الواجهة الرئيسيةترجمات
هل تستطيع حكومة “حزب الله” إنقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار؟

كيوبوست- ترجمات
على الرغم من الظروف الجوية القاسية؛ فإن مئات المتظاهرين توجهوا نحو مبنى البرلمان ومصرف لبنان، الأسبوع الماضي؛ للاحتجاج على منح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب، بعدما فشلت جهود الحكومة للإعلان عن وجود خطة اقتصادية جديدة يتم تنفيذها خلال المئة يوم الأولى في تهدئة الغضب بالشارع.
اقرأ أيضًا: كيف مهَّدت الأحداث الداخلية إلى تحريك الشارع اللبناني ضد السلطة؟
يُنظر إلى الحكومة الجديدة التي منحها البرلمان الثقة باعتبارها استمرارًا لحكم أحزاب النخبة على الرغم من إطلاق اسم حكومة التكنوقراط عليها؛ بما يوحي أنها غير حزبية، بينما استبق منحها الثقة من البرلمان قرارٌ يخفض السحوبات من العملات الأجنبية إلى النصف من الحسابات البنكية للبنانيين.
اقرأ أيضًا: تداعيات سيطرة “حزب الله” على الحكومة اللبنانية
اختبار ثقة
على الرغم من وعود محافظ البنك المركزي رياض سلامة، بضمان أموال المودعين؛ فإن الثقة في هذه الوعود تلاشت منذ فترة طويلة، بينما ستخضع ثقة المجتمع الدولي في لبنان للاختبار الشهر المقبل، وهو الموعد النهائي لسداد سندات حكومية بقيمة 1.2 مليار دولار، وسيتبعها تسديد سندات أخرى بقيمة 2.5 مليار دولار في وقت لاحق من العام الحالي، وستكون الدولة اللبنانية مطالبةً إما بالسداد وإما طلب استبدال بالسندات الموجودة أخرى طويلة الأجل، وبالتالي إعطاء الحكومة فرصةً أطول لتمويل نفقاتها المستمرة.
يتبادل مصرف لبنان والحكومة اللبنانية إلقاء المسؤوليات بعضهما على بعض؛ ففي الوقت الذي أكد فيه سلامة أنه وَفقًا للقانون سيكون قرار تبديل السندات وتأخير السداد بيد الحكومة، تسعى الحكومة لإلقاء المسؤولية على مصرف لبنان، علمًا بأن نحو ثُلث حاملي السندات هم مستثمرون أجانب، والباقي بنوك ومواطنون لبنانيون، مع الأخذ في الاعتبار أن البنوك والشركات اللبنانية تعاني نقص الدولارات لتمويل أعمالها وأنشطتها منذ شهور طويلة.

شد وجذب
عبَّر حاكم مصرف لبنان بوضوح عن ضرورة أن تقوم الحكومة بسداد الديون؛ للحفاظ على وضع لبنان كدولة تفي بالتزاماتها، وبالتالي ضمان استعداد المؤسسات المالية الدولية لتقديم قروض تساعد الاقتصاد؛ لكنْ المواطنون اللبنانيون يعارضون القرار، ويرون أن المصلحة تتضمن طلب مجلس الوزراء تأجيل سداد الديون؛ حتى يتمكن من توفير الأموال اللازمة لاستيراد المنتجات الاستهلاكية والمواد الخام التي يمكنها تنشيط الاقتصاد.
لا يعتبر القرار بشأن مصير السندات بديلًا عن الموافقة على الخطة الاقتصادية وتنفيذها، والتي تبدو طموحة بشكل مفرط في ضوء الواقع السياسي للبنان؛ فالخطة التي تتضمن خفض أسعار الفائدة على القروض والإصلاح الهيكلي في النظام المصرفي بشكل عام، والبنك المركزي بشكل خاص، تتضمن أيضًا إعلانًا حكوميًّا للحرب على الفساد، وستشمل ملاحقة الجناة الذين قاموا بنقل الأموال من لبنان بطريقة غير مشروعة، مع تحسين نظام الكهرباء، وتسعيرها بشكل واقعي، فضلًا عن إعادة الأموال التي سُرقت من الدولة خلال عام؛ وهو ما يبدو حتى الآن شعارات جريئة.
اقرأ أيضًا: “حزب الله” يسعى لبناء خلايا نائمة جديدة في الخارج
سيتطلب بعض الأمور المطلوب تنفيذها تشريعات جديدة، وسيتطلب أيضًا تجاوز جدار المصالح الذي تضعه الأحزاب السياسية والزعماء، كما سيتم اختبار بعض هذه الأمور؛ خصوصًا في ما يتعلق بالحرب على الفساد وإعادة الأموال الحكومية المنهوبة التي وصلت إلى مواطنين عاديين، ومن ثَمَّ ستكون حكومة حسان دياب على موعد مع اختبار صارم من قِبَل المؤسسات الدولية؛ بما في ذلك صندوق النقد الدولي والدول المانحة التي جمَّدت مساعداتها إلى لبنان.

الدول المانحة و”حزب الله”
سيضطر المواطن اللبناني إلى تحمُّل الإجراءات الاقتصادية الجديدة، صحيح أن هناك احتجاجات اقتصادية انطلقت في لبنان؛ لكن المواطن الذي سيتحمل الإجراءات الجديدة لم يتحدث بعد، ربما يكون رئيس الوزراء قد ألزم نفسه باتخاذ تدابير لمنع تضرر الطبقات الأكثر فقرًا؛ لكن تبقى الطبقة المتوسطة التي تتحمل الضرائب المرتفعة هي التي يجب عليها أن تقرر كيف ستستجيب للقرارات المتوقعة بعدما أجبرت مئات المصانع الصغيرة والمطاعم ووكالات السفر وموردي الخدمات إلى الإغلاق.
إذ أثبتت الحكومة اللبنانية قدرتها على تنفيذ الخطة الاقتصادية، فسيكون على الدول المانحة والمؤسسات الدولية أن تقرر ما إذ كانت تنوي التعاون مع حكومة تضم أعضاء من “حزب الله” وتدعمه أم لا؛ فالتمويه عن الانتماء الحزبي تحت شعار حكومة الاختصاصيين أو حكومة التكنوقراط لا يمكن أن يخفي حقيقة دور “حزب الله” في الوقوف وراء تعيين عديد من الأعضاء بمَن فيهم غير المنتمين إلى الحزب فعليًّا.
اقرأ أيضًا: لبنان يدخل أزمة صرف خانقة مع اختفاء الدولار
لكن يبدو أن الاتحاد الأوروبي على الأقل مستعد لتجاهل هذه المشكلة مرحليًّا، وهو نفس الحال بالنسبة إلى الولايات المتحدة التي تواصل إرسال المساعدات العسكرية التي تلتزم بها، علمًا بأن الانهيار الاقتصادي للبنان قد يؤدي إلى تعميق نفوذ إيران وتعزيز قوة “حزب الله” الذي لا تعتمد عملياته العسكرية على تمويل الدولة.
المصدر: هآرتس