الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
هل من أفق لعقد مصالحة مع الإخوان في مصر؟
لم تقم الجماعة بعقد تقييمات ذاتية!

كيو بوست –
طوال السنوات الماضية، أثير أكثر من مرة موضوع المصالحة بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين، من دون أي نتيجة ملموسة على الأرض.
وسَرّب في وقت سابق مقرّبون من الجماعة بأن لجنة أزهرية قد تتولى ملف المصالحة بدعوة من الرئيس السيسي، ثم ظل الأمر في نطاق الشائعات.
اقرأ أيضًا: في برغماتية الإخوان المسلمين: هكذا تبدل جلدهم أكثر من مرة!
وفي 2014، أعلنت الداخلية المصرية أن أعضاءً من الإخوان في السجون أعلنوا بدء مفاوضات مع النظام، وهو ما تمخض عنه إجراء مراجعات، ثم انشقاق مئة عنصر شاب عن التنظيم.
إلّا أن المحاولات والدعوات للمصالحة لم تأخذ منحىً جديًا، سوى في بعض الهوامش الحوارية على وسائل الإعلام، وآخرها ما صرّح به الإعلامي الشهير، عماد أديب، عن ضرورة إجراء مصالحة مع المتعاطفين مع الإخوان. وقد لاقت دعوة أديب الكثير من الرفض داخل فئات الشعب المصري ونخبه الثقافية، على الرغم من أن دعوته كانت من أجل عقد المصالحة مع مناصري الإخوان فقط، مع رفضه التام لأي صلح مع الجماعة بأي شكل من أشكال.
فمجرّد طرح فكرة عقد مصالحة مع المتعاطفين مع الإخوان، لاقى كل ذلك الرفض -وهو أمر جدير بالتأمل- فماذا لو طرح أحدهم فكرة المصالحة مع الجماعة نفسها؟!
يرى مراقبون بأن الإخوان، وبرغم ما آلت إليه أمورهم في مصر من سوء، إلّا أنهم لم يكونوا جادين منذ 2013 وإلى اليوم بفكرة المصالحة، وقد أرجع مراقبون عدم جديّة الإخوان بالصلح لأسباب عدة، يمكن حصرها في العناوين التالية:
– عدم إجراء الإخوان مراجعات حقيقية
برغم حالات الانشقاق والتفكك التي حصلت داخل الجماعة منذ سقوط محمد مرسي، إلّا أن الإخوان لم يجروا أي مراجعات سياسية لتقييم الصعاب التي مرّوا بها، نتيجة انتهاجهم للعنف وسيلة للوصول إلى كرسي الحكم، متجاهلين كل الخسائر التي عانوها، وتمسكهم -في الوقت ذاته- عبر أذرعهم الإعلامية بالتحريض على العنف كوسيلة أساسية لتحقيق طموحاتهم السياسية.
فالجماعة ما تزال تدعم ماديًا وإعلاميًا خلاياها المسلحة داخل مصر، مثل حركة “حسم” و”لواء الثورة”، وتنفيذهما للعديد من العلميات ضد المدنيين والعسكريين.
اقرأ أيضًا: هكذا استغلت جماعات الإسلام السياسي منابر المساجد
بالإضافة لعدم إجرائهم لمراجعات فكرية، خصوصًا فيما يخص أفكار حسن البنا عن “الخلافة” و”أستاذية العالم”، على غرار المراجعات التي قامت بها “الجماعة الإسلامية” داخل السجون في فترة التسعينيات، مما أدى للإفراج عنهم برغم سنوات محكومياتهم العالية.
– اختطاف الجماعة من قبل قياداتها
خسرت الجماعة الكثير من رصيدها الشعبي والبشري في فترة ما بعد ثورة يونيو/حزيران 2013، وجرى إلقاء القبض على الآلاف من الذين تورطوا في عمليات إخلال بالأمن. ولكن قيادات الجماعة الموجودة في الخارج، التي لم تتأثر على المستوى الشخصي، بل تعيش حياة مرفهة وطبيعية في دول مثل قطر وتركيا، ما تزال ترفع الكثير من الشعارات التي كلّفت الجماعة أثمانًا باهظة، وأنهكت عناصرها المحسوبة على الطبقات الفقيرة في المجتمع. فيما تعيش تلك القيادات حالة من البذخ المعيشي، في حالة انفصال عن الواقع، فأصبحوا نجومًا للفضائيات، ومقيمين دائمين في الفنادق، على حساب معاناة عناصرهم في الداخل، ومعاناة المصريين بشكل عام من الإرهاب.
ولكن تلك القيادات التي تختطف الجماعة، وتخاطر بمصير عناصرها، يقول مراقبون إنها هي الأخرى مختطفة من قبل دول إقليمية، تنفذ أجندتها، من أجل تصفية حسابات تلك الدول مع وطنهم الأم، وهو ما يجعل أمر الجماعة ليس مرهونًا بقرار القيادات فحسب، بل إن مطبخ إعداد القرارات للإخوان بات يعد له من الدوحة وأنقرة.
– رفع شعارات مستحيلة التطبيق
منذ سقوط الإخوان في 2013 وإلى الآن، يرفع الإخوان شعارات يرى مراقبون أنها بعيدة كل البعد عن الواقع، مثل “الشرعية” و”عودة مرسي للحكم”، وهي شعارات تعتبر مستحيلة التطبيق، مع عدم تكافؤ القوة بين الإخوان من جهة، والشعب والدولة المصرية من جهة مقابلة.
اقرأ أيضًا: في ذكراها الـ90: أبرز المحطات الدموية لجماعة الإخوان المسلمين
ويرجح ذلك الاستنزاف المستمر للإخوان في سبيل شعارات “دونكيشوتية”، مع معارضتهم المستمرة لإجراء أي تعديل على أهدافهم، وطرق الوصول إليها.
فالجماعة لا تزال تطرح نفسها كحزب ديني، لا يمثل كل فئات وطوائف الشعب المصري، بما يتنافى مع فكرة “الديمقراطية” التي يستخدمونها كستار، في الوقت الذي تتناقض فيه فكرتا الديمقراطية والمواطنة، مع فكرة تديين الدولة!
كل تلك الأسباب تجعل فكرة المصالحة بعيدة كل البعد عن الإخوان، مع استمرار الجماعة بانتهاج العنف، والتباهي بذلك عبر قنواتهم الإعلامية التي تبث من قطر وتركيا.