الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
هل تؤثر صراعات الميليشيات في ليبيا على نفوذ أردوغان؟
الهزة التي تعرض لها الاقتصاد التركي مؤخرًا بسبب "كورونا" كشفت عن تحول جذري في العلاقة بين هذه الجماعات وأردوغان

كيوبوست
يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أزمة مزدوجة، بعد أن تصاعدت حدة الخلافات بين الجماعات السورية الموالية له، والتي تمده بالمرتزقة للقتال في ليبيا، في وقتٍ احتدمت فيه الصراعات الداخلية بين عددٍ من ميليشيات “الوفاق” الليبية، بسبب اقتسام مناطق النفوذ والسيطرة.
الصراعات بين الفصائل السورية وصلت إلى مستويات خطيرة، بحسب معلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان، والذي كشف عن تطور الأمور لمعارك مسلحة بين فصائل “فيلق الرحمن” و”السلطان مراد” و”لواء المعتصم” شهدتها قرى أهراس وسودا وليلان في ريف تل تمر الشمالي الغربي، وريف رأس العين الغربي شمال الحسكة.
اقرأ أيضاً: مرتزقة أردوغان يتمردون عليه ويرفضون القتال في ليبيا
خلافات أجَّجَها الوضعُ الاقتصادي المتردي في تركيا، وعدم قدرة أردوغان على الوفاء بتعهداته والتزاماته المالية تجاه تلك الجماعات بسبب التداعيات الاقتصادية التي خلفها تفشي وباء كورونا.
وكان “فيلق الرحمن” من أوائل الجماعات التي أعلنت عصيانها لأوامر أردوغان بعد قرار خفض الرواتب رافضة إرسال مقاتليها إلى ليبيا، وشرعت جماعات أخرى بينها “أحرار الشرقية” و”جيش الشرقية” بإعلان التمرد إلا أن الاستخبارات التركية أرغمتهما على تقديم لائحة تضم 500 مقاتل، فيما قطعت أنقرة الدعم المادي عن فصيل “الجبهة الشامية” لرفضه القاطع إرسال عناصر للقتال في ليبيا، وفق صحيفة أحوال تركية.

تحول جذري
الهزة التي تعرض لها الاقتصاد التركي مؤخراً بسبب “كورونا” كشفت عن تحول جذري في العلاقة بين هذه الجماعات وأردوغان، بحسب الكاتب الصحفي محمد عبد القادر رئيس تحرير صحيفة “شئون تركية” موضحاً، في تعليقه لـ”كيوبوست” أن العلاقة انتقلت لحسابات المكسب والخسارة فقط، في حين توارت الخلفية الأيدلوجية المشتركة، “ولم يعد للمشروع الإسلامي الذي يروِّج له الرئيس التركي أية أهمية عند هؤلاء الذين بدأوا في التمرد عليه بعد قرار تخفيض رواتبهم، حيث تحولوا بالفعل إلى إنكشاريين جدد، أو عناصر مرتزقة يقاتلون لقاء المال فقط”.
اقرأ أيضًا: جائحة “كورونا” في طريقها لتفجير أزمة اقتصادية في تركيا
هذه الصدامات لن تنتهي حيث باتت جزءاً من الأزمة الليبية، بحسب رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يرى خلال حديثه إلى “كيوبوست” أن “هذه الميليشيات لها مناطق نفوذ تسيطر عليها، وبالتالي فإن هناك نزاعات بينها على الغنائم والسرقات والقرى التي ينهبونها، حيث ثمة معارك لإحكام السيطرة على الأمور من طرف كل جماعة”.

المخابرات التركية
للاستخبارات التركية دور كبير في فرض سيطرتها على هذه الميليشيات، التي لا تملك قراراً يخص الأزمة، بحسب عبدالرحمن الذي يشير إلى أن “أنقرة تستطيع أن تحكم السيطرة على هذه العناصر الملوثة والفاسدة والتي تدرك جيداً حدود تحركها، وأن هذه الصراعات لها خط أحمر، لا يمكن أن تتجاوزه بالشكل الذي لا يؤثر على الوجود التركي في ليبيا، لأن استمرار هذه الصراعات ووصولها لمراحل أبعد من ذلك لن يكون في صالح أردوغان”.
في الداخل الليبي، تعمقت الخلافات بين الميليشيات الموالية لأنقرة ولحكومة الوفاق بطبيعة الحال، حيث اندلعت معارك مسلحة بين كتيبتي “قوة الردع” و”ثوار طرابلس”، التابعتين لها، وهي معارك هزت منطقة زاوية الدهماني في العاصمة طرابلس.
اقرأ أيضاً: في ليبيا.. مرتزقة أردوغان متهمون بنشر الفوضى ونقل الوباء
وتأتي هذه الصراعات في ظل صدامات خفية بين قادة هذه الميليشيات من جهة وبين وزير داخلية “الوفاق” فتحي باشاغا الذي اعتقل اثنين من قادتهم مؤخراً، هما أدهم ناصوفي وهاني مصباح، ما خلق حالة واسعة من التمرد وصلت لتهديد بعض الميليشيات بالانسحاب من ليبيا.

ويبدو أن “المصالح المتبادلة هي التي خلقت مجالاً للتفاوض والتعاون بين هذه الجماعات والميليشيات المسلحة وبين أنقرة، حيث ساعدت أردوغان على شرعنة وجوده في ليبيا”، بحسب رئيس تحرير مجلة شؤون تركية.
اقرأ أيضًا: “الوفاق” تستجدي التوافق بعد خسائر فادحة في ليبيا
يرى عبدالقادر أن هذه الميليشيات سمحت لتركيا بالتواجد والتمدد في ليبيا لسببين: الأول هو الخلفية العقائدية لكل من تركيا وهذه الميليشيات التي تعتنق الفكر الجهادي المتطرف، فضلاً عن التعاون الاقتصادي إذ داومت تركيا على شراء النفط من هذه الجماعات، من خلال سيطرتها على بعض المناطق في ليبيا، وبعد أن توارى التوافق الأيديولوجي لصالح المال، فإن “هزة اقتصادية عنيفة مثل التي تعيشها تركيا الآن ربما تؤدي إلى بعض التغيرات في المعادلة الليبية مستقبلاً”.