الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
هل يرفع العراق وإقليم كردستان البطاقة الحمراء في وجه تركيا؟
بغداد تلغي زيارة لوزير الدفاع التركي وتعلن احتجاجها الصريح بعد القصف الأخير.. والإمارات تعلن دعمها العراق في مواجهة الانتهاكات التركية

كيوبوست- أحمد الدليمي
أثارت عملية القصف الجوي التركي الجديد، الذي شنته طائرة تركية مسيرة، قرب بلدة سيدكان شمال شرقي أربيل، وأسفرت عن قتل ضابطين بقوات حرس الحدود، إداناتٍ واسعة عربية وعراقية وأممية.
وزارة الخارجية العراقية، وعبر المتحدث الرسمي باسمها؛ أحمد الصحاف، أدانت القصف ووصفته بـ”الأعمال الاستفزازية والاعتداء السافر لتركيا على الأراضي العراقية”؛ لافتاً إلى أن لدى بلاده دعماً دولياً كبيراً لحقها في الدفاع عن سيادة أراضيها، مشيراً إلى أن الاستمرار في الأعمال العدائية لن يعود بالخير على العلاقات العراقية- التركية.
كما أدانت جامعة الدول العربية القصفَ، وأعربت عن دعمها أي تحرك قد تُقدِم عليه الحكومة العراقية على الساحة الدولية في سبيل وقف الاعتداءات العسكرية التركية المتكررة على الأراضي العراقية، والحفاظ على سيادة العراق وأمنه واستقراره.
اقرأ أيضاً: سوء إدارة أردوغان للأزمة يسبب حالة من الهلع في تركيا
وهو موقف أعربت عنه أيضاً دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث أعلن أنور قرقاش؛ وزير الدولة للشؤون الخارجية، تضامنه مع العراق، عبر تغريدة كتبها على موقع “تويتر”، قائلاً: “نقف مع العراق الشقيق في مواجهة الانتهاكات التركية المستمرة لسيادته. موقفنا ثابت في رفض التدخلات الإقليمية في الشأن العربي؛ فالعلاقات السوية بين الدول يجب أن تقوم على الاحترام الكامل للسيادة، وعدم التدخل في الشأن الداخلي”.

اعتداءات متكررة
الأمين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان؛ الفريق جبار ياور، علَّق لـ”كيوبوست”، قائلاً: “خرق الأجواء العراقية وأيضاً الأراضي الواقعة في إقليم كردستان، مستمر من قِبل الجانب التركي، وليس حديث العهد؛ فمنذ عدة سنوات يتكرر القصف يومياً عن طريق الجو أو عبر قصف المناطق الحدودية، وأحياناً دخول طائرات الجيش التركي الحربية والمسيرة إلى الأراضي العراقية بعمق يتجاوز أكثر من 200 كيلومتر”.

وأضاف ياور أن هناك معارك طاحنة تدور بين الجانب التركي وقوات حزب العمال الكردستاني الموجودة في المثلث الحدودي العراقي- الإيراني- التركي، لافتاً إلى أن “ملف حماية الحدود، وأيضاً الاتفاق حول الحدود وسيادتها، حسب الدستور العراقي والمادة 110، هو يتبع حصرياً للحكومة الاتحادية العراقية”، ومن الناحية القانونية فإن حكومة الإقليم، حسب هذه المادة، لن تتمكن من اتخاذ أي إجراء أو توقيع اتفاقات أمنية أو عسكرية مع أي من دول الجوار؛ لأن حماية الحدود هي مهمة موكلة بالأصل إلى الحكومة المركزية، ولديها قيادة لقوات شرطة الحدود في إقليم كردستان، وهذه القيادة لديها ثلاثة ألوية؛ الأول في دهوك، والثاني في أربيل، والثالث في السليمانية.
اقرأ أيضاً: بعد انتقادات من المعارضة.. أردوغان يستعيد مواطنيه العالقين في العراق
رسالة واضحة
وكانت السلطات العراقية قد ألغت زيارة كانت مقررة أمس الخميس، لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إلى العراق، على خلفية القصف الأخير الذي راح ضحيته ضباط عراقيون، في رسالة هي الأوضح من بغداد على انتهاكات أنقرة المتواصلة، حسب عديد من المراقبين.
اقرأ أيضاً: عثمانية أردوغان الجديدة.. واقع مؤسف وسياسات غير مدروسة
وأوضح المحلل السياسي الكردي؛ كفاح محمود، لـ”كيوبوست”، أن الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، تفاقم منذ منتصف يونيو الماضي، وأدى إلى توغل مجاميع من الكوماندوز التركي إلى عمق 20- 40 كم في أراضي الإقليم من جهة محافظة دهوك؛ بل ووصلت عمليات الطيران التركي إلى مشارف سامراء في محافظة صلاح الدين، ناهيك بالقصف المستمر لمناطق تتبع السليمانية ونينوى، وقد وصل هذا التطور ذروته يوم 11 أغسطس 2020؛ “حيث استهدفت طائرة تركية مسيَّرة فريقاً من قيادات حرس الحدود العراقي، والذي كان يقوم بملء الفراغات على الأرض؛ من أجل حماية السكان، وإبعاد العمليات العسكرية عن المناطق المدنية”.

وأكد محمود أن ما جرى لا يمكن أن يكون خطأً فنياً أو اشتباهاً؛ خصوصاً أن تركيا عضو في الناتو ولديها أجهزة استطلاع واستخبار متطورة، “إنها فعلاً رسالة إلى الحكومة الاتحادية العراقية واضحة في مقصدها”؛ لذلك وفي ظل الظروف التي يعيشها العراق والإقليم نتيجة الأزمات الحادة، فهما أمام خيارين “نقل الموضوع إلى مجلس الأمن أو الضغط الاقتصادي على تركيا؛ خصوصاً أن العراق والإقليم هما شريان تركيا الاقتصادي”.

من جهتها، استغربت النائبة في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني؛ إخلاص الدليمي، صمتَ الحكومة الاتحادية إزاء هذه الاعتداءات المتواصلة من قِبل أنقرة، مطالبةً السلطات الحكومية في بغداد بتحديد موقفها، والابتعاد عن المجاملات السياسية، ووضع حد للتجاوزات التركية، وعليها أن تتخذ قراراً جريئاً “بإبعاد حزب العمال الكردستاني عن الأراضي العراقية؛ وهو الذريعة التي تتحجَّج بها أنقرة لخرق السيادة العراقية”، على حد تعبيرها.