً لإيقافها أو الحد من نفوذها.
خطوة متأخرة
الخبير بالشؤون الأمنية مؤيد سالم الجحيشي، قلَّل من خطوة السيطرة على المنافذ الحدودية، وعلق لـ”كيوبوست” قائلاً: “إن الكاظمي وصف هذه العصابات بالشبح، وهذا وصف غير دقيق؛ لأنه يعرف جيداً الآن مَن يسيطر على المنافذ ويتحكم بها، فهم ليسوا بأشباح، وعملهم الآن أصبح بشكل رسمي؛ لأن “قائد الرد السريع الذي أوكل إليه رئيس الوزراء المهمة، هو قائد ميليشياوي وإحدى أدوات فيلق بدر الذي يتزعمه هادي العامري، المقرب من طهران”.
اقرأ أيضًا: كيف دفعت واشنطن بالعراق بين ذراعَي إيران؟

وأوضح الجحيشي أن الكاظمي الآن يجيد دور الممثل البارع على الدول الغربية والعربية؛ من خلال القيام بهكذا عمليات استعراضية إعلامياً فقط، أما على الأرض فالواقع عكس ذلك تماماً، “لا توجد أية سيطرة على المنافذ، ولا فرض هيبة الدولة”.
ويعتقد الخبير الأمني أنه لو كان الكاظمي قد أرسل قوة بسيطة من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي للسيطرة على المنافذ لكان أفضل، “وشعرنا وقتها أنه فعلاً جاد في القضاء على العصابات باعتبار جهاز مكافحة الإرهاب غير مخترق من قِبل الميليشيات المرتبطة بإيران”، حسب قوله.
ويتفق مع هذا الطرح عبد القادر النايل، الباحث والمحلل السياسي العراقي، بقوله: “إن إيران من خلال ميليشياتها تحكم بالسيطرة على المنافذ الحدودية، فتهريب المخدرات والأسلحة الكاتمة والصواريخ الباليستية إلى الجماعات التي استهدفت الأمن العراقي والعربي”؛ وخطوة حكومة الكاظمي في السيطرة على منافذ ديالى القريبة من بغداد جاءت كخطوة مهمة؛ لكنها لم تكتمل، “فمن المعلوم أن مسؤول قوة الرد السريع يقودها أبو تراب القيادي في ميليشيات بدر، والمقرب من إيران”، مما ينذر بنسف هذه الخطوة؛ لأن الشعب العراقي تابع هجوم ميليشيات “حزب الله” على منفذ القائم واستيلاءها عليه، ولم يتم تحريك قوة لاستعادته، ومن المعلوم أن إيران تستخدم المنفذ للتدخل في الشأن السوري عبر “الميليشيات والأسلحة والمخدرات وأنشطة الحرس الثوري الإرهابية”.
اقرأ أيضًا: تظاهرات العراق.. ساحات حرب على الفساد والتبعية الإيرانية

وتابع النايل: “مَن يريد أن يتخذ خطوات في السيطرة على المنافذ الحدودية لا بد عليه من السيطرة على ميناء أم قصر ومنفذ الشلامجة الاستراتيجيين اللذين تستخدمهما إيران وميليشياتها بشكلٍ واسع في تهريب الصواريخ؛ ومنها الصواريخ التي استهدفت (أرامكو) في السعودية”، لذا يتوجب على الكاظمي إذا أراد العمل على استعادة هيبة الدولة، أن يطالب بمساعدة التحالف الدولي، ويدخل إلى جرف الصخر التي تدار فيها الدولة البديلة، كما استعانوا بهم خلال معارك استعادة الأراضي من (داعش)، ومن هنا يمكن القول إن الخطوات التي اتخذت ضعيفة، ولا ترتقي إلى الجدية في استعادة المنافذ من إيران”.