الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

هل تسعى الصين لبناء تحالف منافس؟

كيوبوست – ترجمات

باتريشيا كيم

تعد شبكة تحالفات الولايات المتحدة إحدى الركائز الأساسية لسياستها الخارجية، كما أنها منحتها أفضلية كبيرة على الصين في المنافسة الجارية حالياً. وقد قامت إدارة بايدن بتعزيز تحالفاتها الطويلة الأمد الحالية؛ مثل تلك الموجودة مع اليابان وكوريا الجنوبية، كما قامت بتقوية شراكاتها المتعددة الأطراف؛ مثل تشكيل  AUKUS حديثاً.

أما الصين، والتي ابتعدت عن التحالفات الرسمية سابقاً، فإنها تظهر تراجعاً في مقاومتها للتحالفات، حيث بدأت بتطوير شراكاتها الاستراتيجية وتبادلاتها العسكرية مع بلدانٍ؛ مثل روسيا وإيران. ومع مرور الوقت، سيكون هذا التطور علامة فارقة في تاريخ هذا التنافس بين الصين والولايات المتحدة، كما سيقلِّل من عتبة الصراع الإقليمي للقوى العظمى.

اقرأ أيضاً: الصين.. منفق كبير أم مرابٍ كبير؟

للصين اليوم حليفٌ رسمي واحد بموجب اتفاقية دفاع مشترك، وهو كوريا الشمالية. وبالمقابل، لها الكثير من الشراكات الرسمية مع بلدان كثيرة في أنحاء العالم، وفي مقدمتها روسيا وباكستان، تليهما بلدانٌ أخرى في جنوب شرق آسيا، ومن بعد ذلك تأتي بلدان مثل مصر ونيوزيلاندا، بالإضافة إلى اتفاقياتٍ متعددة الأطراف؛ مثل منتدى التعاون الصيني العربي.

لقد تجنبتِ الصين منذ نشأتها إنشاء شبكة تحالفات رسمية، إلا أنه في السنوات الأخيرة حاول القادة الصينيون الإصرار على تجنب سياسات القوة التقليدية لصالح “التعاون المربح للجانبين”.

إلى جانب قرار بكين الاستراتيجي في بناء علاقاتٍ تتمحور حول العلاقات الاقتصادية لتحقيق القوة والنفوذ العالمي، قامت الصين أيضاً بتوسيع قدراتها العسكرية، واستخدمتها لتهديد تايوان والهند، والضغط على مطالباتها بالسيادة في شرق الصين، وبحر الصين الجنوبي. ولكن وعلى الرغم من ذلك، لم ترغب الصين باستخدام قوتها العسكرية للدخول في صراعاتٍ بعيدة المدى، والتزاماتٍ أمنية خارجية.  

الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد توقيع شراكة تنسيق استراتيجية شاملة بين الصين وروسيا- وكالات

أتت استراتيجية الصين في ممارسة الأعمال الاقتصادية مع أي كيان سيادي بثمارها، حيث رحّب العديد من شركائها بمشاركتها. وفي المقابل دعموا مصالحها الأساسية دبلوماسياً. وإلى جانب ذلك، تمكنت بكين من استخدام الضغوط الاقتصادية لمعاقبة الدول التي تتحدى مطالبها، كما فعلت مع أستراليا مؤخراً من خلال فرض رسوم جمركية مرتفعة على صادراتها. 

اقرأ أيضاً: كيف تهيمن الاستثمارات الصينية على اقتصاد باكستان؟

من المستبعد أن تتخلى الصين عن استراتيجيتها الجيواقتصادية في المدى القريب، إلا أنه يوجد سيناريوهان يمكن أن يدفعاها إلى بناء شبكة من الحلفاء: الأول شعورها بتدهورٍ حاد في بيئتها الأمنية ،تكون كلفته أكبر من كلفة الاتفاقيات العسكرية الرسمية، والثاني اتخاذها لقرار إزاحة الولايات المتحدة كقوة عسكرية مهيمنة عالمياً.

قد يتخذ القادة الصينيون مثل هذه القرارات في حال قدّروا أن المصالح الأساسية للحزب الشيوعي لن تكون قابلة للدفاع عنها دون إبرام اتفاقيات دفاع رسمية مع شركاء رئيسيين؛ مثل روسيا أو باكستان أو إيران. في الواقع، بدأت التقييمات الصينية بالتحرك في هذا الاتجاه، حيث أكدت بكين أنه لا يوجد “مناطق محظورة”، و”لا حدّ أعلى” لشراكة الصين مع روسيا، على الرغم من أنها ليست حليفاً.

اقرأ أيضاً: اللعبة الكبرى.. استراتيجية الصين الكبرى لإزاحة النظام الأمريكي

بالرغم من القيمة التي توليها الدولتان للاستقلال الاستراتيجي، فقد تبرمان اتفاقيات تقديم المساعدة المتبادلة، بما في ذلك العمليات العسكرية التقليدية، إذا اعتقدت أيٌّ من الحكومتين أنها تواجه تهديداً وجودياً.

يتجسد تغيّر موقف الصين أيضاً في تجديدها لاتفاقيةِ الدفاع المشترك مع كوريا الشمالية، مع وعودٍ لتطوير هذا التحالف إلى “مستويات جديدة”، وقيامها بتوقيع اتفاقية تعاون مع إيران لمدة خمسة وعشرين عاماً، وتأييدها لطلب إيران للحصول على العضوية الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون.

على الرغم من ضرورة تنشيط التحالفات الأمريكية في خضم هذه المنافسة الاستراتيجية، فإن على بايدن أن يدرك أنه يمكن لبكين أن تسعى لنفس التحالفات بالمقابل. وبغض النظر عن كون قراراتها نابعة من رؤيتها الاستراتيجية وطموحاتها. فعلى إدارة بايدن الحذر من كيفية ترجمة الصين لنجاحات الولايات المتحدة في حشد الحلفاء ليشكلوا تهديداً للصين.

المصدر: فورين أفيرز

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة