الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية

هل من توجه نحو حل حزب الإصلاح في اليمن؟

يبدو أن حزب الإصلاح ذراع الإخوان المسلمين في اليمن لم يستفد من كل الفرص التي مُنحت له وبات حظره بالكامل مسألة وقت

كيوبوست

على الرغم من تصنيف المملكة العربية السعودية حزبَ التجمع اليمني للإصلاح كمنظمة إرهابية في عام 2014؛ فإنها حاولت استقطابه في الصراع الدائر مع الحوثيين، أملاً في أن يؤدي ذلك إلى تحقيق أهداف التحالف العربي في إعادة الشرعية إلى اليمن والقضاء على المتمردين.

ويبدو أن حزب الإصلاح، ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، لم يستفد من كل الفرص التي منحت له، ويمكن رؤية ذلك في الحملة الشرسة التي يواجهها الحزب الآن، والتي تستهدف -على ما يبدو- اجتثاثه من اليمن وتقليص -أو حتى إنهاء- دوره السياسي والعسكري. تهدف الرياض والحكومة الشرعية اليمنية الحالية إلى إعادة الاستقرار إلى اليمن، وإن كان ذلك يمكن تحقيقه من خلال الحظر الكامل لحزب الإصلاح فلا يبدو أن هناك مانعاً من القيام به.

اقرأ أيضاً: إخوان اليمن.. هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟

إن تاريخ حزب التجمع اليمني للإصلاح، منذ إنشائه عام 1990 وحتى اللحظة الراهنة، يعد دراسة حالة ممتازة لخطورة أن يمتلك حزب سياسي معين -في أية دولة- تأثيراً على الجيش، أو أن ينخرط في العنف. يجب ألا تؤدي الأحزاب السياسية المنتخبة -ولا يمكنها ذلك أساساً- دوراً عسكرياً أو أمنياً؛ إذ إن السلطة المسلحة لا يمكن أن تكون امتداداً للسياسة.

حزب الإصلاح والجيش والدولة

ارتبطت جماعة الإخوان المسلمين باليمن منذ الستينيات، كان عبدالمجيد الزنداني أحد اللاعبين الأساسيين في تلك العلاقة؛ إذ عمل على تأسيس ما كان يُعرف بـ”المعاهد العلمية” في الجمهورية العربية اليمنية (شمال اليمن)، وكان أحد أهدافه الأساسية مقاومة الفكر والمد الاشتراكي القادم من جنوب اليمن (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) فكرياً وعسكرياً. كان ذلك هدفاً مشتركاً مع المعسكر الغربي، بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي.

في عام 1990م تم تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح. كان الزنداني وعبدالله بن حسين الأحمر وعلي محسن الأحمر من المؤسسين البارزين للحزب. كان أحد الأهداف هو تقويض قوة الحزب الاشتراكي اليمني الذي وقَّع لتوِّه اتفاقية الوحدة بين الجنوب والشمال. منذ تأسيسه، لعب “الإصلاح” دور الحزب المعارض حيناً، والحليف حيناً آخر للحزب الحاكم؛ حزب المؤتمر الشعبي العام. منذ ذلك الحين، تزايدت قوة الأجنحة السياسية والخيرية والعسكرية للحزب لتحقيق أهدافه الحزبية والفكرية والعسكرية.

عبدالمجيد الزنداني أحد مؤسسي حزب الإصلاح في اليمن- أرشيف

في معظم البلدان حول العالم، يُنظر إلى الجيش على أنه مؤسسة غير حزبية. ومع ذلك، هناك عدد من الاستثناءات الملحوظة في بلدان لعب الجيش فيها دوراً سياسياً، واستُغل حزبياً. اليمن هو أحد هذه الاستثناءات؛ حيث كان لحزبَي المؤتمر والإصلاح -الحزبَين الأكبر في البلاد- تأثير واضح على الجيش، والعكس صحيح؛ وذلك بفضل الموارد الهائلة والقوة البشرية الكبيرة للمؤسسة العسكرية.

وكما تبين عدة حالات لدول أثر فيها الحزب السياسي على الجيش والعكس، بما في ذلك اليمن، فإنه -بشكل عام- يمكن للجيش أن يؤثر بشكل مباشر على الأحزاب السياسية بعدة طرق؛ أولى تلك الطرق الميزانية الكبيرة التي عادةً ما تمتلكها المؤسسة العسكرية، والتي تمكِّن الجيش من دعم أو معارضة أحزاب سياسية معينة. على سبيل المثال، قد يقدِّم الجيش أموالاً إلى حزب يُنظر إليه على أنه صديق للجيش، أو قد يحجب التمويل عن حزب يُنظر إليه على أنه معاد.

اقرأ أيضاً: 120 عاماً من الصراع في اليمن

حظي حزب الإصلاح في اليمن بدعم الجيش؛ لدوره الموالي للحزب الحاكم. كان للإصلاح دور حاسم في حرب صيف 94 ضد الجنوب لصالح الشمال، ودوره في مقاومة الدعوات الرامية إلى استقلال جنوب اليمن.

إن من بين الطرق الأخرى التي يمكن للجيش من خلالها التأثير على الأحزاب السياسية، هي السيطرة على المؤسسات الرئيسية. في العديد من البلدان يسيطر الجيش على مؤسسات مهمة؛ مثل قوات الشرطة أو وكالات المخابرات؛ وهذا يمنح الجيش قدراً كبيراً من السلطة على ما يحدث في البلاد وكيفية نشر المعلومات حول الأحداث.

يمكن للجيش استخدام تلك القوة لدعم أو معارضة أحزاب سياسية معينة. كانت تلك استراتيجية أخرى استفاد منها حزب الإصلاح أيضاً؛ حيث وظَّف الكثير من أعضائه والموالين له في عدة مراكز حساسة في الجيش والمخابرات والأمن خلال العقود الماضية.

“الإصلاح” ضد الحوثي

مقاتلون حوثيون- “جيتي إمجس”

اتهمت الإمارات حزب الإصلاح بالاستيلاء على 75 في المئة من المعدات العسكرية التي قدمها التحالف بقيادة السعودية إلى اليمن. منذ عام 2017، بدأ الحزب يواجه معارضة شعبية ونخبوية وخليجية كبيرة؛ بسبب صلاته بجماعة الإخوان المسلمين، وزيادة تحريضه وعنفه ضد أطراف أخرى في اليمن.

ومع ذلك، بقي الدعم السعودي مستمراً؛ ويرجَّح أن يكون ذلك بسبب رغبة الرياض -وربما جانب من الحكومة الشرعية- في اتباع التدرج في التعامل مع هكذا قضايا شائكة؛ إذ عادةً ما يكون تشجيع الحل السلمي والعمل مع الوسطاء وتعزيز الحوار خطوات أولية مع الأحزاب السياسية المتورطة في العنف، وذلك قبل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة؛ مثل طرد أعضائه أو فرض العقوبات، أو حتى الحظر الكامل.

اقرأ أيضاً: كيف تتورط إيران وأمراء الحرب في إغراق اليمن بالسلاح والجريمة؟

تمخض عن ذلك التعامل إعلان “الإصلاح” عدم ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين العالمية أكثر من مرة؛ لكنه في الواقع، استمر في الاشتباك مع القوى الأخرى في اليمن، في الوقت الذي يفترض بالجميع مجابهة المتمردين الحوثيين؛ تقديماً للمصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية.

هل يوجد خط متاح للعودة؟

يؤكد الكثير من الخبراء أنه من غير المقبول أن يلعب حزب سياسي دوراً عسكرياً. تكمن خطورة لعب حزب ما دوراً عسكرياً في احتمالية تسييس الجيش؛ يمكن أن يكون لهذا عدد من النتائج الضارة، بما في ذلك إضعاف الأمن القومي، والإضرار بالمعنويات داخل القوات المسلحة، وتآكل ثقة الجمهور في الجيش.

جندي من الجيش اليمني- “جيتي إمجس”

عندما يتم تسييس الجيش؛ فإن حياده يختفي، يصبح الجيش مديناً بالفضل إلى الحزب الحاكم أو الحليف، ويمكن أن تكون لذلك تداعيات خطيرة على الأمن القومي. قد يصبح الجيش المسيس أقل احتمالاً للتدخل في حل أزمة، أو قد يتصرف بطريقة لا تصب في مصلحة الدولة. يمكن رؤية ذلك بوضوح عندما وقف جانب من الجيش اليمني إلى جانب الرئيس السابق علي صالح، وإلى جانب المتمردين الحوثيين ضد الحكومة الشرعية.

يمكن رؤية ذلك مرة أخرى عندما وقف ما تبقى من الجيش الموالي لحزب الإصلاح مكتوف الأيدي في المناطق المحررة، دون أن يحرز أي تقدم مهم ضد الحوثيين؛ بل إنه سمح حتى بتسليم بعض المناطق للحوثيين كما حدث في شبوة على سبيل المثال.

اقرأ أيضاً: اشتباكات شبوة.. هل حانت نهاية الإخوان في اليمن؟

يحظر القانون اليمني، بشأن الأحزاب والتنظيمات السياسية، إقامة الحزب -أو التنظيم السياسي- تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو المساعدة في إقامتها، أو استخدام العنف بكل أشكاله أو التهديد به أو التحريض عليه. إن عدم تحقيق الحزب مثل هذه الشروط -وفقاً للقانون اليمني- يجيز للقضاء حلّه وتصفية أمواله.

عناصر من القوات المسلحة وتظهر خلفهم صورة رئيس مجلس القيادة الرئاسي

مؤخراً، برز على السطح المزيد من أعمال الانقسام والعنف داخل القوى السياسية والعسكرية الشرعية والمتحالفة مع الشرعية. كان ذلك -في جزء كبير منه- نتيجة مباشرة لمنح حزب الإصلاح سلطة كبيرة على الجيش. في مثل تلك الحالات، عادة ما تشمل المخاطر استخدام الحزب للجيش؛ لتحقيق مكاسب خاصة به وليس لصالح الشعب، والدفع لأجندته الخاصة والحفاظ على سلطته، بدلاً من العمل من أجل الصالح العام. وذلك بالإضافة إلى زيادة الفساد والمحسوبية اللذين يخلقان جيشاً أقل فعالية وكفاءة، وكذلك أقل جدارة بالثقة.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة