شؤون عربية

هل نجح قادة مصر والسودان وإثيوبيا في تجاوز خلاف سد النهضة؟

كيف تحول التوتر إلى توافق بين الأطراف الثلاث؟

كيو بوست –

عقب قمة ثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا في أديس أبابا على هامش انطلاق قمة الاتحاد الإفريقي، الذي تتسلم مصر رئاسته هذا العام، اتفق قادة الدول الثلاث على العمل سويًا للتوصل إلى توافق حول جميع المسائل العالقة بشأن مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، إذ اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على أهمية تشييد السد في مواقيته دون الإضرار بمصالح الآخرين.

اقرأ أيضًا: القصة الكاملة لسد النهضة: هل تسيطر إثيوبيا على نهر النيل؟

وأكد قادة الدول الثلاث، بحسب بيان للرئاسة المصرية، عقب القمة، على الحاجة إلى مشاركتهم لرؤية واحدة إزاء مسألة السد، تقوم على إعلاء مبدأ عدم الإضرار بمصالح الدول الثلاث في إطار المنفعة المشتركة. وأضاف البيان أن قادة القمة توافقوا على عدم الإضرار بمصالح شعوبهم كأساس تنطلق منه المفاوضات، والعمل المشترك لتحقيق التنمية لشعوبهم، موضحًا أن عدم الإضرار سيجري من خلال العمل على التوصل إلى توافق حول جميع المسائل الفنية العالقة، أخذًا في الاعتبار ما يجمع الدول الثلاث من مصير واحد.

ويدل هذا التطور الجديد بشأن ملف سد النهضة على بداية انفراجة بين الدول الثلاث في سلسلة المفاوضات الطويلة التي جاءت بعد توترات بشأن السد؛ كادت أن توصل مصر وإثيوبيا إلى الدخول في حروب عسكرية، إذ ظهرت مشكلة مصر والسودان مع إثيوبيا -بعد فكرة بناء هذا المشروع الضخم- المتمثلة في الفترة المطلوبة لملء خزان السد؛ إذ تتخوف الخرطوم والقاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد الإثيوبي في تدفق حصتيهما السنوية من مياه النيل، بينما يقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعًا له، خصوصًا في مجال توليد الطاقة، ولن يمثل ضررًا على دولتَي مصب النيل (السودان ومصر).

ويعتبر هذا الاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا خطوة مهمة في اتجاه تجاوز خلاف سد النهضة، إذ نجح قادة الدول في توفير مظلة سياسية لدعم المفاوضات الفنية حول السد، والتغلب على أية عراقيل في هذا الصدد، وهكذا ترتكز المفاوضات المقبلة على أساس اتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم، وإعلاء مبدأ عدم الإضرار بمصالح الدول في إطار المنفعة المشتركة، وهو الأمر الذي لفت إليه الرئيس المصري عندما أكد أهمية العمل على ضمان اتباع رؤية متوازنة وتعاونية لملء سد النهضة وتشغيله، بما يحقق مصالح وأهداف كل دولة من الدول الثلاث، ويحُول دون التعدي على حقوق الأخرى.

اقرأ أيضًا: كيف تكون مصائب سد النهضة في إثيوبيا فوائد ثمينة لمصر؟

وتدرك الأطراف الثلاثة أن الاتفاق على قضايا سد النهضة وتفاهماته بتقنين فترة ملء الخزان، وجعلها لا تقل عن خمس عشرة سنة، وبإشراف خبراء من البلدين، إلى جانب التوقف عن عملية الملء في حال تراجع المنسوب إلى أقل من المتوسط العام، يمكن أن يشكل نقلة نوعية في تعزيز مجالات التعاون بينها، لا سيما في مجال إدارة المياه وتنمية الموارد المائية، الأمر الذي قد يخدم التنمية الاقتصادية في دول حوض النيل الشرقي ويعزز نهضتها التنموية، خصوصًا مع وصول آبي أحمد -برؤاه الإصلاحية- إلى السلطة في إثيوبيا.

وشكلت تلك الرؤى الإصلاحية نقطة تحول جوهرية في علاقاته بجيرانه، فقد نجح في نزع فتيل أزمة سد النهضة، وتجسير علاقاته مع مصر بشكلٍ ملحوظ، إذ جاء آبي أحمد بأجندة سياسية خارجية مفادها أن التطور الاقتصادي السياسي لن يجري سوى بتصفير المشاكل مع دول الجوار وتحقيق تكامل اقتصادي معها، وهي السياسة المختلفة عن إستراتيجيات أسلافه الذين كانوا يرتكزون إلى سياسات افتعال الصراعات مع دول الجوار وتأجيج ما هو قائم منها من أجل تعزيز اللحمة الداخلية.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة