الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة

هل تكفي ترجمة الكلاسيكيات بين الأدبَين العربي والروسي؟

كيوبوست – ترجمات

تتشارك فنون الأدب العربية والروسية بعضها مع بعض في سمات عديدة، كما لا يخلو أحدهما من التأثر العميق بالآخر. وعلى ما يبدو أن هذا الأمر يجد اتفاقًا واسعًا؛ ما يدفع الخبراء إلى طلب المزيد من الاهتمام لتتبع ما إذا كانت الأمور ما زالت تسير على هذا النحو، وهذه النقطة بالذات هي التي مثلت المحور الرئيسي في افتتاح الحوار الثقافي العربي- الروسي الذي انطلق مؤخرًا في العاصمة الروسية موسكو؛ حيث تم تنظيم تلك الفعالية الغنية تحت رعاية جائزة الشيخ زايد للكتاب، كما شهدت الندوة الافتتاحية حضور بعض أهم العلماء المتخصصين في اللغة العربية والحضارات العربية بالأكاديمية الروسية للعلوم.

ومن جانبه، أشار فاسيلي كوزنيتسوف، مدير مركز الدراسات العربية والإسلامية بالأكاديمية، إلى أن الروابط التي تجمع الأدبَين العربي والروسي ما زالت وثيقة، لكنه أكد ضرورة العمل بجد لترجمة المزيد من الأعمال الأدبية المكتوبة بكلتا اللغتَين، مضيفًا: “تتجلى هذه الضرورة في ما يخص الأدب المعاصر، فعلى الرغم من حبي الشديد لأعمال تولستوي وتشيخوف؛ فإنني أدرك أن هناك كثيرًا مما ينبغي التحدث عنه في الأدب المعاصر، ويجري الأمر نفسه على الأدب العربي، حيث لا يمكننا أن نتعامل مع الأدب باعتباره متحفًا يضم قطعًا أثرية”.

اقرأ أيضًا: هل يمكن فهم ظاهرة الانتحار من خلال الأعمال الأدبية؟

وكان د.علي بن تميم، السكرتير العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، قد أكد، في معرض حديثه، بعض الأمور؛ من بينها دور أحد العلماء المستعربين في إثراء حركة الترجمة بين اللغتَين، وهو عالم الرياضيات والمستعرب الكبير إغناطيوس كراتشكوفسكي، الذي قدم “العربية” إلى القارئ الروسي في القرن العشرين من خلال ترجماته البديعة للقرآن الكريم، كما حصل على جائزة ستالين عام 1951 عن كتابه “الحياة بين النصوص العربية”؛ ما أهله لأن يكون أحد رواد الحركة الأدبية العربية- الروسية.

سفير دولة الإمارات العربية المتحدة معضد حارب الخييلي- ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف- والسكرتير العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب الدكتور علي بن تميم.. خلال جلسة الحوار الثقافي العربي- الروسي الذي عقد في موسكو- ديسمبر 2019

وأضاف علي بن تميم: “لقد قدَّم كراتشوفسكي مجموعة من الآداب العربية المهمة إلى القارئ الروسي، تضمنت أعمالًا للأدباء العرب؛ بدءًا من العصر العباسي ووصولًا إلى الحضارة الأندلسية، ولا تفوتنا الإشارة إلى المقال المهم الذي نشره عام 1910، وقارن فيه بين المتنبي وشاعر القرن العاشر المنتمي إلى مدرسة حلب (أبي العلاء المعري)، حيث لا يمكننا سبر أغوار العمق المعرفي الذي امتلكه هذا الرجل تجاه الشعر العربي، وما زالت أعماله تمثل أهمية بالغة لفهم الأدب العربي”.

وأشاد السكرتير العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب بدور العالم الأزهري المصري محمد عياد طنطاوي، صاحب كتاب “تحفة الأذكياء في أخبار بلاد روسيا”، التي سجل فيها مذكراته حول السنوات العشر الأوَل من إقامته في روسيا القيصرية بين عامَي 1840 و 1850.

شاهد: فيديوغراف..هل الفنون متعة خاضعة للأذواق أم قيمة خالدة؟

المزيد من الأعمال الأدبية المعاصرة

كان كوزنيتسوف قد تحدث في معرض الندوة الافتتاحية للحوار الثقافي العربي- الروسي عن المشتركات التي تجمع بين الأدبَين العربي والروسي، قائلًا: “على الرغم من امتلاك الثقافتَين العربية والروسية لتقاليدهما الخاصة، كلٍّ على حدة؛ فإن هناك أمرًا مهمًّا يجمع بينهما، وهو حب الأدب”، مضيفًا: “يتجلى ذلك الأمر حينما نتحدث عن الكلمة المكتوبة، ويمكننا تلمس ذلك في الطريقة التي يحترم بها كل ثقافة منهما التقاليد الشعرية الخاصة به على امتداد التاريخ القديم والمعاصر”.

المستعرب الروسي فاسيلي كوزنيتسوف يتحدث خلال الجلسة

ولم تخلُ الندوة من بعض الانتقادات لما شهدته حركة الترجمة المتبادلة بين الأدبَين العربي والروسي من خفوت على مدى العقدَين الماضيين؛ حيث أشار فيتالي نعومكين، مدير معهد الدراسات الاستشراقية بالأكاديمية الروسية للعلوم، إلى بعض الأمور؛ من بينها غياب التوازن في كمية الترجمات المتبادلة بين اللغتَين، حيث تتفوق الترجمات من الروسية إلى العربية على نظيرتها في الاتجاه المعاكس من حيث كمية الأعمال المترجمة، وهو ما يدعو إلى العمل بجد على المزيد من الأعمال الأدبية العربية التي تحتاج إلى الترجمة، فالأمر من وجهة نظر نعومكين يحتاج إلى مزيد من الاهتمام والدعم المالي؛ سواء من الحكومة أو القطاع الخاص.

اقرأ أيضًا: هل من حقنا أن نضع توقيعاتنا على أعمالنا الفنية؟

على الجانب الآخر، أكد نعومكين ضرورة أن تعكس الترجمات العربية من الروسية المزيد عن روسيا المعاصرة، وهو الأمر الذي اتفق عليه كلٌّ من نعومكين وتميم؛ حيث اعترف الأخير بأن الأعمال الروسية الكلاسيكية شهدت اهتمامًا أكبر من نظيرتها المعاصرة من قِبَل المترجمين العرب، كما عبر تميم عن تمنياته بأن تسهم جائزة الشيخ زايد للكتاب في تعميق التعاون مع الجهات الروسية المعنية بالأمر؛ على أمل أن ينجح ذلك في إنتاج ترجمة لأنطولوجيا الشعر والأدب العربي والإماراتي إلى الروسية، والعكس.

المصدر: زي ناشيونال

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة