الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

هل تنعش الانتفاضة الإيرانية القضية الأحوازية من جديد؟

الكعبي لـ"كيوبوست": "نطمح لإقامة دولة الأحواز لتكون المفصل والفاصل الأخير بيننا وبين بلاد فارس"

كيوبوست

بعد موجة الغضب الجماهيرية العارمة التي اجتاحت أنحاء واسعة في إيران بعد قرار السلطات الإيرانية رفع أسعار البنزين، تنعقد الآمال لإنعاش القضية الأحوازية من جديد، بعد ركود دام عدة سنوات؛ خصوصًا بسبب تشتت المعارضة الأحوازية في الخارج وعدم توحدها في إطار سياسي موحَّد يمثلها على المستويين العربي والدولي، حيث الانقسام الواضح والتشرذم وعدم التوافق على شخصية سياسية واحدة.

الشارع الأحوازي انتفض فعليًّا ضد نظام الملالي، وخرج مئات الآلاف من أهالي الأحواز ضد النظام، وتزامنت التظاهرات أيضًا مع اغتيال النظام للشاعر الأحوازي حسن نصار الحيدري، وهذا بحد ذاته يشكل رافعة وداعمة حقيقية للمعارضة الأحوازية في الخارج؛ لإعادة طرح القضية الأحوازية عربيًّا وإقليميًّا ودوليًّا بعد أن كانت مطروحة بشكل فاعل في السنوات السابقة؛ خصوصًا في فترة بداية التدخلات الإيرانية في سوريا واليمن بعد موجة الربيع العربي.

اقرأ أيضًا: عرب “الأحواز” يعانون اضطهاد النظام “الفارسي” وإهماله

عدة أسباب وعوامل للتشرذم الأحوازي

الاختلاف وعدم المركزية في القرار السياسي الأحوازي في الماضي لديه أسباب عديدة، ويتمثل السبب الأبرز في اختلاف الفصائل الأحوازية التي تختلف في الأيديولوجيات؛ فهناك فصائل يسارية وفصائل ناصرية وفصائل بعثية وأخرى ذات طابع “إخواني”، بالإضافة إلى فصائل ذات طابع عقائدي، في ظل غياب واضح للفصائل التي تطمح للوطن وتأخذ الطابع الوطني.

وفي هذا السياق، يؤكد رئيس اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز د.عارف الكعبي، في حديث خاص إلى “كيوبوست”، أن حقيقة هذه الحالة التي كانت تعانيها الساحة الأحوازية ليست بسبب الأحوازيين؛ بل ترجع إلى الاصطفافات التي تتبعها الدول العربية مع مختلف الأطراف الأحوازية.. فمثلًا وقف البعثيون مع التيار البعثي في الأحواز، والناصريون مع الناصريين الأحواز، وجماعة الإخوان مع الإخوان في الداخل الأحوازي، بالإضافة إلى السلفيين مع السلفيين الأحواز.

دكتور عارف الكعبي

ويشير الكعبي إلى أنه في عام 2014 استطعنا تحديد بوصلة النضال الأحوازي وتحديد الهدف الرئيسي من النضال الأحوازي ضد الوجود الإيراني داخل الأراضي الأحوازية، وتمت مطالبة عديد من الدول العربية منذ 2014م وحتى هذه اللحظة، بالوقوف مع مشروع إعادة دولة الأحواز، لافتًا إلى أن هذا هو الإطار الذي يمكن عن طريقه توحيد الدعم العربي تجاه القضية الأحوازية، وإعطاء رؤية واضحة للمجتمع الدولي؛ للوقوف مع القضية الأحوازية.

ويكشف رئيس اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز عن أنه بعد عام 2014 تبلور هناك أفق واضح وكبير للعرب، وأيضًا للمجتمع الغربي وبالتحديد البرلمان الأوروبي، في أن الأحوازيين بات نضالهم واضحًا ولم يعد يرتبط في تيار عقائدي ولا في تيار قومي؛ بل مطالباتهم هي مطالب شرعية مبنية على إعادة الشرعية لدولتهم التي احتلت عام 1925م بتواطؤ بريطاني على يد شاه إيران.

ويبدو أن إطلاق مشروع إعادة الشرعية لدولة الأحواز سيعمل على تحديد بوصلة النضال الأحوازي التي كانت مفقودة لعقود.. هنا يتساءل الكعبي خلال حديثه إلى “كيوبوست”، قائلًا: “هل القرار السياسي توحَّد بعد مجيء مشروع إعادة الشرعية لدولة الأحواز؟ لا، حتى أكون واضحًا لم يتوحد بعد بالشكل المطلوب، فما زال هناك كل تيار لديه اجتهاداته السياسية الخاصة”.

صورة لإقليم الأحواز العربي

ويضيف الكعبي: “لكن استطعنا أن نوحد الخطاب السياسي للأمة العربية- الإسلامية من جهة، وللمجتمع الدولي من جهة أخرى، وهو المطلوب، والذي يتمثل في إعادة الشرعية إلى دولة الأحواز التي احتلت عام 1925م، فهناك نية للمجتمع الدولي والعربي في تقديم الدعمَين السياسي والقانوني للأحوازيين؛ لإعادة الشرعية إلى دولتهم ومطالبة إيران بالالتزام بالقانون الدولي الذي اخترقته عام 1925م، ودخلت بموجبه أراضي الأحواز واحتلتها عنوةً”.

