الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
هل نجحت قمة وارسو في تشكيل تحالف دولي لردع السلوك الإيراني؟
إجماع دولي على مواجهة خطر طهران في الشرق الأوسط

كيو بوست – أحمد أمين نمر
بعد اختتام أعمال مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط، الذي انعقد في العاصمة البولندية وارسو، بحضور ممثلي نحو 60 دولة، تباينت الآراء حول مدى نجاح القمة في تحقيق هدفها الرئيس المتمثل في الاتفاق على نهج للتصدي للسلوك الإيراني العدواني في المنطقة، رغم إجماع المشاركين على أن طهران تشكل أخطر تهديد في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضًا: قمة وارسو حول الشرق الأوسط تربك إيران وحلفاءها
وأظهر المؤتمر التوافق العربي – الأمريكي حول أهمية ردع السلوك الإيراني في المنطقة، ووقف تزويد طهران توابعها في اليمن ولبنان بالسلاح والصواريخ، الأمر الذي ظهر عبر تصريحات المسؤولين خلال القمة؛ إذ قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن العدوان الإيراني في المنطقة خطر حقيقي، “ونريد أن يتوحد العالم من أجل إدانة الأنشطة الإيرانية. ليس هناك أي دولة دافعت عن إيران في مؤتمر وارسو، وثمة إجماع على دور طهران المزعزع”.
ووصف بومبيو الاجتماع بالتاريخي في مواجهة الخطر الإيراني، مؤكدًا أن العالم لا يستطيع تحقيق السلام والأمن في المنطقة بدون مواجهة طهران. فيما اعتبر وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير أن مؤتمر وارسو خطوة مهمة في تصدي العالم لسياسات إيران العدوانية، مؤكدًا في لقاء مع “سكاي نيوز عربية” أن سياسات إيران العدوانية هي ما أدت إلى ما تعيشه الآن من عزلة، آملًا أن تعدل طهران سياستها وتكف عن دعمها للإرهاب.
في المقابل، كشف المؤتمر مدى الصدع في العلاقات الأمريكية مع أوروبا، رغم مشاركة كل الدول الأوروبية؛ فعدم اتفاق الطرفين على آلية يمكن الارتكاز عليها كخريطة طريق في ردع التهديد الإيراني، كان محور الخلاف بين كبار أوروبا والإدارة الأمريكية؛ إذ لم تلقَ دعوة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس الأوروبيين إلى الانسحاب من الاتفاق النووي ترحيبًا أو موافقة.
وأكدت مفوضة الشؤون الخارجية وسياسة الأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، في بيان صحفي صدر يوم الجمعة على الموقع الإلكتروني للمفوضية، على مواصلة العمل بالخطة المشتركة حول البرنامج النووي الإيراني، مشددة على أهمية التزام جميع الأطراف بالعمل بآلية المدفوعات الخاصة بطهران “إنستيكس”. فيما دافع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في كلمته أمام مؤتمر ميونيخ الأمني عن الاتفاق النووي، قائلًا: “إننا إلى جانب البريطانيين والفرنسيين وكل الاتحاد الأوروبي قد توصلنا إلى آليات لدعم بقاء إيران في الاتفاق النووي”، معتبرًا أن المنطقة من دون الاتفاق النووي لن تكون أكثر أمنًا، بل تقترب خطوة أكثر نحو صراع واضح.
اقرأ أيضًا: 5 مؤشرات تدل على حرب عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران قريبًا
ويبدو أن مؤتمر وارسو لم يكتب له النجاح الكامل، ولا حتى الفشل الذريع، لكنه يمكن أن يكون بداية الطريق لتحقيق تحالف دولي ضد إيران وميليشياتها الإرهابية، لا سيما مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية في بيانها أنها -بالتعاون مع بولندا- أنشأت مجموعات عمل دولية لدفع الزخم نحو حلول ملموسة للقضايا التي ناقشها المؤتمر، على أن تنعقد هذه المجموعات في بلدان مختلفة، للدفع قدمًا بالمصالح المشتركة للمجتمع الدولي في تعزيز السلام والأمن في المنطقة.
وأشارت الولايات المتحدة إلى أن المشاركين في مؤتمر وارسو ناقشوا كيف يشكل الإرهاب وانتشار الأسلحة وتصعيد النزاعات في الشرق الأوسط تهديدًا للسلام والأمن الإقليميين والدوليين، بسبب الأخطار الناتجة عن انتشار الأسلحة وتطوير برامج الصواريخ البالستية في المنطقة، كما ناقشوا سبل التعامل مع الأزمات الإنسانية ومكافحة الإرهاب المتطرف ومحاربة التهديدات للبنية التحتية السيبرانية والخاصة بالطاقة وتعطيل الشبكات المالية غير القانونية.
في المحصلة، يمكن القول إن إجماع كل المشاركين على أن طهران تشكل أخطر تهديد في الشرق الأوسط، والتقاء الموقف الأمريكي مع مواقف الدول العربية المشاركة التي دعت طهران إلى وقف تزويد الميليشيات في اليمن ولبنان بالسلاح والصواريخ، لا يعنيان نجاح قمة وارسو ما لم يعلن عن آلية متوافق عليها تشمل الاتحاد الأوروبي، يمكن من خلالها تشكيل حلف دولي لردع السلوك الإيراني العدواني، وهنا تكمن مهام فرق العمل التي أعلن منظمو المؤتمر عن تشكيلها؛ إذ ستكون مهمتها الرئيسة إيجاد طريقة لتشكيل مسار يوحد الأهداف والرؤى وآليات تنفيذها بما يتوافق مع توجهات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول العربية، ثم يأتي بعدها التحرك العملي لردع النظام الإيراني.
اقرأ أيضًا: مؤتمر وارسو: هل تنجح واشنطن في اختراق الموقف العربي حيال صفقة القرن؟