الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
هل تلعب دول الجوار دوراً في ملف “إخراج” القوات الأجنبية من ليبيا؟
على دول الجوار دعم الحكومة الليبية والمساعدة في توفير كل الشروط للذهاب إلى الانتخابات

الجزائر- علي ياحي
رغم الترحيب الذي تلقاه من عديدٍ من الأطراف الإقليمية والدولية، ومن دول كبرى؛ فإن مؤتمر دول جوار ليبيا المنعقد بالجزائر، ترك وراءه استفهامات حول مدى قدرته على لعب دور في ظلِّ سيطرة اللاعبين الكبار على الوضع.
وتمسَّك وزراء خارجية كل من ليبيا ومصر والسودان وتشاد وتونس ومالي، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الإفريقي، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا يان كوبيتش، المشاركين في المؤتمر الذي استمر يومين، بالدور المحوري لدول جوار ليبيا في تعزيز الجهود الرامية لإيجاد حلٍّ دائم للأزمة الليبية؛ حيث أدانوا في البيان الختامي، استمرار توريد الأسلحة والمرتزقة، والمحاولات المتعمدة لبثِّ الفرقة بين الليبيين، وشددوا على ضرورة التشاور في ملتقى الحوار السياسي بين اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ودول الجوار بشأن سحب القوات الأجنبية والمرتزقة، مجددين التزامهم بمخرجات مؤتمري برلين 1 و2.
اقرأ أيضاً: الجزائر ترحب ضمنياً بعودة سيف الإسلام للحكم في ليبيا بعد تراجع الإخوان
ودعا الوزراء إلى تفعيل الاتفاقية الرباعية بين ليبيا ودول الجوار لتأمين الحدود المشتركة، واتفقوا على تنسيق جهودهم إزاء الأطراف الليبية كافة؛ لوضع حد للأزمة وفقاً للمسار الأممي، موضحين أهمية تعزيز تدابير بناء الثقة من أجل تهيئة المناخ لإنجاح الانتخابات، وتنفيذ أولويات خارطة الطريق من حيث إجراء هذه الانتخابات في موعدها، على أن تقوم المؤسسات الليبية المختصة بتمهيد الأرضية القانونية والدستورية لذلك.
خروج المرتزقة
وكشف البيان الختامي عن تخوف دول الجوار من فشل المساعي الدولية الإقليمية الرامية لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، وذلك من خلال الإشارة إلى ضرورة خروج المرتزقة والقوات الأجنبية، بما يسمح بتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها؛ وهو ما ذكره وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة، خلال ندوة صحفية مشتركة مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، عقب اختتام المؤتمر، إذ دعا الجهات التي قامت بنقل المرتزقة والقوات الأجنبية إلى ليبيا، إلى إعادة هؤلاء إلى الأماكن التي قدموا منها، وأضاف أنه “ليس واضحاً أين ستذهب القوات الموجودة في ليبيا، ومَن أحضرهم يجب أن ينقلهم ويعيدهم إلى المناطق التي جاءوا منها؛ حتى لا تكون دول الجوار ضحية لخروجهم غير المنظم وغير المدروس وغير المراقب”، كما أبرزت الوزيرة الليبية نجلاء المنقوش، وجود مساعٍ لإجراء الانتخابات في وقتها.
في السياق ذاته، يرى الناشط السياسي والحقوقي الليبي، خالد بوزنين، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، أن دول جوار ليبيا تجاوزها الوضع بعد أن أصبحت اللعبة بأيدي دول عظمى، وقال إن “السبيل الوحيد وباب النجاة لما تبقى لنا من أمل، هو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها”، مشدداً على أن هذا ما يجب دعمه لإنجاح العملية السياسية في ليبيا، على الرغم من أن ذلك يعتمد على الليبيين أنفسهم، من خلال الحد من التدخلات الأجنبية؛ لا سيما أمام ضعف المؤسسات، سواء البرلمان أو مجلس الدولة أو المجلس الرئاسي أو الحكومة، وختم بأن “دول الجوار لا أظن أن دورها كبير رغم أهميته، على اعتبار أن كل هذه الدول لديها ما يكفي من مشكلات داخلية”.
اقرأ أيضاً: الجزائر.. خلفيات تصنيف حركتي “رشاد” و”الماك” على قائمة الإرهاب
وما يبرز التخوفات من فشل الوصول إلى انتخابات 24 ديسمبر المقبل، هو تصريح وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، بأن تأخر البرلمان الليبي في التصديق على الإطار التشريعي قد يعرقل إجراء الانتخابات، وأشارت إلى أنه “نسعى جميعاً لأن تكون الانتخابات في ديسمبر، ونحن كحكومة وحدة وطنية قُمنا بكل ما يلزم للدفع بعجلة الانتخابات من حيث التمويل، ومد يد العون اللوجستي والمادي لمفوضية الانتخابات”.

نفس الانشغال حرَّك المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، الذي دعا إلى الإسراع في تحضير الإطار القانوني للانتخابات، وأوضح أن “الحكومة الليبية اتخذت الإجراءات اللازمة لتنظيم الانتخابات، والنواب حالياً بصدد الانتهاء من قانون الانتخابات، ولا يزال لدينا القليل من الوقت، لقد دعوتهم إلى تحمُّل مسؤولياتهم وعدم إضاعة الوقت”.
في السياق ذاته، عبَّر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مأمون عوير، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، عن أمله في تحقيق مؤتمر دول جوار ليبيا أهدافه؛ خصوصاً أن الجزائر وكل البلدان والهيئات الدولية تدعو إلى ضرورة استغلال حالة الاستقرار التي تمر بها ليبيا في الأشهر الأخيرة لتنظيم انتخاباتٍ تخرج ليبيا من أزمتها بشكل كلي، وقال إنه لتحقيق ذلك يجب استمرار دعم دول الجوار، وبالأخص الجزائر، للحكومة الليبية الحالية، والمساعدة في توفير كل الشروط للذهاب للانتخابات، ورفض أي تدخل أجنبي في ليبيا.

وأوضح عوير أنه في الفترة الحالية تشهد ليبيا حالة نسبية من الاستقرار والأمن، وجب استغلالها من أجل إيجاد حلول سياسية للأزمة، وذلك عن طريق جمع كل الفرقاء الليبيين إلى طاولة الحوار، بهدف الوصول إلى انتخابات ديمقراطية يختار فيها الشعب الليبي مَن يحكمه.
اقرأ أيضاً: أطماع نظام أردوغان تستفز الجزائر.. وأزمة “صامتة” بين البلدين!
من جانبه، شدد نائب رئيس القوة الفاعلة في ليبيا، عبدالحميد القطروني، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، أن طرد المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا ممكن بمساعدة دول الجوار؛ وعلى رأسها الجزائر ومصر، لما لهما من ثقل دولي ودبلوماسي، موضحاً أن اجتماع الجزائر مهم جداً؛ ولكن على دول الجوار تحديد جدول زمني لبداية خروج القوات الأجنبية، خصوصاً الأتراك والروس الذين يرفضون المغادرة، وأضاف أنه “ندعو القيادتين السياسيتين في الجزائر ومصر إلى تبني القرارات التي تصدر عن لجنة 5+5 العسكرية، التي تسعى لتوحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا”.