اسرائيلياتفلسطينيات
هل بدأت السلطة الفلسطينية مرحلة جديدة بوقف التنسيق الأمني؟

ما قبل أزمة المسجد الاقصى ليس كما بعدها، هكذا يبدو موقف السلطة الفلسطينية من العلاقة مع اسرائيل لمرحلة قادمة قد تكون مختلفة عما سبقها.
فالسلطة التي لم تدخر جهدا في التنسيق مع اسرائيل في معظم المجالات، الأمنية والمدنية والاقتصادية، وجدت نفسها بعد سنوات تسير في اتجاه مجهول لمصير القضية الفلسطينية، فلا أفق سياسي لعملية سلام، ولا احترام اسرائيلي لسيادة فلسطينية على مناطق “أ”، وهي المناطق المصنفة اسرائيليا تحت سيطرة كاملة للفلسطينيين.
لذا يبدو ان قرار وقف التنسيق الأمني الذي اتخذته السلطة، إبان ازمة الاقصى لم ينته بانتهائها، فالحديث يجري عن قرار قيادي فلسطيني بفرض شروط جديدة لعودته.
والتنسيق الأمني في جوهرة، هو تواصل شبه دائم بين الطرفين، حول اي اقتحام لمنطقة في الضفة، او فتح حواجز معينة ينصبها الاحتلال، ويشمل ايضا اعتقال نشطاء احيانا. وفي حين يواجه ادانة شعبية فلسطينية، الا ان السلطة تدافع بأنه الوسيلة الوحيدة للحفاظ على حالة استقرار داخلية كون الخيار المسلح يشوبه الفوضى ولم يعد مجديا امام القوة الاسرائيلية، كما ان البعض يفصله عن التنسيق المدني الذي يعتبره حاجة فلسطينية بسبب تحكم اسرائيل بالسفر والدخول والخروج من والى فلسطين.
ويبدو ان هذا التنسيق لا زال متوقفا تماما، ما يفسر خطوات وصفتها صحيفة “هآرتس” العبرية بالعقابية، اتخذتها اسرائيل ضد السلطة في مناطق الضفة، جراء استمرار تعليق التنسيق.
ومن بين هذه الخطوات، اقتحام قوة اسرائيلية لمكتب يعمل فيه موظفون في السلطة، في مدينة الخليل لمكافحة الجريمة وضبط الامن، واحتجاز افراده ومصادرة معدات المكتب.
وتواصل السلطات الاسرائيلية اغلاق “حاجز بيت ايل DCO”، وهو احد اهم الطرق التي يسلكها مسؤولو السلطة اثناء الخروج من مدينة رام الله التي تعد مركز الثقل السياسي للسلطة. وعادة ما كانت تغلق الطريق في حال اندلاع مواجهات قرب الحاجز، الا انه يفتح مجددا بعد انتهائها، فيما استمر اغلاقه هذه المرة، ما يعزز الاعتقاد بأن ثمة إجراءات اسرائيلية تقصد السلطة برام الله.
ونقلت الصحيفة الاسرائيلية عن مسؤول فلسطيني قوله “سمعنا بشكل واضح بأن المقصود خطوة عقابية، وكما يبدو فإننا سنواجه خطوات كهذه خلال الفترة القريبة بادعاء غياب التنسيق الامني”.
في المقابل، تم تداول أنباء منذ اتخاذ قرار وقف التنسيق، مفادها ان مسؤولي السلطة بمن فيهم الرئيس محمود عباس يحاولوا التقليل من تنقلهم لتجنب المرور عبر حاجز او اجراء اسرائيلي، طالما ان الضفة الغربية مقسمة بحواجز تعكر عيش الفلسطينيين يوميا.
ايضا، امتنع الرئيس محمود عباس عن السفر للخارج في خطوة مرتبطة بوقف التنسيق كما يبدو.
وكان مسؤولون فلسطينيون صرحوا ان استئناف التنسيق الامني لن يتجدد من دون اجراء تقييم جديد للأوضاع امام اسرائيل.
وحسب مسؤول رفيع في السلطة لصحيفة “هآرتس” فان “القيادة الفلسطينية تريد في الأساس، العودة الى الوضع الذي ساد قبل السور الواقي”، وهو الوضع الذي سبق قيام اسرائيل بحملة عسكرية انطلقت عام 2002 للقضاء على الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
واضاف المسؤول ان “الجانب الفلسطيني يطالب بإعادة الشرطة الفلسطينية الى معبر اللنبي وتقليص الاقتحامات والاعتقالات في المناطق (أ)، وتوسيع الصلاحيات للفلسطينيين في مناطق (ج)، والتسهيل على المعابر، معتبرا انه: “في غياب افق سياسي في الجانب الفلسطيني، لا يمكن مواصلة السلوك وكأنه لم يحدث أي شيء. اذا كانت اسرائيل معنية بالهدوء وبالتنسيق، فان هذا يحتم سلسلة من الخطوات”.
لكن الرهان الان هو مدى قدرة السلطة على الصمود في وجه الاجراءات الاسرائيلية، ومجاراتها، الا ان خطوة كوقف التنسيق تحظى بدعم شعبي فلسطيني جارف.