الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
هل رفضت جزائر تبون استقبال الغنوشي؟
رئيس "النهضة" متهم باستفزاز الجزائر بعد أن هددها بالفوضى في حوار أجراه مع الصحيفة الإيطالية "كوريرا دي لاسيرا"

الجزائر- علي ياحي
يظهر أن خط الجزائر- الغنوشي انقطع، بعد همسات تحدثت عن رفض السلطات الرسمية الجزائرية استقبال رئيس حركة النهضة، وهو الذي دأب على الانتقال إلى الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، الذي يخصه باستقبال الرؤساء، مع كل أزمة سياسية تطرق أبواب تونس.
على غير العادة، لم يصل رئيس حركة النهضة إلى الجزائر، في “ظاهرة” غير معهودة تكشف عن تغيُّر في المعطيات والأوضاع في البلدَين؛ ما يوحي بمرحلة جديدة تدخلها العلاقات الثنائية. وفي حين ترقبت أطراف إخوانية تدخل الجزائر لفك شيفرة خطوة الرئيس قيس سعيّد، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه مع تنازلات من “النهضة”؛ خصوصاً بعد الزيارة السريعة والخاطفة التي قام بها وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، ولقائه الرئيس التونسي، جاء عدم ظهور راشد الغنوشي على أرض الجزائر ليربك “النهضة” وأنصارها، ويزيد من صداع الهزات التي تتعرض إليها على جميع المستويات.

وتداولت مصادر إعلامية أن السلطات الجزائرية رفضت طلباً تقدم به رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، للقيام بزيارة إلى الجزائر، بسبب أن هذه الأخيرة لا تريد أن تبدو كدولة تتدخل في الشأن الداخلي التونسي، وأنها تعتدي على الإرادة السياسية التونسية.
وكان المحامي التونسي ياسين عزازة، قد أبرز في تدوينة على صفحته الرسمية “فيسبوك”، أنه صدر قرار بمنع السفر على رئيس البرلمان راشد الغنوشي، ووضعه تحت الإقامة الجبرية.
اقرأ أيضاً: بعد إقالة رئيس الحكومة وتعليق عمل البرلمان.. هل تحمي الجزائر ظهر تونس؟
علاقة مرتبكة
وتأكيداً لما سبق، يقول أحد مؤسسي حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، سعيد مرسي، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، إن الجزائر على اطلاع مسبق بما يحدث في تونس، ولن يجري أمر دونها؛ نظراً لطبيعة العلاقة بين البلدَين، مضيفاً أنه تم الإعلان عن تنسيق سياسي بل وأمني ثلاثي بين مصر وتونس والجزائر، وقال: الظاهر أن السلطات الجزائرية ليست لديها رغبة في لقاء مع راشد الغنوشي أو استقباله، وقد تم التصريح بأن القضية شأن تونسي داخلي.

وأبرز مرسي أنه في الوقت الحالي الرئيس التونسي قيس سعيّد، أقرب إلى قصر الرئاسة الجزائرية “المرادية” من الغنوشي الذي كان يحظى بمكانة لدى الرئيس السابق بوتفليقة، موضحاً أن الغنوشي على صلة قوية مع قيادات من حركة مجتمع السلم، وكذا من حزب جبهة التحرير الوطني؛ بحكم إقامته سابقاً في الجزائر، حيث وفرت له هذه الأطراف، خصوصاً شخصيات من جبهة التحرير، حمايةً من نظام ابن علي، وكذا رعاية معنوية ومادية نسبياً قبل إقامته في بريطانيا، واستمرت هذه العلاقات ممثلة في شخص بوتفليقة الذي فتح له أبواب حُسن العلاقة والجوار؛ لكن المعطيات تغيرت بالنسبة إلى النظامَين عما سبق، وختم بأن الجزائر رفعت يدها عن حركة النهضة منذ مجيء الرئيس قيس سعيّد، الذي امتعض وكان رافضاً هذه العلاقة التي حرص على أن تكون مع قصر قرطاج.
اقرأ أيضاً: الجزائر ترحب ضمنياً بعودة سيف الإسلام للحكم في ليبيا بعد تراجع الإخوان
وتذهب جهات إلى اتهام رئيس “النهضة” باستفزاز الجزائر، بعد أن هددها بالفوضى في حوارٍ أجراه مع الصحيفة الإيطالية “كوريرا دي لاسيرا”؛ حين قال حرفياً إنه ”إذا لم تتم استعادة الديمقراطية في تونس قريباً، سننزلق بسرعة إلى الفوضى، ويمكن للإرهاب أن ينمو، وهو ما قد يؤدي إلى الفوضى أيضاً، في فرنسا وإيطاليا والجزائر وليبيا”، وأضاف أن “زعزعة الاستقرار ستدفع الناس إلى المغادرة بأي شكل من الأشكال”.
سياسة الحياد

وفي حين يبقى الخطأ المرتكب في التصريحات من الأسباب المتداولة لرفض الجزائر زيارة رئيس حركة النهضة، تؤكد عديد من الأطراف أن المرض هو ما منع الغنوشي من التنقل خارج بلاده؛ حيث أبرز أستاذ العلوم السياسية عبدالقادر عبدالعالي، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، أن هناك أنباء تشير إلى تدهور صحة رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، واضطراره إلى دخول المستشفى العسكري مرتَين في نفس الأسبوع؛ مما حال دون زيارته إلى الجزائر، مضيفاً أن الانتقادات التي وجهت إليه بأنه يقوم بزياراتٍ دبلوماسية ضمن عمل موازٍ لرئاسة الجمهورية، قد تكون لها علاقة بما يُقال حول رفض استقباله في الجزائر، كما يمكن إرجاع الأمر إلى منع السلطات التونسية كل تحركاته واتصالاته بعد تجميد عمل البرلمان.
ويتابع عبدالعالي بأنه على المستوى الدبلوماسي، وفي ظل الظروف التي تعيشها تونس، تتجنب الجزائر استقبال الغنوشي؛ تفادياً لأي تعقيدات مع الرئاسة التونسية، وحرصاً منها على البقاء في الحياد، والابتعاد عن الوقوع في محاذير اتهامها بتأييد حركة الإخوان التي أصبحت مكروهة، إضافة إلى ثوابت السياسة الخارجية الجزائرية التي تؤكد حرصها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مشيراً إلى أن الجزائر تبقى على اتصال مباشر ومستقر مع رئاسة الجمهورية التونسية التي تؤكد أن ما يحدث لن يشكل مقدمة لعدم استقرار سياسي يمكن أن يؤثر أو يضيف أعباء أمنية على الجزائر، أو يفتح جبهة جديدة من الاضطرابات على حدودها.
اقرأ أيضاً: استخدام الإخوان للدين في السياسة يغضب الجزائريين.. وتبون يشدد “لا عودة لإسلاموية التسعينيات”
وكانت زيارات زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، المتكررة إلى الجزائر، واستقباله رسمياً من طرف الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، تثير الكثير من الأسئلة بشأن دلالات وأبعاد هذه التنقلات، وسر الاحتفاء الرسمي الجزائري بالرجل؛ خصوصاً أنه لم يكن يتقلد منصباً سياسياً يؤهله لتمثيل بلاده في الخارج، حيث بلغ عدد زياراته ست مرات منذ 2011، ثلاثاً منها جاءت في أقل من ستة أشهر.