الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
هل تصنف أوروبا الحرس الثوري الإيراني “منظمة إرهابية”؟
تتحرك أوروبا تجاه هذه الخطوة لعدة اعتبارات من بينها دور الحرس الثوري في القمع الداخلي والدعم الإيراني لروسيا في الحرب بجانب المخاوف الأمنية من تعزيز الشراكة مع موسكو

كيوبوست
بعد أسابيع من تصويت البرلمان الأوروبي على إدراج الحرس الثوري الإيراني باعتباره منظمة إرهابية مطلع العام الجاري، أعلن وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس، وجود إجماع متزايد بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تبني القرار، في خطوة وصفها بالضرورية ضمن خطوات أخرى يتبناها الاتحاد من أجل مواجهة التهديد الإيراني. كان الوزير لاندسبيرغيس، قد صرح في مقابلة مع موقع “أكسيوس“: “أوروبا لم تتوقع أن تطرق إيران بابها، وكانت إيران قضية تتعلق بالشرق الأوسط”، مؤكداً أن “التقارب بين إيران وروسيا بشكل متزايد يحتاج إلى مراقبة”. ومن المهم الإشارة إلى أن تصويت البرلمان الأوروبي غير ملزم للحكومات الأوروبية؛ فمثل هذه الخطوة التي تصفها التقارير الإعلامية بـ”المعقدة قانونياً” بيد المجلس الأوروبي باعتباره المخول الوحيد لتطبيق العقوبات.
وسبق أن أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية عام 2019 على خلفية الدعم طويل الأمد الذي يقدمه للجماعات المسلحة على غرار “حزب الله”، في وقت يعتبر فيه جناحه شبه العسكري “البسيج” أداة النظام لعمليات قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة خلال الشهور الماضية. ويقدر إجمالي أفراد قوات الحرس الثوري الإيراني بنحو 190 ألف فرد؛ حيث يمتلك قوات برية وبحرية وجوية خاصة، في ما يعتبر قوة عسكرية وسياسية واقتصادية حكومية إيرانية مهمتها مواجهة التهديدات التي يتعرض إليها نظام الحكم في إيران واستعراض قوتها في الخارج. يُذكر أن الحرس الثوري تأسس في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979 بقرار من المرشد الأعلى للثورة؛ بهدف “خلق توازن القوى” مع القوات المسلحة النظامية.

جدية الموقف الأوروبي

الموقف الأوروبي ليس بجديد، حسب الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية د.محمود حمدي، الذي يقول لـ”كيوبوست”: “الموقف الأوروبي تجاه الحرس الثوري شهد تحولاً كبيراً؛ خصوصاً بعد الدور الذي لعبه في قمع الاحتجاجات والتظاهرات الأخيرة”، معتبراً أن “هذه الخطوة تأتي ضمن مراجعة أوروبية للسياسات المتبعة مع إيران، وفي إطار تحول عام بالموقف الأوروبي من إيران”.
وأضاف أن أوروبا فرضت عقوبات على طهران في نوفمبر الماضي؛ بسبب الدعم الإيراني لروسيا في الحرب مع أوكرانيا، وهو أمر تزامن مع وجود قلق أوروبي من استغلال طهران إعادة إحياء الاتفاق النووي وتوجيه مواردها والأموال التي سيفرج عنها حال العودة إلى الاتفاق لدعم روسيا وتطوير جهودها العسكرية.
وأكد الباحث المختص بالشأن الإيراني أن تصريحات وزير الخارجية الليتواني لا تعني الإسراع بهذه الخطوة؛ خصوصاً أن الأمر لا يزال بحاجة إلى إقراره من المفوضية الأوروبية أو قيام إحدى الدول بإصدار حكم قضائي بشأن التصنيف ليتم تعميمه.
“للمرة الأولى تكون أوروبا جادة في هذه الخطوة”، حسب الباحث في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات مجاهد الصميدعي، الذي يقول لـ”كيوبوست”: “إن هناك محاولات أوروبية لإيقاف الدعم الإيراني لروسيا بشكل واضح، فضلاً عن أن هذه الخطوة ستكون الأكثر تأثيراً على الحرس الثوري الإيراني منذ تصنيفه منظمة إرهابية في الولايات المتحدة”.

وأضاف الصميدعي: “هناك مخاوف من تحول التحالف الروسي- الإيراني إلى تحالف استراتيجي؛ وهو أمر تدرك أوروبا انعكاساته السلبية عليها”، لافتاً إلى أن ثمة جهوداً أوروبية من أجل محاولة إيقاف نشاطات النظام الإيراني التي تهدد الأمن الأوروبي؛ ومن بينها هذه الخطوة.
وعلى الرغم من صعوبة التوافق الأوروبي على تصنيف الحرس الثوري الإيراني باعتباره منظمة إرهابية، حسب المحلل السياسي الإيراني علي نوري زادة، فإن وجود عشرات النماذج على تورط الحرس الثوري بعمليات إرهابية في المنطقة العربية وأوروبا، سيدعم فكرة اتخاذ مواقف فردية من دول أوروبية بوضعه على قوائم المنظمات والكيانات الإرهابية.
توافق صعب

يرجع علي نوري زادة صعوبة التوافق الأوروبي، لضخ بعض الدول استثمارات في إيران، ولديها مصالح آنية مباشرة مع طهران؛ بما يجعلها غير قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار، ومن بينها إيطاليا على سبيل المثال لا الحصر، لافتاً إلى أن عدة لجان فرعية ببرلمانات أوروبية بدول مثل فرنسا وألمانيا وحتى في بريطانيا؛ بدأت تناقش الفكرة بشكل جدي في الفترة الماضية.
يتفق محمود حمدي مع ما طرحه زادة حول وجود بعض القوى الأوروبية الفاعلة التي لا ترغب في الاندفاع نحو هذا الاتجاه في الوقت الحالي، وهو موقف يتبناه بعض المسؤولين؛ ومنهم مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في ظل التحسب من أن يؤدي اتخاذ هذا القرار إلى قطع قنوات التواصل المفتوحة بين أوروبا وإيران؛ ما قد يدفع طهران نحو التمادي في سياستها العدوانية دون اكتراث بمصالح الأوروبيين.
اقرأ أيضاً: الميليشيات الإيرانية: تهديد مستمر لاستقرار وأمن الدول
وأضاف أن أوروبا ستفكر كثيراً قبل الشروع في تصنيف الحرس الثوري باعتباره منظمة إرهابية؛ لكنه إذا حدث فسوف تكون له عواقب وخيمة على إيران، وسوف يعتبر تحدياً كبيراً لها؛ نظراً لأن الحرس الثوري ينهض بدور عسكري وسياسي واقتصادي واسع بالداخل، وسيواجه موقفاً أمريكياً وأوروبياً موحداً قد يعرقل جهوده ومصالحه.
يدعم علي نوري زادة هذا الرأي بالتأكيد أن القرار سيكون بالغ الأثر على النظام الإيراني؛ لأهمية الحرس في دعم النظام الحالي من جانب، ولأن اعتباره كياناً إرهابياً سيؤدي إلى إيقاف وتجميد جميع النشاطات والاستثمارات التي يقوم بها خارج إيران من جانب آخر؛ وهو أمر سيكون له انعكاسات سلبية على النظام بشكل مباشر وسريع.