التغيير مرهون بالدعم الدولي والإرادة العربية

وفي ما يتعلق بالآفاق التي تبلورت بعد الانتفاضة الأخيرة في الأحواز ومن ثَمَّ العمق الفارسي في إيران، كان الغربيون في السابق، بالإضافة إلى عدد من الدول العربية، يعوِّلون كثيرًا على منظمة “مجاهدي خلق” على أنها هي المعارضة الحقيقية القوية التي من الممكن أن تزعزع أركان النظام الإيراني ونظام الملالي.. ويعقِّب الكعبي على ذلك، منوهًا بأن التواصل كان مع المنظمة أكثر بكثير من التواصل مع المعارضة الأحوازية العربية.

لكن الأمور تغيرت بعد استشهاد الشاعر الوطني حسن الحيدري، واندلاع الانتفاضة المباركة الأحوازية، والتي أربكت الشارع السياسي الإقليمي والدولي في نظرته إلى القوى الفاعلة على الأرض في الأحواز، وبالتالي فإن شرارة الثورة الأحوازية وصلت إلى العمق الفارسي بعد القرار الذي اتخذ من قِبَل الحكومة الإيرانية حول زيادة أسعار البنزين، فامتدت الانتفاضة إلى العمق الفارسي، وبعد ذلك المنطقة الكردية والمنطقة البلوشية.

الشاعر الوطني حسن الحيدري

ومن هنا برهن الشعب الأحوازي، حسب رؤية الكعبي، للجميع، أنه باستطاعته أن يغير المعادلة على الأرض في الأحواز وفي جغرافيا ما تسمى بإيران، مؤكدًا أن الثورة غيَّرت المعادلة السياسية للجميع؛ لأن القادة السياسيين الأحوازيين عملوا على التواصل بين الغربيين وبعض الدول الفاعلة العربية في المنطقة، والذين تغيرت نظرتهم بعد الأحداث تجاه قوة الشارع الأحوازي والدور الكبير الذي يمكن أن يحدث لأجل تغيير حقيقي داخل إيران وكبح جماح نظامها في المنطقة.

وتابع رئيس اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز، في تعقيبه حول الانتفاضة في إيران: “نحن نستغل كل شاردة وواردة؛ من أجل تحقيق مطالب شعبنا، وللوصول إلى طموح شعبنا، وإعادة الحقوق المسلوبة لشعبنا؛ وهي قيام دولة الأحواز العربية الإسلامية التي نطمح لها وستكون هي المفصل والفاصل الأخير بيننا وبين بلاد فارس وبشكل نهائي، وأي شيء يخدم قضيتنا لن نتردد وسنتحرك وبسرعة، وخير دليل على ذلك الآونة الأخيرة”.

اقرأ أيضًا: لماذا ينتفض إقليم الأحواز ضد النظام الإيراني؟

واستطرد الكعبي: “نحن على المستوى الدبلوماسي تواصلنا مع المجتمع الدولي وأشقائنا العرب، والتواصل مستمر وبقوة، والانتفاضة الأخيرة بالأحواز بشكل خاص وفي جغرافيا ما تُسمى بإيران بشكل عام سوف تحقق ثمارها.. لكن هل هذه الثورة ستؤدي إلى سقوط النظام؟ لا أعتقد ذلك؛ لأن مفاصل النظام، لا سيما على المستويين الأمني والعسكري، قوية وما زالت قوية جدًّا، والنظام له أذرعه في المنطقة ما زال لم يحركها، والمتمثلة في (حزب الله) بلبنان، وجماعة الحوثيين في اليمن، والميليشيات العراقية، بالإضافة إلى الميليشيات على الأراضي السورية، وطبيعة العلاقات والدعم المقدم إلى بعض الفصائل الفلسطينية”.

ويرى رئيس اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز أن أذرع النظام الإيراني لا تزال قوية وفعالة جدًّا؛ وعلى رأسها فيلق القدس، الجناح العسكري له خارج الحدود الإيرانية والتابع للحرس الثوري، وبالتالي يستبعد أن يسقط هذا النظام بالمظاهرات فقط داخل الشارع الإيراني وداخل الأحواز وكردستان وبلوشستان؛ لكن هذه المظاهرات الأخيرة، حسب رؤية الكعبي، إذا وفِّر لها الدعم الدولي والإرادة الحقيقية لإسقاط نظام الملالي فستكون بداية نهاية هذا النظام؛ خصوصًا أن النظام ما زال متماسكًا وقويًّا ولديه أوراق عديدة في المنطقة باستطاعته اللعب بها وتمكنه من إجبار الأطراف الدولية والإقليمية على أن تبتعد عن تقديم أي دعم للانتفاضة في إيران.

اقرأ أيضًا: مظاهرات الأحواز في إيران تكشف مدى فساد النظام

وبالتالي، فإنه يمكن القول إن الانتفاضة في الداخل الإيراني فتحت صفحة الصراع الحقيقي مع النظام الحاكم في طهران؛ لكن سقوطه مرتبط باستمرارية الانتفاضات الأخرى عند العرقيات الأخرى؛ ومنها الأكراد والفرس، لتساند الثورة الأحوازية، كما أنه مرتبط بالموقف الدولي من مثل هذه الثورات وبمدى جدية الإرادة الإقليمية العربية في دعم الثورة الأحوازية وشعبها والتي تتمثل في إعادة شرعية دولة الأحواز العربية، وكلها أوراق عديدة وكثيرة ومتشابكة تجعل الرؤية والصورة ضبابية حيال أي حدث في الداخل الإيراني.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات