الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

هل ستكون الجزائر بوابة إيران لبسط نفوذها في المغرب العربي؟

رغم الاستفزازات الإيرانية، تتمسك الجزائر بعلاقاتها بها

كيو بوست –

على خلفية الإعلان المغربي عن معلومات مدعمة بأدلة دامغة حول علاقة مشبوهة لحزب الله مع جبهة البوليساريو، أقيمت على يد موظفي السفارة الإيرانية في الجزائر، تصاعد الجدل حول الأدوار الإيرانية في الجزائر، وطبيعة العلاقات الدائرة بين البلدين، خصوصًا بعد أن أعلنت المغرب أنها ترى في هذا التصرف اعتداءً مباشرًا على الأمن والاستقرار في المملكة المغربية، في المنطقة ككل.

اقرأ أيضًا: ما وراء إعلان المغرب قطع علاقاتها مع إيران

وتزامنًا مع الإعلان المغربي، تزايدت الشكوك حول طبيعة العلاقة بين إيران والجزائر، خصوصًا أن الأخيرة كانت مسرحًا لعمليات زعزعة أمن منطقة شمال إفريقيا، على يد ولي الفقيه.

ممانعة؟

تعتبر الجزائر نفسها “دولة مستقلة المواقف، تقف إلى جانب محور الممانعة” الذي يشمل روسيا وسوريا وإيران. لذلك، لا ترى الجزائر عيبًا في تبادل الزيارات الرسمية مع قادة إيران ورموز نظامها، الأمر الذي أثمر عن تطابق شبه كامل في مواقف البلدين في معظم القضايا الإقليمية؛ فالبلدان يتشاركان المواقف حول قضايا الحرب السورية، والحرب اليمنية، وقضية تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، والقضية الفلسطينية.

كما لا ترى الجزائر عيبًا في الحديث عن التعاون الثنائي رفيع المستوى، ومدى جودة العلاقات بين البلدين، التي تصل إلى تعاون في معظم المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية، حتى لو كان ذلك يمس بشكل مباشر المحيط العربي والإقليمي، الذي لإيران فيه كثير من الأهداف الخفية.

 

بداية العلاقة

يطغى على الخطاب الإعلامي بين البلدين، حس الشراكة في “الثورة الحقيقية”؛ في إيران على نظام الشاه، وفي الجزائر على الاستعمار الفرنسي. وقد دأب الطرفان على تصوير أن عاملًا مشتركًا كهذا، يمكن أن يكون بوابة لعلاقات واسعة بين البلدين، بعد أن “أدركا اللعبة الدولية جيدًا، وفهما طبيعتها”.

ويبدو أن طبيعة العلاقة الإيرانية “المعلنة” مع الغرب تتوافق مع الآراء والتوجهات العامة للسياسة الخارجية الجزائرية؛ فالأولى التي تنادي –صباح مساء- بـ”الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”، تراها الثانية مكملًا لمشروع ثورتها على المستعمر الغربي، الذي أسقط فيها نحو مليون شهيد.

حدثان بارزان قادا مشروع العلاقة “الطيبة” بين إيران والجزائر منذ فترة سبعينيات القرن الماضي:

  • توسط الجزائر عام 1975، بين إيران والعراق، حين بلغ الخلاف الحدودي بينهما حد اقتراب الحرب، الأمر الذي أثمر عن توقيع اتفاقية الجزائر، التي حاولت منع الحرب، وما تبع ذلك من زيارة الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد أثناء أحداث الحرب الإيرانية العراقية، عام 1982.
  • رعاية وتمثيل الجزائر للمصالح الإيرانية في واشنطن بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة عام 1980، وتوسطها من أجل الإفراج عن الـ50 دبلوماسيًا الأمريكيًا المختطفين في السفارة الأمريكية في طهران عام 1979.

 

مرحلة فتور

مرت العلاقات بين البلدين بمرحلة فتور، بين 1991-1993، عندما اتهمت الحكومة الجزائرية إيران بدعمها السياسي والإعلامي للجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد انتخابات 1991، الأمر الذي انتهى بقطع كامل للعلاقات الدبلوماسية بينهما، واتهام طهران الصريح بالتدخل في الشؤون الداخلية للجزائر.

وكانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ قد فازت في انتخابات 1991، قبل أن يصدر القرار بإلغاء نتائجها. لكن إيران، وفي رفض لذلك، أقدمت على دعم الجبهة، الأمر الذي أدى إلى توتير العلاقات بين الطرفين، وسحب الجزائر سفيرها من طهران عام 1992. وبعد قرار حل الجبهة الإسلامية تصاعد التهجم الإيراني على الجزائر، رغم محاولات الأخيرة إقناع إيران بالعدول عن موقفها.

وكانت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية قد قالت إن طهران وعدت الجبهة بـ5 ملايين دولار، إذا تمكنت من الوصول إلى السلطة، بيد أن منع الإسلاميين من الوصول إلى الحكم أصاب الدبلوماسية الإيرانية في الجزائر في مقتل.

اقرأ أيضًا: لماذا تدعم الجزائر جبهة البوليساريو؟

كما ساهمت التصريحات الإيرانية حول اغتيال الرئيس محمد بو ضياف في تأجيج الأوضاع الدبلوماسية بين الطرفين إلى حد كبير.

كما ظهرت في تلك الفترة أيضًا تقارير عن قيام مسؤولين إيرانيين بإرسال متطرفين جزائريين إلى لبنان لتلقي تدريبات عسكرية في مخيمات حزب الله.

وقد أدت كل هذه المحاولات الإيرانية لزعزعة أمن الجزائر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لفترة من زمن. ولكن هذه الفترة لم تدم طويلًا، إذ عادت الأمور إلى ما كانت عليه خلال فترة قصيرة، قبل أن تتطور لاحقًا لتعود إلى سابق عهدها – قوية ومتينة. ويتوقع مراقبون أن تستمر العلاقة خلال الفترة المقبلة بالنمو، ما سيؤدي إلى تقاطع كبير في السياسة الخارجية للبلدين، خصوصًا فيما يتعلق بالخلافات العربية – العربية.

 

واقع العلاقة اليوم

عام 2000، عادت المياه إلى مجاريها بين البلدين، وتبادل الرؤساء بوتفلقية وخاتمي الزيارات الرسمية عام 2003، وعام 2004. وقد أسهمت هاتان الزيارتان في توسيع التعاون بين البلدين، وفي تكثيف مجالات التعاون، التي وصلت حد توقيع عشرين مذكرة تفاهم بينهما في مجالات الصحة والاقتصادية والتعليم والصناعات والتعاون الفضائي.

وقد أعلن الرئيس الجزائري بوتفليقة أكثر من مرة أن من حق الحكومات امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، الأمر الذي يشير إلى الوقوف الضمني إلى جانب إيران، خصوصًا بعد أن رفضت بلاده المشاركة في العقوبات الدولية على إيران بسبب البرنامج النووي.

وأعلن الملحق الثقافي في سفارة إيران في الجزائر أمير موسوي أن بلاده مستعدة لوضع “كل إمكانياتها العسكرية في خدمة الجزائر، إذا ما تعرضت إلى أي خطر يهدد أمنها واستقرارها”، مضيفًا أن بلاده لن تتخلى عن “حلفائها” مهما حصل.

واعتبر موسوي أن للجزائر مواقف مستقلة، وأنها حافظت على “سيادتها، وفرضت مبادئ عدم التدخل في شؤون الغير”، وأن إيران مرتاحة لمواقف الجزائر “المشرفة من القضايا العربية والإسلامية، والقضايا العادلة بشكل عام”.

وأضاف أن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستكون تحت تصرف الجزائر بكل قواها التقنية والفكرية والإمكانيات العسكرية، في مواجهة أي خطر يداهم أمن هذا البلد الآمن”.

ورغم الاتهامات الكثيرة لإيران بمحاولات نشر التشيع في البلاد عبر سفارتها، إلا أن الجزائر لم تتخذ أي موقف حازم من أجل منع ذلك، فيما تبين مؤخرًا أن السفارة الإيرانية في الجزائر هي مسرح لعلميات تهدد دول المنطقة العربية بالكامل.

اقرأ أيضًا: حرب وشيكة قد تندلع بين دول المغرب العربي بسبب جبهة البوليساريو!

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة