شؤون دولية
هل تهب رياح التغيير على النظام الإيراني قريبًا؟
الإعلام الدولي أحد عقبات تحرير إيران من الدكتاتورية الدينية

كيوبوست
تشهد منطقة الشرق الأوسط العديد من التغيرات الهائلة المستمرة منذ السنوات القليلة الماضية، فيما السؤال المتكرر منذ فترة يدور حول إمكانية هبوب رياح التغيير على النظام الإيراني في المستقبل القريب؛ فإيران تعاني من أزمات داخلية وأوضاع متردية تشبه إلى حد بعيد تلك التي فجرت احتجاجات كبيرة في دول عديدة بالمنطقة.
كان هذا الموضوع محل نقاش معمق في جلسة لنادي الصحافة الوطني الأمريكي مؤخرًا، بمشاركة عدد من أبرز الساسة والخبراء والمختصين في شؤون الشرق الأوسط، والشأن الإيراني على نحو خاص. وكان على رأس المشاركين السيناتور الأمريكي السابق جوزيف ليبرمان، والجنرال المتقاعد تشارلز ف. وول، وآخرون.
الصراع في الشرق الأوسط ليس سنيًا شيعيًا
يعتبر الأستاذ المشارك في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة بالتيمور، ماريلاند البروفيسور إيفان شيهان، أن الوقت الراهن يمثل فترة مفصلية حاسمة، قد تقود إلى ربيع فارسي، لكنها أيضًا تنطوي على الكثير من المخاطر، خصوصًا بعد وضع الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة لمزيد من العمل والجهود للتصدي للنظام الإيراني، ومنعه من الانخراط في المزيد من أنشطته الإرهابية.
أما جوزيف ليبرمان، الذي خدم في مجلس الشيوخ الأمريكي في الفترة ما بين 1989-2013، وكان المرشح لمنصب نائب الرئيس الأمريكي في انتخابات عام 2000، فلا يرى الصراع في الشرق الأوسط، أنه صراع سني شيعي، بل هو مواجهة بين قوى إرهابية دكتاتورية راديكالية متطرفة، والقوى التي تسعى إلى التحديث والتطوير وإرساء حقوق الإنسان. وأضاف: “في جميع أنحاء الشرق الأوسط الآن، نرى انتقادًا وغضبًا تجاه الدعم الإيراني للإرهاب، واستنكارًا لمحاولات إيران إخضاع الديمقراطية الجديدة في العراق لنفوذ طهران”.
اقرأ أيضًا: أزمة سياسية داخلية وشتائم متبادلة تعصف بالنظام الإيراني
وأشار إلى أن النظام الحاكم في طهران لديه رغبة واضحة في بسط نفوذه وهيمنته على المنطقة، وتصدير نسخته المتطرفة من الإسلام إلى دول أخرى، وفرض نظام حكومته الدكتاتوري على أكبر عدد ممكن من دول الجوار، مؤكدًا أن طهران هي المسؤولة عن معظم الاضطرابات والقلاقل التي تشهدها المنطقة، وأن الخارجية الأمريكية أشارت مرارًا وتكرارًا إلى أن جمهورية إيران الإسلامية هي الراعي الأول والأكبر للإرهاب داخل الشرق الأوسط وخارجه.
وأشار ليبرمان إلى أن إيران شاركت بعشرات الآلاف من الجنود -سواء بقواتها الخاصة أو ميليشيات حزب الله– في تأجيج الأوضاع الكارثية في سوريا، وأن التدخل الإيراني يعد أكبر أسباب عدم الاستقرار في سوريا، وفي غيرها من دول المنطقة كاليمن ولبنان.
الإعلام الدولي أحد عقبات تحرير إيران من الدكتاتورية الدينية
يرى ليبرمان أن وسائل الإعلام الدولية لا تركز على التظاهرات التي تقوم بها الجماهير الإيرانية ضد استشراء الفساد، أسوة بتغطيتها للتظاهرات التي حصلت في بعض دول الربيع العربي.
إذ يهيمن آيات الله والحرس الثوري على الاقتصاد، ويستولون –بجشع- على ثروات الشعب الإيراني، تاركين الكثير من ذوي الاستحقاقات نهبًا للفقر وانعدام الفرص. ولذا، فمن الطبيعي أن يخرج الناس إلى الشوارع، ولابد أن هذا يثير فزع آيات الله وقادة الحرس الثوري في إيران.
ثغرات في الاتفاقية النووية تجعلها غير فاعلة
من جانبه، أشار تشارلز. ف. وول، الجنرال المتقاعد والخبير في شؤون مكافحة الإرهاب وسياسات الطاقة بأن هناك العديد من أوجه القصور في الاتفاقية النووية مع إيران؛ منها أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تستطيع الوصول إلى مواقع عسكرية يعتقد أن إيران تقوم فيها بارتكاب مخالفات واضحة.
وأضاف: سيتعين علينا نحن وحلفائنا مكافحة الإرهاب لأزمنة طويلة قادمة. فالإرهاب لن ينحسر بمجرد اختفاء داعش، بل سيظل يتهددنا لفترات طويلة، ما لم تتضافر جهودنا كلها للتصدي لهذا الخطر، مؤكدًا أن هناك أطرافًا شريرة لا تتورع عن إحداث الضرر وإلحاق الأذى بالآخرين.
سبل مواجهة الإرهاب الإيراني
وأشار “وول” أيضًا إلى أن أحد السبل المقترحة لمواجهة تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة يتمثل في تعاون مشترك بين الولايات المتحدة وعدد من دول المنطقة، مثل: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن من خلال إنشاء منصات دفاعية مضادة للصورايخ.
وقال إنه في حال استدعى الأمر مطالبة إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، فيجب على الولايات المتحدة الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق أفضل يشمل الحصول على حق التفتيش في أي وقت وأي مكان داخل إيران، كما ينبغي أن يشمل الاتفاق الصواريخ الباليستية، وحظر الأبحاث والتجارب المتعلقة بتطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وإغلاق المنشآت التي تقيمها إيران تحت الأرض.
خيار آخر للضغط على إيران يقترحه البروفيسور ريموند تانتر، صاحب العديد من المؤلفات حول الشأن الإيراني، يرى أنه من المهم الأخذ في الاعتبار العلاقة بين كوريا الشمالية وإيران، وأنه من الممكن الضغط على إحدى الدولتين من خلال الضغط على الأخرى. مشيرًا إلى أن كلًا من بيونج يانج وطهران يقومان بالتعاون في تجارب الأسلحة النووية والصواريخ البالستية، فأحد الطرفين متقدم في مجال تخصيب اليورانيوم، والآخر في مجال تخصيب البلوتونيوم، وهناك صلات قوية بينهما في هذا الإطار.
اقرأ أيضًا: سياسة الولايات المتحدة تجاه القوى النووية: صلابة ضد كوريا الشمالية، ومرونة ضد إيران
وردًا على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن النظام الإيراني في طريقه إلى الانهيار في المستقبل القريب، قال: “هذا ممكن الحدوث إذا تحققت شروط عدة؛ أولها أن تصبح المعارضة الإيرانية أقوى مما هي عليه الآن. والثاني، أن يتم أخذ المعارضة مأخذ الجد من جانب الدول الغربية. وثالثًا، أن تقوم الدول الغربية بتقديم الدعم للمعارضة الإيرانية في شتى صوره؛ لاسيما من ناحية إعطائها الصبغة الشرعية وإمدادها بالدعم العسكري.
وفي هذا السياق، أشار تيلر إلى أن أخذ المعارضة الإيرانية مأخذ الجد قد يتم من خلال دعوة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية إلى واشنطن، إذ تتواجد رجوي وسائر قيادات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حاليًا في المنفى، وتقيم في فرنسا وألبانيا.
كما أشار إلى أهمية أن تقوم وسائل الإعلام بمتابعة أنشطة وفعاليات المعارضة الإيرانية؛ إذ أن وسائل الإعلام في الوقت الراهن لا تولي اهتمامًا ملموسًا بهذا الأمر، مشيرًا إلى أن اهتمام وسائل الإعلام بما تقوم به المعارضة الإيرانية سيكون له أثر كبير في دعم تلك المعارضة وإعطائها الصبغة الشرعية.
اقرأ أيضًا: خمسة صراعات ستندلع عام 2018