الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

هل يؤثر الاتفاق السعودي الإيراني على علاقات المغرب بطهران والرياض؟

كيوبوست

ألقى إعلان السعودية وإيران عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما حجراً كبيراً في بركة العلاقات بين العديد من البلدان ذات الصلة، خصوصاً تلك الدول التي لديها توترات مع طهران، ومن بينها المغرب، حيث يتطلع مراقبون إلى شكل العلاقات المستقبلية بين المملكة وإيران، خصوصاً بعد الاتفاق الإيراني السعودي الأخير.

ويستبعد خبراء ومحللون مغاربة أن تكون هناك تأثيرات مباشرة للعلاقات الجديدة بين السعودية وإيران على العلاقات بين هذه الأخيرة والمغرب، بالنظر إلى أن “السياسة الإيرانية تجاه المغرب لم تتغير، بل تسير في مسار تصعيدي يكرِّس العداء، ويؤكد الثابت غير المتغيِّر في السياسة الخارجية الإيرانية، وهو التدخل في شؤون الدول الأخرى وزعزعة استقرارها”.

كانت الرياض وطهران قد أعلنتا في 13 مارس الجاري، استئناف العلاقات الدبلوماسية الثنائية وإعادة فتح السفارات خلال شهرين، بعد مباحثاتٍ سياسية بين الطرفين برعاية الصين في العاصمة بكين، وهو الحدث الذي أثار الكثير من ردود الفعل الدولية، أغلبها مواقف مرحبة بهذا المستجد في العلاقات بين البلدين.

اقرأ أيضًا: عودة العلاقات السعودية الإيرانية

وبالمقابل، تظل العلاقات بين الرباط وطهران متوترة إلى أبعد حد. كانت المملكة المغربية قد قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في سنة 2018، بعد أن اتهم “حزب الله” الشيعي، المدعوم من طرف طهران، بدعم جبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء عن سيادة المملكة، من خلال سفارة إيران في الجزائر، الأمر الذي نددت به الرباط معتبرة أنه مسٌّ خطير بأمن البلاد القومي.

عداء إيران للمغرب

أحمد موسى

الدكتور أحمد موسى، أكاديمي وباحث في الدراسات الإيرانية، قال في تعليقه على الموضوع لـ”كيوبوست”، إنه يتعين استحضار المحطات التي مرت بها العلاقات المغربية الإيرانية طوال عهد نظام الجمهورية الإسلامية في إيران منذ 1979 إلى اليوم، وهي الصلات التي لم تكن قط متينة أو في وضعية سليمة ومستقرة، وظلت تتقلب وتتأرجح بين القطيعة والوصال، متأثرة في ذلك بسلوكيات النظام الإيراني وسياسته تجاه قضايا المغرب.

ويرى موسى أنه إلى اليوم لا يوجد مستجد على مستوى السياسة في طهران، يجعله يتفاءل بمستقبل العلاقات المغربية الإيرانية، موضحاً أنه بخصوص ملف العلاقات السعودية الإيرانية، فالبلدان استحضرا مصالحهما الثنائية والإقليمية، ولعبت الصين دوراً بارزاً واستغلت ثقلها في الوصول إلى هذا الاتفاق، وهو اتفاق سوف تُختبر مصداقيته ويُمتحن صموده في قادم الشهور والأحداث.

ويتابع الأكاديمي نفسه: “رغم ما يربط السعودية بالمغرب من روابط أخوية راسخة، وكون المغرب حليفاً استراتيجياً لدول الخليج، فإني لا أعتقد أنَّ هناك صلة مباشرة لعلاقات الرياض بطهران مع علاقات المغرب بإيران، كما أنَّ مواقف المملكة العربية السعودية تجاه قضايا المغرب ثابتة ولن تتغيّر، مهما تغيّرت الظروف، ولن تتوانى المملكة عن الوقوف بجانب المغرب في كل ما يمس البلاد وقضيته الوطنية الأولى (الصحراء)”.

الاتفاق بين السعودية وإيران برعاية الصين

سياسة براغماتية

ولفت موسى إلى أن المغرب قد قطع بشكلٍ نهائي سياسة نسج العلاقات من أجل العلاقات فقط، وأنه منذ عودته إلى شغل مقعده في منظمة الاتحاد الإفريقي بات يؤطر علاقاته الدولية بنظرة براغماتية تستحضر بالدرجة الأولى المصالح العليا للوطن، وعلى رأس ذلك قضية الوحدة الترابية، مشيراً إلى أن “الملك كان واضحاً في إحدى خطبه الأخيرة، وهو يحدد الضوابط والشروط لأي تعاون مع أي دولة في العالم من خلال منظار الصحراء المغربية”.

لا خوف على علاقات الرباط والرياض

أحمد نور الدين

من جهته، يرى الخبير في العلاقات الدولية الدكتور أحمد نور الدين أن الإعلان عن استئناف العلاقات السعودية الإيرانية بوساطة صينية، لن يكون له أي تأثير على طبيعة العلاقات السعودية مع المغرب، كما لن تكون له إسقاطات مباشرة على العلاقات بين الرباط وطهران، وذلك لعدة أسباب: السبب الأول، وفق نور الدين في تعليقٍ له لـ”كيوبوست”، هو أن العلاقات بين الرباط والرياض متجذرة وتاريخية واستراتيجية، فيها تعاون ثقافي واقتصادي، وفيها استثمارات مالية، وفيها شراكة ثنائية في صناعات مدنية ودفاعية، وهناك تعاون أمني وعسكري راسخ، فقد شارك المغرب بجيشه في الدفاع عن السعودية في حروب الخليج منذ 1991 وصولاً إلى حرب اليمن ضد تنظيم الحوثيين الطائفي المدعوم من إيران، ومن جهة أخرى السعودية أكدت في كل المناسبات أنها مع الوحدة الوطنية والترابية للمملكة في نزاع الصحراء، وقد أصدرت الرياض مع مجلس التعاون الخليجي بيانات دعم واضحة وثابته للمغرب في مواجهة الميليشيات الانفصالية، وبالتالي فالعلاقات بين البلدين لا خوف عليها من اتفاقيات ظرفية طارئة مع إيران.

اقرأ أيضًا: أسئلة حول الاتفاق السعودي- الإيراني

صراع عقائدي

وأما السبب الثاني، وفق أحمد نور الدين، فهو أن العلاقات المغربية الإيرانية قُطعت حسب الخارجية المغربية سنة 2018 على خلفية تدخل إيراني عبر ذراعه “حزب الله” لدعم ميليشيات البوليساريو الانفصالية في نزاع الصحراء انطلاقاً من الأراضي الجزائرية، وكان قبل ذلك قد قطع تلك العلاقات حسب الخارجية المغربية سنة 2009 تضامناً مع البحرين، واحتجاجاً على تدخل طهران في الشؤون الداخلية للمغرب في ملف نشر التشيع، وبالتالي في كلا الحالتين قرار قطع العلاقات الدبلوماسية كان قراراً مغربياً خالصاً غير مرتبط بالموقف السعودي حيال طهران.

ويضيف نور الدين سبباً ثالثاً، ما يجري حاليا هو أن التطورات الداخلية والضغوط الخارجية في إيران، قبل وبعد قضية مهسا أميني، وما تواجهه إيران من تضخم وانهيار لعملتها، وعقوبات وحصاراً دولياً، جعلها بحاجة إلى هدنة لاستعادة أنفاسها اقتصادياً وسياسياً في مواجهة المعارضة الداخلية، ومن أجل تقوية موقعها التفاوضي حول الاتفاق النووي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة